عزيز رباح يتساءل: أين دور الدولة في مواجهة فساد دعم المستوردين؟

0
147

في خطوة قد تكون محورية لتحديد المسؤوليات وتفعيل معايير الشفافية في البرامج الحكومية، ظهرت مؤخراً أنباء عن تحقيق قضائي فتحته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول استفادة بعض مستوردي الأبقار والأغنام من مبالغ ضخمة وإعفاءات ضريبية دون أن يترجم ذلك إلى خفض حقيقي في أسعار اللحوم. ما تأثير هذه القضية على وضعية الدعم الحكومي؟ وهل أصبح الوقت مناسباً لفتح ملفات أخرى شائكة؟ هذا ما طرحه الوزير السابق عزيز رباح في مقالته التي سلطت الضوء على هذه القضية المثيرة للجدل.

من خلال هذه الحادثة، تتضح واحدة من أبرز التحديات التي يواجهها المغرب في سياق سعيه لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لمواطنيه، خاصة في ظل أزمة غلاء المعيشة التي تؤرق الشارع المغربي. فما يثير الاستفهام هو دور بعض الأفراد في استغلال الدعم الحكومي لتحقيق أرباح مبالغ فيها على حساب المواطن البسيط الذي لم يرَ أثرًا لهذه الإعفاءات على الأسعار في السوق.

كيف يمكن أن تكون هذه السياسات فعالة إذا كانت لا تحقق أهدافها المعلنة؟ هنا، يطرح عزيز رباح تساؤلات مهمة حول مصداقية هذه البرامج وآليات تنفيذها.

لماذا لا تحقق برامج الدعم أهدافها؟

تفتح هذه القضية الباب على مصراعيه للأسئلة المتعلقة بمصداقية آليات الدعم وآلية اختيار المستفيدين. هل فعلاً تم اختيار المستفيدين بناءً على معايير عادلة؟ وهل كانت آليات الرقابة والمتابعة فعالة بما فيه الكفاية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة؟ من الواضح أن التحقيقات ستشمل كل التفاصيل بدءاً من اختيار المستفيدين مروراً بتسعير اللحوم والرقابة على عمليات الاستيراد.

في مقاله، دعا عزيز رباح إلى ضرورة تقييم كل مراحل هذه العمليات لضمان أن الدعم يصل إلى مستحقيه.

من جانب آخر، تثير هذه القضية تساؤلات حول نطاق الحزم الذي يجب أن تفرضه الدولة في مواجهة هذه الممارسات، وكيف يمكن تفعيل آليات الرقابة بشكل أكثر صرامة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان توزيع الدعم بشكل عادل.

فهل بات من الضروري أن تأخذ الدولة إجراءات حازمة لاستعادة مصداقية هذه البرامج؟ وكيف يمكن استعادة ثقة المواطنين في سياسات الدعم؟ هذه الأسئلة كانت في قلب مقالة رباح الذي دعا لتفعيل الرقابة بشكل أكثر صرامة.

العدالة والمحاسبة: هل تتغير السياسة؟

بينما تسعى الدولة إلى تطوير مختلف القطاعات عبر مئات الملايير من الدراهم في مختلف المجالات مثل الفلاحة والصناعة والسياحة والنقل، نجد أن بعض المسؤولين والمستفيدين من هذه البرامج قد خانوا الأمانة في تنفيذها. هذا التفريط يؤدي إلى إهدار فرص كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة، ويخلق حالة من الإحباط لدى المواطنين الذين يجدون أنفسهم ضحايا لسياسات اقتصادية غير فعالة. في هذا السياق، يؤكد رباح على ضرورة تفعيل المحاسبة وتوضيح المسؤوليات بشكل دقيق لتفادي تكرار مثل هذه الممارسات.

في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على دعم مختلف القطاعات عبر حوافز وإعفاءات ضريبية ضخمة، يزداد تراكم الجشع عند بعض الأطراف التي تزداد جرأتها لتقوم بتمويه الحقيقة عبر القيام بأعمال خيرية ظاهرياً. هل يمكن أن يتوصل التحقيق الحالي إلى كشف هذه الممارسات الخفية؟ وهل ستتمكن الدولة من محاسبة الجميع دون استثناء لضمان العدالة؟ من الواضح أن محاسبة الفاسدين وحدها لن تكون كافية إذا لم يتم إصلاح النظام بالكامل، كما أشار عزيز رباح في تحليله.

تقييم شامل لبرامج الدعم: الطريق إلى المستقبل

إن عملية حسم الملفات المعقدة في هذا السياق تتطلب أن تذهب الدولة أبعد من مجرد محاسبة الأفراد الذين يسيئون استخدام الدعم. من الأهمية بمكان أن يتم تقييم شامل لجميع برامج الدعم في القطاعات المختلفة، بدءاً من معايير اختيار المستفيدين وصولاً إلى نتائج هذه البرامج. هل تحتاج الدولة إلى نظام شفاف أكثر عدالة وحزماً في توزيع الدعم؟ وهل يمكن إصلاح النظام الحالي ليكون أداة حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة بدلاً من كونه وسيلة لمراكمة المكاسب غير المشروعة؟

المؤكد أن هذه القضية ستدفع نحو ضرورة مراجعة شاملة لسياسات الدعم، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الفلاحة والصناعة. يتعين على الحكومة أن تضع آلية رقابة صارمة ومحاسبة دقيقة لضمان توزيع الدعم بشكل يحقق الفائدة القصوى للمجتمع، بدلاً من أن يصبح ساحة لاستغلال الجشعين.

الخلاصة:

لا شك أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تنفيذ برامج الدعم بشكل فعال. لذا، فإن نجاح هذه المبادرة قد يكون بمثابة نقطة تحول في مسيرة البلاد نحو تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة. يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الدولة من فرض الحزم اللازم، ومتى ستظهر نتائج ذلك على الأرض؟