وصف أحمد عصيد الناشط الأمازيغي معاشات ” الوزراء والبرلمانيين” بـ “الريع” و”الدفاع عنه صفافة وقلة آدب “.
وعكس نظام المعاشات في المغرب، الذي يتكون من المساهمات التي تُقتطع من أجور الموظفين ومساهمات الدولة، فإن الوزراء يحصلون على معاش استثنائي دون أن يساهموا بشيء.
أحمد عصيد، الناشط الأمازيغي الحقوقي قال في تصريح لـ”هسبريس” إن “معاش الوزراء والبرلمانيين واحد من أوجه الريع التي يجب أن تزول، استجابةً للمطالب الشعبية، وحفاظاً على سمعة المؤسسات”.
وقال عصيد معاش الوزراء والبرلمانيين، فيه ثلاثة مشاكل ، لأنه ليس مهنة وهو تمثيلية لمنتخب مهمة في البرلمان أو طلع للحكومة بصفة “وزير”، وهذه المهمة تنتهي بسنوات معينة ويعود الإنساء غلى المنهة له الأصلية.. السبب الثاني : أن هذا التقاعد الذي يطالب هؤلاء بعدم إلغائه ، غير مؤدا عنه بمعنى أن التقاعد المعروف هو صندوق يؤدى فيه تقاعد الموظف نصف حياته المهنية كلها ثم يجده من بعد.. المشكل الثالثة هو : أن هذا التقاعد من أحد أنواع الريع ” تستفيذ منه مبلغ مالي بدون عمل “.
ويؤكد عصيد على إنه “ليس هناك من مبرر للإبقاء معاش الوزراء وكافة المعاشات الاستثنائية، وعلى البرلمان أن يبادر بإعداد مقترح قانون يلغي هذا المعاش، ويقطع مع أي وجه من أوجه الريع”.
كما هو الشأن بالنسبة للبرلمانيين، لم يكن وزراء المغرب يستفيدون من أي معاش بعد الاستقلال حتى سنة 1993، حينها أصبح الوزراء يتقاضون معاشاً بقرار من الملك الراحل الحسن الثاني.
وعلى حسب الرواية المتداولة، فقد نمى إلى علم الملك الراحل الحسن الثاني أن أحد الوزراء السابقين يعيشون وضعاً مالياً صعباً، فأصدر ظهيراً يمنح الوزراء معاشاً بعد انتهاء خدمتهم، وذلك حفظاً لكرامتهم.
ومنذ ذلك الوقت أصبح بإمكان الوزراء السابقين أن يتقاضوا معاشاً يبلغ حوالي 40 ألف درهم (4000 ألف دولار)، لكن الظهير الملكي يشترط أن يكون مدخول الوزراء السابقين أقل من مبلغ المعاش.
وبحسب الظهير فإنه لا يستحق عضو الحكومة السابق المعاش ما دام مجموع المداخيل الشهرية الصافية من الضرائب التي يحصل عليها، مهما كان منشأها أو طبيعتها، يساوي أو يفوق مبلغ المعاش، و”إذا كان مجموع المداخيل أقل من مبلغ المعاش فإن الوزير السابق لا يستحق إلا المقدار الذي يزيد عن مبلغ مجموع المداخيل التي يحصل عليها عضو الحكومة السابق”.
كما ينبغي على الوزراء السابقين الراغبين في الاستفادة من المعاش أن يدلوا إلى رئيس الحكومة بتصريح بالشرف، يتضمن إقراراً بالمداخيل التي يحصلون عليها.
ويبدو أن الطبقة السياسية في المغرب ترى في معاش الوزراء أعطية ومنحة ملكية لا يجب إلغاؤها إلا بمبادرة من الملك، إلا أن عبدالعزيز أفتاتي النائب البرلماني السابق يرى أنه على البرلمان أساساً أن يتحمل مسؤوليته ويلغي هذا الريع.
في حالة وفاة الوزير المستفيد من المعاش، يحق لأرملته وأيتامه، وكذلك لأبويه اللذين يعولهما عند الاقتضاء الحصول على نصف معاشه.
وبحسب عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن توريث هذا المعاش مظهر آخر من مظاهر الريع، وعدم المساواة بين المواطنين، قائلاً: “صحيح أن بعض الوزراء قدموا خدمات للدولة، لكن لا ينبغي أن يحصلوا على تعويضات مدى الحياة، ويورثوا ذلك لأبنائهم”.
من جهته، يرى الباحث في العلوم السياسية، مصطفى العلوي، في حديث سابق أن “التركيز على هذه الأمور يدخل في باب الشعبوية، فمن المهم ألا تترك الدولة من قدموا إليها خدمات ضحية لنوائب الدهر”، معتبراً أن الحفاظ على كرامتهم يحفظ هيبة الدولة.
مقابل ذلك، يقول عبدالعزيز أفتاتي “لا أعتقد أن هناك وزيراً اليوم في حاجة إلى معاش ريعي، فمن المؤكد أن الوزراء يُختارون من بين كفاءات المغرب، الذين لهم وظائفهم وشركاتهم التي تدر عليهم أموالاً”.
تجدر الإشارة إلى أن أزمة تقاعد البرلمانيين انطلقت مع بداية الولاية الحكومية الثانية للعدالة والتنمية، بعدما أعلن صندوق تقاعد البرلمانيين إفلاسه الكامل واستحالة صرف تقاعد البرلمانيين السابقين والحاليين، وهو ما دعا البرلمانيين السابقين لتشكيل تنسيقية طالبت بصرف تقاعدهم على أساس انخراطاتهم السابقة، قبل أن تقرر نفس التنسيقية رفع دعوى قضائية إدارية ضد رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، على أساس أنهم التزموا طيلة مدد ولايتهم التشريعية السابقة، والتي وصل بعضها لأربع ولايات، بأداء الانخراطات، التي كانت إلزامية تجاه صندوق الإيداع والتدبير، ما يعني أن رئيس مجلس النواب خالف قانونا ساري المفعول، بغض النظر عن النقاش السياسي الذي يخلفه موضوع معاشات البرلمانيين.
وكان الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، قد أعلن في ندوة صحفية عن كون إفلاس الصندوق الذي يدبر ملف تقاعد أعضاء مجلس النواب، كان سببا في تأجيل صرف معاشات البرلمانيين عن الولاية الانتدابية السابقة.
من جهة ثانية، يخضع تقاعد الوزراء السابقين، بعد انتهاء ولايتهم، لظهير شريف وقعه الملك الراحل الحسن الثاني حدد شروط استفادة أعضاء الحكومة السابقين من التقاعد، يمكنهم من الحصول على تقاعد شهري يقارب 40 ألف درهم، مع إثبات مداخليهم في مذكرات يوقعها رئيس الحكومة بشكل سنوي، وهو التقاعد الذي يواجه بمعارضة شرسة من قبل شرائح كبيرة من المغاربة، ويثير الكثير من الجدل، فيما يعتبر الوزراء السابقون أن إلزامية التصريح بمداخليهم السنوية، بشكل سنوي، يحد من استفادة الكثير من الوزراء السابقين من هذا التقاعد، ويعتبرون انتظار التوقيع السنوي من رئيس الحكومة إذلالا في حقهم.
وكان فريق العدالة والتنمية (يقود الأغلبية الحكومية) قد قدم مقترحا يقضي بالتصفية التدريجية لصندوق تقاعد البرلمانيين، في أفق إلغائه بشكل نهائي، والبحث عن صيغة يتم بموجبها إلغاء مساهمة الحكومة في تمويل الصندوق بشكل نهائي، بالمقابل أبدت باقي أحزاب الأغلبية رفقة حزب الاستقلال (معارضة) معارضتها للمقترح وتقديم آخر يقضي بإصلاح النظام من خلال رفع سن الاستفادة من التعويض إلى 65 سنة، وتقليص مساهمة الأفراد من 700 إلى 500 درهم، ويصبح تدخل الحكومة لسد العجز إذا حصل.
ورفضت فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارضة)، هذين المقترحين، ودعت إلى إلغاء نظام تقاعد البرلمانيين بشكل نهائي وعاجل.
بينما اقترح فريق حزب الأصالة والمعاصرة، بعد اعتباره استفادة البرلمانيين من التقاعد “ريع وغير دستوري”، أن يتم إنشاء “صندوق للتضامن” مع البرلمانيين.