عمر بلافريج وجيل Z: هل يعود صوت اليسار عبر بوابة الديسكورد؟

0
116

في لحظة تتقاطع فيها السياسة مع الغضب الرقمي، والاحتجاجات مع محاولات الفهم، ظهر اسم عمر بلافريج من جديد في فضاء النقاش المغربي. فبعد غيابٍ دام سنوات منذ انسحابه من العمل الحزبي المباشر سنة 2021، وجد النائب البرلماني السابق نفسه محاطاً بجيلٍ وُلِد في عالمٍ بلا أوهام حزبية، ولا وسائط تقليدية، بل في فضاءٍ يُبنى بالصوت والصورة والكلمة على “ديسكورد”.

من البودكاست إلى الديسكورد: اليسار الرقمي الجديد

اختيار جيل Z 212 استضافة بلافريج ليس تفصيلاً عابراً. إنه انتقال رمزي لليسار المغربي من المنابر الفكرية إلى غرف الدردشة، ومن خطابات البرلمان إلى النقاشات الصوتية المفتوحة. فبلافريج، الذي لطالما مثّل ضميراً نقدياً داخل اليسار، يعود هذه المرة ليس بوصفه زعيماً سياسياً، بل كفاعل يُصغي أكثر مما يتكلم، في لحظة يطالب فيها الشباب بأن يُسمَعوا لا أن يُؤطروا.

هذا التحول في طبيعة الحوار – من اللقاءات التقليدية إلى فضاء “ديسكورد” – يعكس أيضاً نهاية الوساطة السياسية القديمة، وبداية نوع جديد من التواصل الأفقي بين الأجيال، حيث لا تُفرض الأجندات من فوق، بل تُبنى من تحت، بين الشباب أنفسهم.

بين السطور: رسالة سياسية غير معلنة؟

توقيت اللقاء ليس بريئاً. أن يُعلن عن لقاء بلافريج مع “جيل Z” قبل يومين فقط من الخطاب الملكي المرتقب، يفتح الباب أمام قراءة متعددة المستويات.

هل يسعى بعض مكونات اليسار إلى إرسال رسالة للقصر مفادها أن الحوار مع الشباب ممكن عبر وسطاء ووجوه نزيهة فقدت ثقتها في الأحزاب لكنها لم تفقدها في الوطن؟

أم أن اللقاء هو مجرد تفاعل طبيعي في زمن سياسي مفتوح، حيث لم يعد الشباب ينتظرون الإذن ليطرحوا أسئلتهم الكبرى؟

في الحالتين، اللقاء يضع السلطة السياسية أمام معادلة جديدة: جيلٌ متصل رقمياً، لكنه منفصل عاطفياً عن الدولة.

جيل Z.. لا يطلب التمثيل بل الاعتراف

الحوار المرتقب على “ديسكورد” ليس حدثاً رقمياً عابراً، بل تمرين في السياسة المستقبلية. جيل Z المغربي، بخلاف الأجيال السابقة، لا يسعى لتشكيل حزب أو رفع شعارات تقليدية. إنه جيل يسائل مفاهيم أعمق: العدالة الاجتماعية، الكرامة الرقمية، معنى المواطنة في زمن اللايقين.

ومن هنا قد يُفهم سبب انجذابه لشخصيات مثل بلافريج — منسحبة من المؤسسات لكنها غير معادية لها، نقدية دون أن تكون فوضوية، وواقعية دون أن تنغمس في الصفقات السياسية.

ما بعد اللقاء.. هل يبدأ حوار وطني جديد؟

قد يكون هذا اللقاء مجرّد اختبار، لكنه يرسم ملامح تحوّل وطني أكبر: فالحوار الحقيقي مع جيل Z لن يمر عبر الوزارات أو المؤتمرات، بل عبر فضاءات يختارها بنفسه، بمنطقه، وبإيقاعه.

وإذا التقط الخطاب الملكي يوم الجمعة المقبل هذه الإشارات، فقد نشهد بداية مرحلة جديدة من التواصل السياسي في المغرب — مرحلة تُعيد تعريف من يتحدث باسم من، ومن يُصغي لمن.

خلاصة تحليلية:
لقاء بلافريج مع شباب “GenZ 212” ليس مجرد نقاش على “ديسكورد”، بل حدث رمزي يختبر المسافة بين الدولة وجيلها الجديد، ويكشف أن المغرب يعيش لحظة انتقال سياسي ناعم من الحزب إلى المنصة، ومن الشارع إلى الخادم الصوتي.

والسؤال الذي يبقى مفتوحاً: هل سيتحوّل هذا اللقاء إلى مقدّمة لحوار وطني رقمي حقيقي، أم سيُقرأ فقط كظاهرة عابرة قبل خطابٍ ملكي ينتظره الجميع بترقّب؟