فَجّر هروب ملاكمين منتخب الملاكمة المغربي،رضى البويحياوي (وزن -60 كلغ)، وإلياس بنلمليح (وزن -75 كلغ)،من مقر إقامة بعثة المنتخب الوطني للملاكمة شباب المشارك في بطولة العالم الجارية منافساتها ببولندا، وسعيهما للحصول على الجنسية الغربية، قضية هروب الرياضيين المغاربة إلى الخارج، والتخلي عن جنسيتهم لتمثيل دول أخرى في البطولات الدولية.
وبينما يتهم المسؤولون ومؤيدو الوزارة الوصية الرياضيين المغاربة الهاربين بالخيانة والبحث عن الشهرة والأموال، يقول خبراء ومراقبون إن هؤلاء الرياضيين يفضلون الدفاع عن ألوان دول أخرى؛ فرارا من ضعف الإمكانيات والإهمال والتعقيدات الإدارية. ويعاني اللاعبون في غالبية الرياضات في المغرب، الجماعية والفردية، باستثناء كرة القدم، من ضعف الاهتمام الرسمي والشعبي، وقلة الموارد المتاحة لهم للتدريب والمشاركة في البطولات الدولية، حيث يشكون من قلة المشاركة في البطولات الدولية ومعسكرات الإعداد الخارجية، سواء بسبب ضعف الإمكانيات، أو إجبارهم على تحمل تكاليف السفر بأنفسهم إذا أرادوا تحقيق حلمهم الشخصي في الفوز ببطولة دولية…
هذه الحالات وغيرها التي تتفاوت ظروفها وملابساتها تختلف الآراء بشأن الجهة أو الجهات المسؤولة عن حدوثها، إذ ترى فئة من المتابعين أن الجانب الضاغط الذي يدفع العديد من الرياضيين للهجرة خارج المغرب هو العوز الاجتماعي والاقتصادي، وهو أمر لا ينفصل عن الدوافع وراء لجوء آلاف المغاربة والأفارقة للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، التي تنتهي ببعضهم غرقى في مياه المتوسط.
ويضاف إلى دوافع المهاجرين عموما أن بعض الرياضيين يجدون في الهجرة الوسيلة الوحيدة للتخلص من سوء المعاملة وسوء الإدارة من قبل بعض مسيري الجامعات والأندية الرياضية وبمؤازرة وتأييد مديرية الرياضة ومندوبياتها في البلاد، فحتى إذا لم يهاجر بعض الرياضيين لأسباب اجتماعية واقتصادية فإنهم يهاجرون بطريقة غير نظامية أو أثناء المشاركة في مناسبات رياضية هربا من سوء الإدارة وتعامل بعض المسؤولين الرياضيين.
ومما لا شك فيه أن قطاع الرياضة والشباب في المغرب هو مجال حيوي لا مناقشة فيه على افتراض أنه مسؤول عن تأطير شريحة هامة من سكاني البلاد اللذن هم من الشباب الممثل للعنصر الحيوي في الهرم السكان كما أنه مكلفٌ بتسيير الرياضة وسياستها بكيفية تخول النهوض بهذا القطاع نهوضاً يخدم المغرب ويخدم الرياضيين كما هو معلوم، والمسألة لا تحتاج إلى تعليق إضافي.
غير أن السوسي، رئيس المنظمة الوطنية للنهوض بالرياضة وخدمة الأبطال الرياضيين، كإعلامي وصحفي وفاعل جمعوي ومتتبع لقطاعي الشباب والرياضة في بلادنا يسمع عن مجموعة من الاختلالات في قطاع مضطرب لا يسير سيره العادي الشيء الذي يشكل قاصمة الظهر لمجال قلنا عن أنه حيوي وذو أهمية فقد أفادتنا الأخبار مؤخراً أن هذه الاختلالات تجلت في كون ميزانية ضخمة ترصد للجامعات الرياضية من غير أن تحقق النتائج المرجوة من أنشطة هذه الجامعات ، بمعنى أن هناك أموالا عمومية تهذر ووقةً يضيع وطاقات بشرية تتلاشى بسبب سوء التدبير وعدم انتظام الأمور في مجال الشباب والرياضة.
فإدا نحن تساءلنا عن أسباب هذه الاختلالات وسوء التدبير المشار إليه فإنه لا مفرّ من أن نسمي الأمور بمسمياتها هنا في هذا الصدد وأن نُحَمّل المسؤولية الكاملة في ذلك للوزارة المشرفة على قطاع الشباب والرياضة والوصية عليهما.
ومن ذلك أن هذه الوزارة لا ترد على المراسلات التي تتوصل بها على سبيل المثال، من “المنظمة الوطنية للنهوض بالرياضة وخدمة الأبطال الرياضيين” الجهاز الوحيد المخول قانونيا للدفاع عن الرياضة والرياضيين ومراقبة ومتابعة طريقة تسيير هذا القطاع الحيوي من أجل ضمان النهوض به نهوضا يخدم قضية الرياضة في المغرب وكذا قضايا المشتغلين بالرياضة من رياضيين وأبطال بأن تهتم بشؤونهم الإدارية فيما يخص الترقية ورفع الحيف وما إلى ذلك.
وإذ أن هذه المنظمة تكتسي الأهمية التي ذكرنا، فإنه كان حرياً بوزارة الثقافة والشباب والرياضة أن تولي الاهتمام كل الاهتمام لمراسلة هذه المنظمة إذ أن كلا الطرفين يجتمعان للعمل في مجال واحد والوصول إلى نفس الهدف ألا وهو خدمة الرياضة والرياضيين في المملكة وإبراز طابع الرياضة المغربية بما يليق بها من أهمية.
ولا بأس من إثارة الانتباه في هذا الصدد إلى أن ما يعانيه قطاع الرياضة من تفكك واضطراب وفقر قد تبيّن بكيفية جلية منذ خمس سنوات بمناسبة الألعاب الأولمبياد بالبرازيلي تلكم الألعاب التي رجعت منها الفرق المغربية المشاركة بخفي حنين رغم الطواقم الرياضية التي سافرت للبرازيل على نفقة الوزارة من المال العام، ومع ذلك ورغم هذه النتائج الهزيلة والمضحكة والمخجلة ومع هذا الإهذار بقية الوزارة على ما هي عليه من التخللخل والفقر الإداري ولم يتم محاسبة المسؤولين في مديرية الرياضة عن هذا الحدث المؤسف وغيره من الأمور المؤسفة بل إننا نشاهد أن المساهمين في هذا الإخفاق قد تم إعفائهم بطلب مهم تهربا من كل مسائلة من طرفهم ثم تم إلحاقهم بجامعات ملكية كانوا هم وراء إنشائها ليشغلوا بها مناصب مديرين إداريين حتى تصبح هذه الجامعات أدات طيعةٌ في أيديهم ويستفدوا من الامتيازات المخولة لهم بصفتهم مديرين إداريين داخل هذه الجامعات.
وبهذه الطريقة فعوض أن تتم مساءلة مسؤولين عن الإخفاق لمدة سنوات داخل الوزارة الوصية على قطاع الشباب والرياضة ، فإنه يتم تكريمهم بترقية لم يكونوا يحلمون بها، وبهذه الطريقة يُفلتون من المساءلة عن الخلل والإخفاق وتبدير المال العام وما إلى ذلك من هذه الأمور التي تجري داخل الوزارة الوصية والتي لا تخفى على أحد.
ومما لا شك فيه ان إحداث قطاع جديد ممثلا في “كتابة للدولة في قطاع الرياضة” أو “مندوبية سامية للرياضة” سيعمل كما قلنا على ضمان مزيد من الفعالية التي تخول تحقيق نتائج مرضية في هذا القطاع الذي هو في حالة احتضار منذ سنوات !! .
وفي هذا الصدد نظرا للضعف الذي تعاني منه وزارة الشباب والرياضة، ننصحها من الآن بعدم التفكير نهائياً في المشاركة بواسطة منتخابات وطنية في الألعاب الأولمبية المرصودة لسنة 2020 بطوكيو اليابان، وذلك حتى لا يكرر المكرر وتتكرر المهزلة التي حصلت بالأمس القريب في البرازيل وما أدرك ما تلك المهزلة التي لازالت عالقة بالأذهان لما رافقها من خزي تجلى في نتائج جد مخجلة كتلك التي حصلت عليها المنتخبات المغربية أنذاك وما ذلك إلا للضعف الذي أشرنا إليه من سوء التدبير والإرتجال وسوء التسيير وهلمّ جارً.
حكايات هروب أبطال مغاربة
قصص عديدة اختار فيها رياضيون مغاربة الهجرة إلى أوروبا. ففي أغسطس 2018، تم الإعلان عن “هروب” لاعبة كرة القدم مريم بويحيد خلال مشاركة المنتخب المغربي النسائي في دوري “كوتيف” الدولي بإسبانيا.
“هروب” يجري من خلال استغلال الرياضي لوجوده بالبلد الأوروبي، فيغادر مجموعته، ويقرر كسر التأشيرة والبقاء بالبلد المضيف للمنافسة، وهذا ما حدث أيضا للمصارعيْن أيوب حنين وأنور تانغو، خلال مشاركتهما في دوري بإسبانيا في يونيو 2018.
وفي يناير 2018، وبينما كان المنتخب المغربي لكرة اليد يستعد للبطولة الإفريقية بإحدى المدن الإسبانية، تفاجأ الجميع بغياب كل من هشام بوركيب، لاعب مولودية مراكش، ويوسف الطماح، لاعب نادي وداد السمارة، ليتأكد هروبهما، ويعود المنتخب للديار بدونهما.
اختاروا “الهروب”، منهم من شكل له ذلك بداية مشوار وتألق جديد، ومنهم من التهم البحر المتوسط حلمه وجثته.
عبد الحكيم عاد ليقول: “بعد سنوات طويلة في العدو الريفي، خصوصا أني لا أملك حرفة ولم أتابع دراستي، أرى أن المستقبل غامض أمامي، الرزق بيد الله، ولكن أرى أني ضيعت نصف عمري في هذه الرياضة بدون مقابل”.
وأضاف: “لم يتواصل معي أي مسؤول”، مشيرا أن “البطل المغربي
سبق أن أشرف علي تدريبه منذ سنتين، من ماله الخاص وحققت 1.49 دقيقة في 800 متر (الرقم القياسي العالمي في سباق 800 حققه للكيني ديفيد روديشا بتوقيت 1.40 عام 2012) ، ولكن بعدما لم يجد مساعدة من طرف جهات أخرى (لم يحددها) توقف على تدريبي”.
وبحسب عبد الحكيم، فإن “البطل المغربي السابق سعيد عويطة أخبرني أنه لم يجد من يدعمه من أجل تدريبي، وأنا أملك كافة المقومات للوصول للعالمية، فقط أحتاج إلى دعم”.
وأردف عبيد وهو يتأمل عشرات الميداليات أمامه: “إذا لم أجدل حلا سيكون القارب هو البديل”، معربا عن أمله في إيجاد عمل يمكنه من “المراوحة بين العمل والتدريبات”.