غرق ثلث العائلات المغربية في الديون..ارتفاع ديون العائلات بـ3.6% لتصل إلى نحو 18 مليار دولار!

0
297

تقرير: جمال السوسي

“خد قرضك الآن ولا تبدأ في سداده إلا بداية العام المقبل”، “اشتري منزلك ونحن نتكلف بكل شيء”.. يكفي أن تقوم بجولة قصيرة بشوارع العاصمة المغربية الرباط حتى تصادفك لافتات تشجعك على الاقتراض ونسب فوائد صغيرة بالخط العريض تحض المارة على اقتناء السكن أو سيارة أو حتى السفر في العطل.

قال تقرير جديد لبنك المغرب المركزي ،إن ديون العائلات والأفراد في المغرب ارتفعت في شهر فبراير ومارس المنصرمين، بـ1.8 مليار دولار، أي 180 مليار سنتيم، بزيادة بلغت نسبتها 3.6 % مقارنة مع مارس 2022، وفق بنك المغرب.

ورغم رفع معدلات الفائدة على القروض من قبل البنوك اقترضت الأسر المغربية ما قيمته 382 مليار درهم، أي 38.2 ألف مليار سنتيم، متم مارس الماضي.

وأظهرت الإحصائيات النقدية الصادرة عن بنك المغرب، مؤشرات أخرى حول صعوبة الوضعية المالية للأسر، رغم عدم تفصيل نوعية القروض الني حصلت عليها، لتكشف فقط عن ارتفاع إجمالي القروض الاستهلاكية بزائد 0.4 % خلال مارس الماضي، أي بـ1.5 مليار درهم، لتقفز إلى 57.7 مليار درهم.

ومن جهتها، سجلت القروض معلقة الأداء بذمة الزبناء، بينهم الأسر، لفائدة البنوك، تطورا بزائد 2 % مقارنة مع مارس 2022، أي بـ4.3 ملايير درهم، لتقفز إلى 90.6 مليار درهم. 

وحسب أرقام الدراسة، التي أنجزتها الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين في وقت سابق، فإن أسرة من بين ثلاث أسر تضطر إلى الاقتراض لتلبية حاجياتها الشهرية، من مختلف الأنواع سواء الإستهلاكية أو العقارية. 

المصدر نفسه أضاف أن 52 بالمئة من المقترضين لديهم قرض واحد، و34.7 بالمئة لديهم قرضان، بينما هناك نسبة ضئيلة لديها ثلاثة قروض وأكثر.

والسبب، حسب الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين، في تنوع القروض يرجع بالأساس إلى التسهيلات التي تقوم بها شركات القروض لتشجيع المغاربة على الاقتراض، ودفعهم للشراء وقد تكون أحيانا أشياء غير ضرورية تثقل كاهل الأسر.

عن أسباب اتجاه المغاربة إلى الاقتراض، سجلت دراسة”الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين”أن ربع المقترضين قصدوا المؤسسات البنكية للحصول على قرض لشراء سيارة و19 بالمئة حصلوا على قرض لاقتناء تجهيزات منزلية، فيما حصل 17 بالمئة من عينة الدراسة على قرض لتمويل دراسة أطفالهم.

وأضافت الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين في الدراسة، إن ثلث المقترضين يستعملون قروضا جديدة من أجل سداد قروض سابقة، ويدخلون في متاهة من الديون.

تعليقا على الأرقام التي جاءت بها هذه الدراسة، قال خالد أشيبان، باحث في الاقتصاد والمالية ونائب رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هذه الأرقام ليست مفاجئة، وذلك بالنظر لأجور عامة المغاربة، لا سيما الموظفين الذين يحصلون على القروض بسهولة”.

وأضاف أشيبان “أجور الموظفين مجمدة منذ عام 2011، لكن كلفة العيش تعرف ارتفاعا مستمرا. والطبقة المتوسطة هي المعنية أكثر بهذه الدراسة، لأنها تلجأ أكثر من غيرها للقروض، وتخسر أموالا كثيرة على أشياء كان من المفروض أن تتوفر لها بالمجان مقابل الضرائب التي تدفعها.”

وتابع: “الموظفون المغاربة يضطرون للدفع من أجل تلقي تعليم جيد لأبنائهم، ولضمان التطبيب لأسرهم، ولشراء سيارة بسبب ضعف النقل العمومي. وما يعمق أزمة الطبقة المتوسطة هو بعض المصاريف الجانبية كالدروس الخصوصية للأبناء وهواياتهم، أو الرغبة في الترفيه عن النفس من خلال السفر داخل أو خارج المغرب؛ هذه مصاريف كبيرة ليست في متناول معظم الأسر. وهذا ما يفسر لجوء أغلبها للاقتراض”.

من جانبه، يقول إدريس خدري، وهو أستاذ التعليم العالي والخبير في إنفاق الأسر: “هناك أنواع من الديون، منها ما هو جيد ومفيد للأسرة، وهي التي تمكن من تحقيق أهداف واضحة، ويتم تسديدها في آجالها.”

ودعا خدري إلى تفادي ما يسمى “لولبية الديون” أي الخروج من دين والدخول في آخر، مضيفا أن كل أسرة يجب أن تحدد ميزانية واضحة لكل المصاريف بما في ذلك التغذية والنقل والرياضة والادخار والاستثمار، وذلك لتجنب الوقوع في الشراء الاندفاعي الذي قد يوقع بالموظف في شباك الديون.

في السياق ذاته، حث الخبير في الإنفاق، على ضرورة التواصل داخل الأسرة بكل ما يتعلق بالمال والمصاريف، داعيا الأزواج إلى “الشفافية المالية” حتى تكون ميزانياتهم واضحة، وذلك لتحقيق الاكتفاء والتعامل بذكاء مع المال المتوفر.