تواصلت، مساء الأثنين، المظاهرات بعدة مدن مغربية، تضامنا مع فلسطين وقطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف وجرائم حرب منذ أشهر مخلفا آلاف الضحايا المدنيين.
وشهدت عدة مدن، أمس وقفات احتجاجية وعلى رأسها مدينة طنجة، في حين تتواصل الدعوات للاستمرار في تنظيم أشكال احتجاجية، مساء يومه الثلاثاء، في إطار “رمضان النصرة والمدد”.
ويواصل المواطنون المغاربة في احتجاجاتهم المطالبة بإسقاط التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الصهيوني، مع الضغط لوقف حرب الإبادة وفتح الممرات أمام المساعدات الإنسانية للدخول إلى القطاع الذي يعيش على وقع الحصار والتقتيل والتجويع.
وفي ذات الإطار، واستمرارا في مبادرات الدعم، دعت الجامعة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي إلى تخليد يوم الأرض الفلسطيني، جعل يوم 30 مارس يوما أمميا لدعم الشعب الفلسطيني وإدانة الإبادة الجماعية والمجازر اليومية والحملات القمعية وسلسلة الاعتقالات التي يمارسها الكيان الصهيوني بدعم من القوى الإمبريالية العالمية ضد سكان غزة والضفة وباقي الداخل الفلسطيني.
ودعت النقابة التعليمية في نداء لها نساء ورجال التعليم والطلبة والتلاميذ إلى تنظيم وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني بالمؤسسات التعليمية خلال فترات الاستراحة يوم الجمعة 29 مارس 2024.
كما دعت إلى تكثيف أنشطة وعروض تعريفية بالقضية الفلسطينية وسط التلاميذ والطلبة، وفضح الدعاية الصهيونية وكل أشكال التطبيع مع كيان الأبارتايد الصهيوني الاستعماري الدموي، مع الانخراط في كل الأشكال النضالية المخلدة ليوم الأرض الفلسطيني.
خلَّفت الحرب على غزة أكثر من 30 ألف شهيد، معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية غير مسبوقة ودمارا هائلا في البنى التحتية والممتلكات؛ بحسب بيانات فلسطينية وأممية؛ مما استدعى مثول إسرائيل، للمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.
وتنظم هيئات مدنية عديدة في المغرب فعاليات تضامنية مع غزة، مثل الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية) التي نظمت 1850 مظاهرة منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى 14 يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب أحدث إحصاء للهيئة.
ويطالب المحتجون في المغرب بوقف الحرب على غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني نزح منهم حوالي مليونين، بالإضافة إلى رفع الحصار المفروض على القطاع منذ 17 عاما، وإدخال مساعدات إنسانية كافية، في ظل شح إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود جراء الحرب وقيود إسرائيلية؛ مما جعل ربع السكان على حافة مجاعة أودت بالفعل بحياة أطفال.
ويرجع حقوقيون وإعلاميون مغاربة، في تصريحات صحفية، هذا الزخم الشعبي إلى ارتباط المغرب التاريخي بفلسطين، وإجماع المغاربة على دعم غزة على الرغم من اختلافهم في قضايا أخرى، إلى جانب حركية الجمعيات الحقوقية في المملكة، وحرية تنظيم الفعاليات فيها.
ووفقا للحقوقي والإعلامي محمد الطالبي فإن المملكة تعرف آلاف المظاهرات على مدار السنة، وأحيانا يصل العدد في اليوم الواحد إلى 200 مظاهرة في مختلف المدن من تنظيم مختلف الفاعلين.
وقال الطالبي : “قد يختلف المغاربة حول مجموعة من القضايا، ولكنهم لا يختلفون حول القضية الفلسطينية، ومتفقون على أنها قضية عادلة وتستحق المساندة”.
ودعا “ضمير العالم إلى الانتباه إلى هذا الشعب، الذي أُبيد منه لحد الساعة ما يقارب 3 أو 4 بالمئة جراء الهجوم الإرهابي الإسرائيلي”.
الطالبي شدد على أن “المغرب تاريخيا ملتزم بالقضية الفلسطينية رسميا وشعبيا، وعلى مستوى الفاعلين السياسيين والنقابيين”.
وأوضح أن “القضية الفلسطينية هي أولا قضية حق للإنسان، قبل أن يكون عربيا أو إسلاميا، وقضية شعب هُجر من أرضه وعاش نكبتي 1948 و1967، واليوم تشهد غزة مجزرة رهيبة بمثابة نكبة إنسانية تحاول القضاء على القضية الفلسطينية”.
وهذا الوضع “يجعل من الواجب التضامن على الأقل عبر الوقفات والاحتجاجات وتذكير العالم والضمير العالمي والمؤسسات العالمية بأن هناك قضية يُراد لها أن تنتهي قصرا بتشريد شعب من أرضه ووطنه، وعلى الإنسانية جمعاء أن تتخذ موقفا سريعا لوقف الإبادة الجماعية”، كما زاد الطالبي.
الوقفات في المغرب أقل ما يمكن تقديمه للفلسطينيين، الذي يتعرضون للإبادة كل يوم أمام أنظار العالم.. بهذه العبارات بدأت الإعلامية سعيدة شريف حديثها للأناضول.
وانتقدت ما وصفتها بـ”المبادرات الضعيفة” في العالم العربي للتضامن مع غزة، مشددة على أنه من “العيب والعار أن يصل (الوضع في القطاع) إلى هذا المستوى من التقتيل”.
وشددت على أن المبادرات في العالم العربي كان يجب أن تكون قوية، خاصة أن ما يحصل “إبادة جماعية”.
ويختلف حجم الفعاليات الشعبية والرسمية تجاه غزة بين الدول العربية والإسلامية، ويرى مراقبون أن الدعم لفلسطين في هذه الدول لم يصل إلى المستوى المطلوب؛ تحت وطأة معطيات سياسية تختلف أحيانا من دولة إلى أخرى.