غضب مستشفى أكادير يهدد منصب المديرة الجهوية للصحة: أزمة ثقة واحتقان شعبي

0
203
صورة : و م ع

في ظرف أيام قليلة، تحوّل مستشفى الحسن الثاني بأكادير إلى بؤرة ضغط اجتماعي حاد، يسلط الضوء على هشاشة المنظومة الصحية في جهة سوس-ماسة، ويضع المديرة الجهوية للصحة، لمياء شاكري، أمام اختبار مصيري لمستقبلها الوظيفي. الاحتجاجات المتكررة أمام المستشفى، وارتفاع صوت المواطنين وفعاليات المجتمع المدني، تؤكد وجود أزمة ثقة عميقة بين الجمهور والقطاع الصحي الجهوي.

وقفات احتجاجية مستمرة وضغوط غير مسبوقة

شهدت الجهة وقفتين احتجاجيتين خلال أسبوع واحد، رفع فيهما المواطنون شعارات تنتقد تردي الخدمات، الاكتظاظ، وتأخر المواعيد، إضافة إلى المطالبة بإقالة المديرة الجهوية وفتح تحقيق عاجل في وفيات أليمة أثناء الولادة. التدخلات الأمنية لم تمنع تصاعد الاحتقان، فيما دعا ناشطون حقوقيون إلى تحقيق قضائي عاجل وشفاف، إضافة إلى تدابير استعجالية لتقوية الموارد والتجهيزات الطبية.

سؤال جوهري: هل تكفي هذه التدابير الطارئة لتهدئة غضب الشارع، أم أن الأزمة تتطلب إعادة هيكلة أكثر شمولية للمرفق الصحي؟

محاولة تهدئة رسمية بميزانية ضخمة وخطط إعادة التأهيل

في خطوة استباقية، نظمت شاكري لقاء صحافي عشية إحدى الوقفات، قدمت فيه أرقامًا رسمية عن حجم الضغط على المستشفى، مؤشرات النشاط الطبي، وشرحًا للتحديات البنيوية: نقص الموارد، الاكتظاظ، وتأخر التجهيزات الضرورية. كما أعلنت عن خطة إعادة التأهيل والتوسعة بميزانية تناهز 200 مليون درهم، تشمل إنشاء عيادة نهارية، مسارات عاجلة، وتعزيز الاستقبال.

لكن هذه الجهود لم تمتص غضب المواطنين، إذ ظلّت الفجوة واضحة بين الرقم المعلن رسميًا و”التجربة اليومية للمريض”، وهو ما دفع كثيرين إلى شخصنة الأزمة عبر توجيه اللوم مباشرة إلى شاكري.

سؤال تحليلي: لماذا لم تنجح هذه الخطط الطارئة في إيقاف موجة الغضب، وما الدروس المستفادة من تجربة التواصل مع الشارع؟

البعد الرمزي والسياسي للمديرة الجهوية

تحمل شخصية شاكري رمزية مضاعفة: فهي طبيبة ذات مسار إداري طويل، شغلت عدة مواقع جهوية، وتولت المنصب الحالي منذ 2022، كما أن انخراطها في حزب التجمع الوطني للأحرار يُعيد إلى السطح الحديث عن حصانة سياسية محتملة. هذا البُعد الحزبي يجعلها محورًا مزدوجًا للضغط الشعبي والسياسي، ويزيد من صعوبة اتخاذ القرارات الإدارية العاجلة دون النظر إلى الجانب الحزبي والحسابات الحكومية.

أزمة مزدوجة: ضغط شعبي وانقسام سياسي

المستشفى الجهوي الحسن الثاني لا يخدم أكادير وحدها، بل يستقبل حالات معقدة من كل المدن الجنوبية، ما يخلق اختلالًا بين الطلب والقدرة الاستيعابية. ومع أن شاكري اعترفت بهذا الواقع، فإن تركيز الغضب الشعبي على شخصها يظهر حاجة المواطنين لإجراء ملموس وفوري يرمز إلى المحاسبة والشفافية.

أسئلة مفتاحية:

  • هل ستؤدي الضغوط الشعبية إلى تغيير القيادة الجهوية للصحة؟

  • كيف يمكن للوزارة أن توازن بين حماية الأطر والكفاءات ورضا المواطنين؟

  • ما الإجراءات العاجلة التي يمكن أن تحسن جودة الخدمات الصحية قبل انتهاء السنة التشريعية؟

هل يكفي التجميل الإعلامي لإسكات الشارع؟ أوزين يسائل الوزير عن العلاج الجذري

تداعيات القرار على مستوى الوزارة والسياسة المحلية

مصادر مسؤولة تشير إلى أن الوزارة تعكف على مزيج من المعالجة التقنية والإجراءات الإدارية والسياسية، قد يشمل تغييرات على مستوى القيادات الوسطى وربما العليا، مع الحفاظ على الاستمرارية في مشاريع إعادة التأهيل. وتعد الزيارة الأخيرة لوزير الصحة وسلسلة الورشات المصغرة محاولة لاعتماد “الصدمة التنظيمية” بدل الاكتفاء بالوعود الخطية.

الخلاصة

أزمة مستشفى أكادير تمثل نموذجًا مكثفًا للتحديات التي تواجه القطاع الصحي في المغرب: ضغط اجتماعي، هشاشة تنظيمية، ازدواجية مهام قيادية، وتأثيرات حزبية على إدارة الخدمات العامة. أي قرار مستقبلي، سواء بتغيير القيادة الجهوية أو تعزيز الموارد، سيكون مؤشرًا حقيقيًا على قدرة الحكومة على ربط المسؤولية بالمحاسبة واستعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الصحية.