انتقدت جمعيات حقوقية مغربية، السبت، بشدة، ما أسموه “حرمان” المواطنين المغاربة من الحصول على تأشيرة الدخول إلى بلدان أوروبية وخاصة فرنسا. واعتبرت موقف دول الاتحاد الأوروبي وتعاطيها المتسم بالتشدد، وتقليص عدد تأشيرات دخول التراب الأوروبي الممنوحة للمواطنين المغاربة، مُسجّلة تصاعد رفض طلبات الحصول على التأشيرات في الآونة الأخيرة، وتحوّله إلى “سلوك ممنهج” من طرف القنصليات الأوروبية.
وعبر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان (21 هيئة غير حكومية) عن احتجاجه القوي على سلوكات بعض قنصليات دول الاتحاد الأوربي بسبب تعاملها مع طلبات وطالبي التأشيرة بالمغرب في “تنكر بيّن لالتزامات بلدانهم الدولية في مجال حقوق الإنسان”.
وطالب الائتلاف الحقوقي في مذكرة وجهها لسفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، الجمعة، المصالح المعنية للاتحاد الأوروبي بالمغرب ومصالح وزارات خارجية دول الاتحاد الأوروبي بوقف “المعاملات المهينة والحاطة من الكرامة والمناقضة لادعاءات بلدانهم باحترام حقوق الإنسان”.
وحسب المذكرة، فإن هذه المعاملات المهينة تصاعدت في الآونة الأخيرة وأصبحت سلوكا ممنهجا من طرف القنصليات المكلفة بفحص طلبات المواطنين المغاربة للحصول على التأشيرة لدخول دول الاتحاد الأوربي، مضيفة أن القاعدة المعمول بها أصبحت هي رفض تمكينهم من التأشيرة.
وفي هذا السياق، دعا الائتلاف الحقوقي، في رسالة وجّهها إلى سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، قنصليات دول الاتحاد إلى “الحرص على التعليل الموضوعي لرفض طلبات التأشيرة، احتراماً من دول الاتحاد الأوروبي لالتزاماتها، وانسجاماً مع قوانينها المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومع القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وأثار قرار الدول الأوروبية تقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة، خلال الأشهر الماضية، غضباً عارماً، كان من أبرز صوره تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط، بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للتنديد بحرمان السفارة الفرنسية، على وجه الخصوص، عشرات الآلاف من المغاربة التأشيرة من دون مبرر قانوني، وبخلفية سياسية تمييزية، وذلك تحت شعار: “حقوق الإنسان لا تقبل المساومة يا ماكرون”.
وانتقل الغضب الشعبي في المغرب، الذي تقوده منظمات حقوقية، مع استمرار رفض السلطات الأوروبية، وخصوصاً الفرنسية، منح عدد من المغاربة تأشيرات دخول إلى أراضيها، إلى مرحلة جديدة، بعد أن تقدمت بشكوى أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق المدنية والسياسية.
كما أعلن “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”، عن تحرك عملي لمواجهة ما سماه بـ”الإجراءات التعسفية”، التي تقدم عليها سفارات دول الاتحاد الأوروبي بخصوص رفض منح تأشيرات دخول التراب الأوروبي لفئات عريضة من المغاربة، من خلال اللجوء إلى القضاء وبلورة صيغ للتحرك والترافع، من أجل ضمان احترام حق التنقل من طرف سفارات الدول المعنية، احتراماً منها للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح الائتلاف أن ذلك يتجلى في التقليص الكبير والمفاجئ لفرص الحصول على التأشيرة، وعدم تعليل مصالح هذه القنصليات لأسباب الرفض الكبير والمتواتر لطلبات التأشيرات وعدم إعادة رسومها.
وأضاف أن تفويت دول الاتحاد الاوروبي تدبير إجراءات دفع الطلبات والحصول على الجواب لشركات وسيطة قد ضاعف من معاناة طالبي التأشيرة خصوصا من الناحية المادية.
وكانت أزمة التأشيرات، قد أثارت جدلا واسعا إثر رفض المصالح القنصلية الفرنسية منح تأشيرات لعدد كبير من المغاربة، بينما تباينت الآراء بين من عزا الأمر إلى “أزمة صامتة” بين البلدين ومن يفسره بإجراءات قانونية لطلب التأشيرات كانت فرنسا أعلنت عنها في سبتمبر من العام الماضي.
وكانت الحكومة الفرنسية قررت في أيلول/سبتمبر 2021 تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغرب والجزائر إلى النصف، مبررة ذلك برفض البلدين استعادة مهاجرين غير نظاميين تريد باريس ترحيلهم.
وصفت الرباط حينها هذا القرار بأنه “غير مبرر”. فيما حذر مثقفون، في نقاشات أثيرت حوله مؤخرا، من كونه “يعاقب” الفئات الوسطى للمجتمع المغربي المرتبطة أكثر من غيرها بفرنسا.
وبلغ إجمالي عدد المغاربة الذين تقدّموا بطلب الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي “شنغن” في العام الماضي 157 ألفاً و100 شخص، فيما رُفض 39 ألفاً و520 طلباً، وهو ما يمثّل إجمالي 27.6%، الأمر الذي يعني أنّ معدّل الرفض أعلى بكثير مقارنة بمتوسط معدّل الرفض العالمي لطلبات تأشيرة “شنغن”.
في حين، كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا أنّ القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت 69,408 تأشيرات فقط في عام 2021 مقارنة بـ342,262 تأشيرة في عام 2019، و98 ألف تأشيرة في عام 2020، على الرغم من تقييد السفر الدولي على خلفية أزمة كورونا الوبائية.
في المقابل أوضحت مصادر دبلوماسية فرنسية أن “معدلات رفض التأشيرات التي تروج في بعض وسائل الإعلام المغربية ومواقع التواصل الاجتماعي بعيدة عن الواقع”.
وأكدت أن “عدد التأشيرات التي منحت للطلبة المغاربة في فرنسا خلال (فترة) الدخول الجامعي لهذا العام تساوي تلك التي منحت العام الماضي”.