لم يعد انهيار البنايتين في حي المستقبل بفاس مجرد حادث عرضي مفاجئ. فمع كل ساعة تمرّ، تتسع دائرة الأسئلة ويتحوّل الركام إلى مرآة تعكس اختلالات أعمق من مجرد خلل هندسي. فقد أعلنت النيابة العامة، الأربعاء، فتح بحث قضائي في الفاجعة التي أودت بحياة 22 شخصًا حتى منتصف اليوم، في ظل مؤشرات أولية تتعلق بشبهات عدم احترام رخص البناء وضوابط التعمير.

تدخل النيابة العامة… خطوة أولى نحو كشف المتوارِي
مصادر قضائية ومحلية أكدت لـ”الصحيفة” أن قرار النيابة العامة جاء عقب ظهور معطيات أولية تلمّح إلى تجاوزات محتملة في البنايتين المنهارتين، سواء تعلق الأمر بالعلو المسموح به أو بتنفيذ الأشغال دون احترام المعايير التقنية.
وهنا تتولد أولى الأسئلة:هل نحن أمام خلل فردي أم أمام ثغرة بنيوية في منظومة المراقبة والتتبع؟
اجتماع طارئ… وإدارة أزمة تكشف حجم الصدمة
والي جهة فاس – مكناس، خالد آيت الطالب، ترأس اجتماعًا مستعجلًا للتداول في تبعات الانهيار وتحديد المسؤوليات. لكن خلف هذا التحرك الرسمي، يظل هجس المواطن هو: هل يكفي اجتماع لتفادي تكرار سيناريو تحوّل المساكن إلى مقابر؟
فالاجتماع الطارئ، بقدر ما يعكس حالة الاستنفار، يكشف أيضًا أن الانهيار لم يكن مفاجئًا تمامًا، بل نتيجة سلسلة من حلقات غير مرئية تتعلق بالمراقبة، بالزجر، وربما بغياب المتابعة.
شهادات ميدانية وشبهات ثقيلة
بينما كانت فرق الإنقاذ تواصل سباق الزمن بحثًا عن ناجين، بدأت شبهات تحوم حول أسماء من القطاع والميدان:مقاولون… رجال سلطة… أطراف يفترض أن تكون الضامن الأول لاحترام العلو المسموح به والمعايير التقنية لبناء آمن.

السؤال هنا يتجاوز الواقعة إلى الواقع: كم من بناية في المغرب اليوم تواجه المصير نفسه دون أن نعرف؟
تفاصيل الفاجعة… حين انهار البيت على ساكنيه
السلطات المحلية قالت إن البنايتين تتكونان من أربعة طوابق، وتقطنهما ثماني أسر. الانهيار وقع ليل الثلاثاء – الأربعاء، وحين وصلت فرق الوقاية المدنية كانت الأولوية للبحث والإنقاذ وتأمين محيط الحادث.

جرى إجلاء سكان المنازل المجاورة، في إجراء احترازي، تحسبًا لانهيارات أخرى. وتم نقل المصابين إلى المستشفى الجامعي بفاس، بينما استمرت عمليات رفع الأنقاض بحثًا عن أشخاص يُحتمل أنهم ما زالوا عالقين.
من المسؤول؟ سؤال الشارع قبل أن يكون سؤال القضاء
بعيدًا عن المأساة الإنسانية، يفتح الحادث بابًا عريضًا للنقاش حول:
-
مدى صرامة مراقبة أوراش البناء
-
فعالية أجهزة التعمير المحلية
-
مستويات مساءلة من يوقعون، ومن يغضّون الطرف، ومن يشيّدون
-
مكان المواطن في منظومة الحماية العمرانية


