فرحات مهني بين صحراء المغرب وجبال القبائل: حين يصحّح التاريخ أخطاءه القديمة
لم يكن تصريح فرحات مهني، زعيم حركة استقلال منطقة القبائل ورئيس حكومتها المؤقتة، مجرد موقف عابر على منصّات التواصل. بل بدا كأنّه اعتراف مزدوج: اعتراف بانتصار الدبلوماسية الملكية المغربية في ملف الصحراء، واعتراف آخر بعمق المأزق التاريخي الذي تعيشه الجزائر في علاقتها بمكوّناتها الوطنية.
فحين وصف مهني قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء المغربية بأنه “تصحيح لخطأ تاريخي”، لم يكن يقرأ الحدث من زاوية التضامن السياسي فحسب، بل من زاوية المقارنة التاريخية بين مسارين متعاكسين: مسار استعاد فيه المغرب سيادته على أراضيه بفضل رؤية استراتيجية قادها الملك محمد السادس، ومسار فقدت فيه منطقة القبائل حقها في تقرير مصيرها تحت وصاية نظام لم يتحرر بعد من رواسب الدولة العسكرية.
التحليل العميق لتصريحات مهني يكشف أن الرجل لا يتحدث فقط عن الجنوب المغربي، بل عن خريطة جديدة للشرعية في شمال إفريقيا. فحين يعترف زعيم القبائل بسيادة المغرب على صحرائه، فهو في الواقع يعيد تعريف مفهوم “التحرر” في المنطقة: تحررٌ لا يمرّ عبر الانفصال أو الخطابات الثورية، بل عبر الشرعية المؤسساتية والرؤية الملكية البعيدة المدى التي استطاعت أن تجعل الأمم المتحدة نفسها تتحدث اليوم بلغة المغرب، لا بلغة خصومه.
لكن مهني، وهو يستحضر في منشوره على “إكس” ذكرى معركة إيشيريدن عام 1857، بدا وكأنه يوجّه رسالة مزدوجة: فالتاريخ الذي أعاد للمغرب صحراءه، لم يُنهِ بعد استعمار القبائل داخل الجزائر. لذلك دعا إلى إغلاق ما سمّاه “الفتحة الاستعمارية” التي ما زالت تحرم الشعب القبائلي من سيادته على ذاته، معلنًا عن موعد رمزي جديد — الرابع عشر من دجنبر 2025 — ليكون لحظة ميلاد “دولة القبائل الحرة”.
Le Maroc a récupéré son Sahara.
La Kabylie va récupérer son indépendance.C’est par un accident de l’histoire, une parenthèse coloniale française, que le Royaume du Maroc a perdu le territoire que le Conseil de sécurité de l’ONU vient de lui restituer.
Mes vives… pic.twitter.com/GBMBKhkLlR— FERHAT MEHENNI (@FerhatMhenni) November 1, 2025


