في ظل تحولات السياسة العالمية، أصبحت العلاقات المغربية-الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تشهد تحولات هامة ومؤثرة على مستوى التعاون الاستراتيجي بين البلدين. أحد أبرز المواضيع التي كانت حاضرة في هذه العلاقات هو دعم الولايات المتحدة لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، حيث تم اتخاذ العديد من المواقف التي أبرزت المغرب كحليف قوي ومؤثر في المنطقة.
لكن السؤال المطروح: هل يمكن أن تسهم هذه العلاقات الاستراتيجية في تعزيز فرص المغرب للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وتمثيل إفريقيا في هذا المنبر المهم؟
توطيد العلاقات المغربية-الأمريكية: خطوة مهمة نحو تمثيل إفريقيا في مجلس الأمن
شهدت الفترة التي تولى فيها ترامب الرئاسة الأمريكية تطورات لافتة في العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة. ففي إطار دعم استراتيجي طويل الأمد، أظهرت الإدارة الأمريكية السابقة رغبتها في تعزيز الشراكة مع المغرب في العديد من القضايا، بما في ذلك الأمن والاستقرار في إفريقيا. وقد تجسد هذا التعاون العسكري والأمني في العديد من الصفقات والمبادرات المشتركة.
من ضمن أبرز ما شهدته هذه الفترة كان دعم الولايات المتحدة لموقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء المغربية، وهو ما يعد خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. كما أن عودة ترامب إلى الساحة السياسية تشكل فرصة جديدة للمغرب لتعزيز مكانته في الساحة الدولية، بما في ذلك تعزيز فرصه في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
الفرص التي تتيحها عودة ترامب
عودة ترامب إلى منصبه يمكن أن تعيد رسم خريطة تمثيل إفريقيا في مجلس الأمن الدولي، خاصةً في ظل الدعوات الدولية لتوسيع التمثيل الإفريقي في هذا المجلس الذي يضم 15 عضوًا فقط. في هذا السياق، يتوقع الكثيرون أن تعزز الولايات المتحدة من دعمها للمغرب في هذا المجال، خاصةً في ظل تقارب الأجندات الأمريكية والمغربية في العديد من القضايا.
وقد أظهرت تصريحات دبلوماسيين أمريكيين، بما في ذلك المبعوث الأمريكي في الأمم المتحدة، دعم واشنطن لمطالب إفريقيا في الحصول على مقعدين دائمين في مجلس الأمن.
إفريقيا في قلب التوجهات الدولية: هل حان الوقت لإصلاح النظام الأممي؟
تسعى العديد من الدول الإفريقية، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي لإعطاء إفريقيا تمثيلاً أكبر يليق بحجمها السياسي والاقتصادي. وهو ما يتوافق مع تحركات المغرب، الذي يلعب دورًا رياديًا في القارة.
من جهة أخرى، أشار الباحثون في الشؤون الدولية إلى أن المغرب يمتلك المؤهلات اللازمة لتحقيق هذا الهدف بفضل شبكة تحالفاته الواسعة والإسهامات العسكرية والأمنية التي يقدمها في المنطقة.
التحديات والمنافسة: كيف يواجه المغرب أعتى الخصوم؟
رغم الدعم الدولي الذي يحظى به المغرب في هذا المجال، إلا أن هناك دولًا أخرى تتنافس على هذا المقعد في مجلس الأمن. لكن الباحثين يرون أن المغرب، بتاريخه الدبلوماسي الناجح والمستوى المتقدم من التعاون العسكري والأمني مع القوى العالمية الكبرى، يعد الأوفر حظًا في الحصول على مقعد دائم.
بالإضافة إلى ذلك، سياسات المغرب الخارجية المتوازنة ونجاحه في بناء علاقات استراتيجية مع عدة دول كبرى، تشمل الولايات المتحدة، الصين، فرنسا، والعديد من الدول الأخرى، تعزز من فرصه في هذا الاتجاه.
آراء الخبراء: دعم قوي لموقف المغرب
في هذا السياق، يبرز رأي إدريس قسيم، الباحث في العلاقات الدولية، الذي يؤكد أن المغرب يملك العديد من المزايا التي تجعله مؤهلاً بقوة للحصول على تمثيل دائم في مجلس الأمن.
ويرى قسيم أن المغرب يملك الشروط السياسية والاقتصادية والأمنية اللازمة لهذا التحول، مستفيدًا من شبكة تحالفاته المتنوعة التي تعزز من موقفه في الساحة الدولية.
كما يضيف المحلل السياسي شريفة الموير أن المغرب استطاع أن يعزز موقعه الإقليمي والدولي بشكل ملموس من خلال علاقاته المتينة مع القوى الكبرى، وهو ما يعزز فرصه بشكل كبير للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، خاصةً في ظل تأييد كبير من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
خلاصة
إذًا، في ظل تحولات السياسة الدولية، قد يجد المغرب نفسه في وضعية قوية تدعمه في الحصول على تمثيل دائم في مجلس الأمن الدولي. فالتعاون القوي مع الولايات المتحدة والتحالفات الإقليمية والدولية، إضافة إلى نجاحه في تعزيز أمنه واستقراره، يعززان من موقفه كمرشح بارز.
يبقى السؤال: هل سيستغل المغرب هذه الفرصة لتعزيز مكانته الدولية وتحقيق طموحاته في التمثيل الدائم داخل مجلس الأمن، أم أن هناك تحديات قد تعيق هذا التوجه؟