“فرنسا تتخلى عن الجزائر: الاعتراف بمغربية الصحراء يعزز من مكانة المغرب الإقليمية”

0
273

فرنسا ومغربية الصحراء: كيف تفرط باريس في “بقرة الحلوب” الجزائر وتحتفل بعلاقاتها مع المغرب؟

في تحول استراتيجي لافت، أنهت فرنسا ترددها الطويل في قضية الصحراء المغربية بإعلان رسمي يدعم مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط. هذا القرار الذي جاء تزامنًا مع الاحتفالات بالذكرى الـ25 لعيد العرش، يحمل دلالات متعددة، ويثير تساؤلات حول أسباب تغيير الموقف الفرنسي في ظل التوترات المستمرة مع الجزائر، والتي تعتبر نفسها “البقرة الحلوب” لفرنسا في شمال إفريقيا.

اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء: تحوّل دبلوماسي

في رسالة بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد ماكرون على أن موقف بلاده بشأن الصحراء المغربية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي للمغرب. ويأتي هذا التأكيد في وقت يعاني فيه النزاع من الجمود، ويشكل اعتراف فرنسا بمبادرة الحكم الذاتي تحولًا كبيرًا في السياسة الدولية تجاه القضية. هذا الاعتراف يعزز من مكانة المغرب كقوة إقليمية مؤثرة، ويُنتظر أن يفتح المجال أمام شراكات جديدة مع القوى الدولية.

تصفية الحسابات مع الجزائر

القرار الفرنسي يحمل في طياته أيضًا رسالة واضحة للجزائر، التي طالما كانت تدعم جبهة البوليساريو. العلاقات بين باريس والجزائر شهدت توترات ملحوظة، ويبدو أن فرنسا قد اختارت التحرك وفقًا لمصالحها الاستراتيجية مع المغرب، على حساب شراكتها التقليدية مع الجزائر. الجزائر، التي اعتبرت تاريخيًا مستعمرة غنية وفرنسا “بقرة الحلوب” للموارد، تسعى الآن لتفهم دوافع باريس التي اختارت تعزيز علاقاتها مع المغرب بدلاً من الحفاظ على موقفها التقليدي.

لماذا المغرب وليس الجزائر؟

القرار الفرنسي يعكس تبدلًا ملحوظًا في السياسة الفرنسية، حيث بدا واضحًا أن باريس تعمدت تغيير موقفها من قضية الصحراء المغربية في إطار إعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية. هذا التحول يطرح عدة أسئلة حول دوافع فرنسا، خاصةً فيما يتعلق بالاختيار بين الجزائر والمغرب. هل يتعلق الأمر فقط بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية، أم أن هناك جوانب سياسية أخرى تلعب دورًا في هذا التوجه الجديد؟

ارتباط القرار بالاحتفالات الملكية

الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء جاء متزامنًا مع احتفالات المغرب بعيد العرش، وهو توقيت ذو دلالة رمزية تعكس مدى أهمية هذا القرار بالنسبة للعاهل المغربي وشعبه. هذا التزامن يعزز من الرسائل السياسية التي تروجها باريس بخصوص دعمها للمملكة، ويضع في الاعتبار الدور البارز للمغرب في الاستقرار الإقليمي.

الضغط الجزائري وفشل التهديدات

في ظل هذا السياق، كانت الجزائر قد مارست ضغوطًا كبيرة على فرنسا في الأسابيع الأخيرة، محاولة إثناءها عن اتخاذ قرارها بالاعتراف بمغربية الصحراء. وقد لوحت الجزائر بإمكانية إلغاء عقود شراكة هامة مع شركات فرنسية كوسيلة للضغط، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، مما يعكس عمق التزام فرنسا بقرارها الجديد.

خلاصة

الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء يشير إلى تحول دبلوماسي بارز قد تكون له تداعيات كبيرة على العلاقات الإقليمية. بينما يتعامل المغرب مع هذا التقدير كخطوة إيجابية نحو تعزيز دوره الإقليمي، فإن الجزائر تجد نفسها في موقف غير مريح، حيث يبرز تساؤل حول مستقبل العلاقات بين باريس والجزائر في ظل هذه التطورات.