فرنسا والصحراء: هل طويت صفحة الغموض الدبلوماسي؟

0
127

لم يكن ظهور السفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي، أمام خريطة المملكة المغربية كاملة مجرّد صدفة بروتوكولية، بل إشارة سياسية محسوبة بدقة.

فالصورة التي نشرتها الحسابات الرسمية للسفارة الفرنسية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُظهر الأقاليم الجنوبية داخل التراب الوطني، تبدو بمثابة إعلان صريح لانخراط باريس في خطاب جديد: دعم واضح للوحدة الترابية للمغرب.

من الغموض إلى الوضوح

لسنوات طويلة، ظل الموقف الفرنسي من الصحراء محكوماً بلغة دبلوماسية رمادية: دعم ضمني لمبادرة الحكم الذاتي، لكن من دون قفزة سياسية تشبه ما قامت به واشنطن أو برلين أو مدريد. هذا التردد ألقى بظلاله على العلاقات المغربية–الفرنسية، وأثار مراراً تساؤلات في الرباط: لماذا تتأخر باريس في حسم موقفها؟

اليوم، يحمل لوكورتيي على عاتقه مهمة تصحيح هذا الخلل. فمنذ تعيينه عام 2022، حرص على أن تكون تصريحاته وزياراته الميدانية مؤشراً على تحول تدريجي، culminant في زيارة نونبر 2024 إلى العيون، حيث لم يكتفِ بالجانب البروتوكولي، بل اصطحب معه خمسين رجل أعمال فرنسي، والتقى منتخبين محليين وولاة، وأطلق مشاريع ثقافية وتعليمية.

دبلوماسية الصورة والرسائل غير المعلنة

الصورة الأخيرة للسفير ليست مجرد خلفية لخطاب دبلوماسي، بل ورقة ضغط ناعمة لإعادة ترتيب العلاقات الثنائية. إنها محاولة لترجمة ما أعلنه الإليزيه مؤخراً: فرنسا ترى في الحكم الذاتي الحل الوحيد للنزاع. وفي الوقت نفسه، هي رسالة إلى الداخل الفرنسي، حيث لم يكن الملف محسوماً داخل دوائر القرار، بين من يفضّل الإبقاء على “الغموض الاستراتيجي” ومن يرى أن المصالح الاقتصادية والسياسية تقتضي وضوحاً أكبر مع الرباط.

ما بعد الصورة: اختبار المصداقية

يبقى السؤال: هل تكفي صورة السفير أمام الخريطة لتبديد سنوات من التردد؟ الرباط، التي اعتادت على لغة الوعود المؤجلة، تنتظر خطوات عملية: استثمارات أوسع في الأقاليم الجنوبية، مواقف قوية داخل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ودعم سياسي معلن لا يحتمل التأويل.