“الحسين اليماني: استئناف الإنتاج ضرورة اقتصادية لاسترجاع الخسائر”
في خطوة جديدة ضمن المعركة القانونية المعقدة حول مصفاة “سامير”، تقدمت الحكومة المغربية وشركة كورال بمذكرتين للمركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار في 3 سبتمبر الجاري، تطالبان بمراجعة الحكم السابق الصادر في 15 يوليو 2024.
وكان هذا الحكم قد ألزم المغرب بدفع 150 مليون دولار لصالح شركة كورال، مدعية الأضرار الناجمة عن استثماراتها في المصفاة.
الخلفية: خوصصة فاشلة وأخطاء التسيير
بدأت قضية “سامير” في العام 1997 عندما قررت الحكومة المغربية خوصصة المصفاة، وكان الهدف من ذلك تحسين الكفاءة وإدخال استثمارات جديدة. لكن الخوصصة، التي منحت كورال السيطرة على الشركة، تحولت إلى سلسلة من الإخفاقات. تراكمت الديون وتدهور وضع الشركة تدريجياً حتى إعلان إفلاسها وتوقف الإنتاج في أغسطس 2015.
السؤال المحوري هنا: هل أخطأت الحكومة المغربية في اختيار الشريك المناسب لخوصصة سامير؟ وكيف ساهمت أخطاء التسيير في وصول الشركة إلى هذا الحال؟
النزاع الدولي: مطالبة المغرب بمراجعة القرار
في ظل الحكم الصادر عن المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار، يجد المغرب نفسه أمام تحدٍ كبير لاستعادة حقوقه في هذا النزاع المعقد. فمن جهة، تسعى الحكومة إلى إلغاء الحكم الصادر ضدها، ومن جهة أخرى، تطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد المغربي جراء توقف الإنتاج وفشل كورال في الوفاء بالتزاماتها.
لكن يبقى التساؤل الأهم: هل يملك المغرب الأدلة القانونية الكافية لإلغاء الحكم الصادر ضده؟ وهل يمكن أن ينجح في إثبات تقصير كورال في الالتزامات التي نص عليها دفتر التحملات عند توقيع اتفاقية الخوصصة؟
خسائر كبيرة: وقف الإنتاج وتداعياته
منذ توقف الإنتاج في مصفاة سامير في 2015، يعاني المغرب من خسائر اقتصادية ضخمة تتجاوز 100 مليار درهم. هذه الخسائر تأتي في وقت يشهد فيه السوق المغربي زيادة في الطلب على المنتجات البترولية، وهو ما يزيد من الضغط على الميزانية العامة بسبب الاعتماد على الواردات.
ما يدفع للتساؤل: ما هي الخيارات المتاحة أمام المغرب لإعادة تشغيل المصفاة؟ وهل يمكن استئناف الإنتاج دون الحاجة إلى مستثمرين جدد؟
الحسين اليماني: دعوات لاستئناف الإنتاج
الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة سامير، أكد مراراً على ضرورة استئناف الإنتاج في المصفاة قبل تلاشي أصولها. بالنسبة له، العودة إلى الإنتاج ليست مجرد حاجة اقتصادية بل هي وسيلة لاسترجاع الخسائر المتراكمة.
لكن هنا يطرح سؤال آخر: هل تمتلك الدولة المغربية الموارد والقدرة التقنية اللازمة لاستئناف الإنتاج بمفردها، أم أن الحاجة إلى شريك استثماري جديد أمر لا مفر منه؟
مصادر الأموال والمحاسبة
الملف لا يتوقف عند الخسائر المالية، بل يتعداه إلى تساؤلات حول مصادر الأموال والأرباح التي حققها المسيرون السابقون لشركة سامير داخل وخارج المغرب. ففي ظل الاتفاقيات القضائية الدولية، يبدو أن المغرب سيحتاج إلى تحقيقات أعمق حول هذه الأموال لاسترجاع ما يمكن استرجاعه.
ختامًا: مستقبل سامير بين القانون والاقتصاد
يبقى السؤال المحوري في هذه القضية المعقدة: هل ستنجح الحكومة المغربية في قلب المعادلة واستعادة حقوقها؟ في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى كل أصولها الاقتصادية لمواجهة التحديات المستقبلية، يبدو أن معركة سامير ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة المغرب على التفاوض وحماية مصالحه الاقتصادية والسياسية في الساحة الدولية.