فضيحة التعمير في المغرب: هل ستهزّ هذه التسريبات منظومة الحكم الترابي؟

0
198
صورة: و.م.ع

في ظل النداءات الملكية المتكررة لتعزيز الحكامة والشفافية، وكشف موقع هسبريس عن تحقيق بالغ الحساسية، كشف عن تسريبات خطيرة في وثائق التعمير بجهات كبرى، تورط فيها موظفون وأعوان سلطة، ما يطرح علامات استفهام حول فعالية الرقابة الإدارية وقدرة الدولة على التصدي للفساد.

فعندما يتحول أعوان السلطة من رُقباء على البناء العشوائي إلى وسطاء لدى المضاربين العقاريين، وعندما تُسرّب وثائق التعمير من داخل أقسام العمالات قبل المصادقة عليها، يصبح السؤال مشروعًا: هل نحن أمام اختراق ممنهج للإدارة الترابية؟ أم أن الأمر لا يتعدى حالات معزولة كما يُروّج رسميًا؟

تسريبات التعمير، بحسب ما كشفه “موقع هسبريس” عن مصادر موثوقة، لم تبدأ اليوم، بل تمتد منذ 2019، في صمت يُثير الريبة، وتراكمها طيلة خمس سنوات يُنذر بـعطب هيكلي خطير في أجهزة الرقابة والحكامة المحلية.

في تحقيق نشره موقع هسبريس مؤخرًا، أُبرزت ملفات تسريب وثائق التعمير في جهات حيوية من المغرب، تزامنًا مع فتح وزارة الداخلية تحقيقات إدارية بشأن تورط موظفين وأعوان سلطة في تسريبات قديمة تعود إلى سنوات، ما يضع الملف على رأس القضايا التي تثير تساؤلات جوهرية حول فعالية منظومة تدبير التعمير.

مكامن الخلل: استمرار ظاهرة قديمة في ظل ضعف المراقبة

تسلط المعطيات الضوء على واقع مقلق، حيث تستمر التسريبات لأكثر من خمس سنوات، دون تحرك حاسم. هذا الأمر يعكس ضعفًا واضحًا في آليات الرقابة الداخلية، بل يفتح الباب أمام احتمال وجود تقصير ممنهج أو تواطؤ قد يعرقل النزاهة في هذا القطاع.

يطرح هذا الواقع سؤالًا مركزيًا: هل أنظمة التتبع والرقابة الحالية على مستوى الإدارات المحلية قادرة فعلاً على التصدي للانتهاكات، أم أن هناك خللًا هيكليًا في توزيع المسؤوليات وضبط الصلاحيات؟

المسؤولون بين موظفين وأعوان: دور مزدوج ومتناقض

الإشارة إلى تورط أعوان سلطة في تسريب معلومات أو تحويل صلاحيات رسمية إلى أنشطة غير قانونية، تُبرز بُعدًا جديدًا في الأزمة، إذ إن هذه الفئة تمثل جسرًا بين الإدارة والمجتمع، واستغلالهم لمواقعهم يعمّق الانفصال بين المواطنين والهيئات المكلفة بحماية المصلحة العامة.

هل هناك استراتيجيات واضحة لإصلاح منظومة التكوين والمراقبة لهذه الفئة؟ وكيف يمكن تعزيز النزاهة والشفافية بينهم؟

أثر الخروقات على التنمية المجالية والبيئة

التعمير العشوائي هو نتيجة وأيضًا سبب لأزمات متعددة تشمل التخطيط الحضري، جودة الحياة، وحماية الموارد. الخروقات الإدارية لا تقف عند حد القانون فقط، بل تمتد لتؤثر على فرص التنمية المستدامة وعلى استقرار المجتمعات المحلية.

كيف يمكن ربط هذه القضايا باستراتيجيات التنمية المحلية وضمان إشراك فعّال للمجتمع المدني في مراقبة تنفيذ السياسات العمرانية؟

إجراءات وزارة الداخلية: بداية أم استمرارية؟

على الرغم من تحريك مسارات التحقيقات وإجراءات الإعفاء والتأديب التي أُعلنت، يبقى السؤال عن مدى جدية هذه الإجراءات في إحداث تغيير حقيقي على الأرض. هل هذه التحركات كافية لردع الممارسات المشبوهة، أم أنها مجرد محاولة لإطفاء الحرائق دون معالجة الجذور؟

هل تتطلب الأزمة مراجعات قانونية وتنظيمية أوسع تشمل محاسبة صارمة، ونظامًا شفافًا لتصريح الممتلكات وتدبير الصلاحيات؟

أسئلة للتفكير والنقاش

  • ما هي الضمانات التي يمكن وضعها لتفعيل الشفافية والرقابة الفعالة في قطاع التعمير؟

  • كيف يمكن استثمار تكنولوجيا المعلومات لتعزيز تتبع الملفات والحد من التسريبات؟

  • ما هو الدور الحقيقي الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني والإعلام في كشف ومتابعة هذه الانتهاكات؟

  • هل النظام الحالي للمحاسبة كافٍ لضمان الالتزام القانوني، أم أن هناك حاجة إلى تطوير آليات أكثر صرامة؟

هذا الملف الذي كشفته هسبريس يؤكد أن ملف التعمير في المغرب ليس مجرد مسألة تقنية إدارية، بل هو انعكاس لحالة أعمق من خلل في الحكامة، تدعو إلى نقاش جاد ومفتوح مع التركيز على إصلاح شامل ومستدام.