فض احتجاج بالقوة لحملة الشهادات للمطالبة بالاستفادة من الترقية وتغيير الإطار

0
218

خلصت دراسة جديدة إلى أن الشارع المغربي أكثر استعدادا للانخراط في الاحتجاجات من جديد، وسجلت أن عصب هذه الاحتجاجات سيشكله المعطلون، في ما اعتبرته تفاعلا مع تصاعد في الدينامية الاحتجاجية التي يعرفها المغرب.

الرباط – نظم حملة الشهادات العليا،  مسيرة من نوع مختلف في العاصمة الرباط لايصال مطالبهم بالدفاع عن ما أسموه حقهم المُكتسب في الاستفادة من الترقية وحقهم أيضا في تغيير الإطار.

وتمثلت الأشكال النضالية التي خاضها الأساتذة إضرابا وطنيا مدته ثلاثة أيام، بالإضافة إلى أشكال احتجاجية أخرى متمركزة في الرباط، وفق ما أعلنت عنه التنسيقية الوطنية للأستاذة حاملي الشهادات بوزارة التربية الوطنية.

تدخلت قوات الأمن بقوة ، اليوم الثلاثاء، لمنع استمرار مسيرة احتجاجية خاضها أعضاء  الرباط يومه الثلاثاء بالقوة لتفريق الوقفة الاحتجاجية التي أعلن عن تنظيمها موظفو وزارة التربية الوطنية حاملو الشهادات العليا أمام مقر الوزارة تزامنا مع الإضراب الوطني الذي يخوضونه.

وأحال تدخل القوات الأمنية من مواصلت المسيرة الاحتجاجية إلى ساحة مقر البرلمان المغربي ، حيث عمدت القوات الامنية إلى التدخل لفض  الوقفة الاحتجاجية بالقوة ومطاردة بعض الأساتذة كما وثقته مقاطع الفييديو أعلاه.

وموازاة مع استمرار مقاطعة الدراسة في اغلب الجامعات المغربية، تواصل الجماهير الطلابية، تحت حصار أمني مشدد و رغم الاجواء الباردة، انتفاضتها الشعبية عبر مسيرات حاشدة، بالليل و النهار، مؤكدة على تمسكها بإسقاط كل القرارات التعسفية والغير قانونية  بحق ابناء الشعب المغربي، خاصة ما تعلق بالسياسة الانتقائية في التوظيف، بتسقيف سن الترشح لمسابقات التعليم عند 30 سنة.

كما ندد المحتجون بالقمع الذي يتعرض له المتظاهرون على يد قوات الامن، و استمرار سياسة الاعتقالات لترويع و ترهيب المحتجين للعدول عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، مرددين “صامدون.. صامدون.. و للمعركة مواصلون”.

وببعض المدن المغربية، قام الطلبة بغلق ابواب المؤسسات الجامعية و وضع قطع من القماش الاسود على مداخلها الرئيسية، للتعبير عن “الحداد” الذي يعيشه الطلبة على ما آلت إليه أوضاعهم، كما قام البعض بتعليق دمى كبيرة مربوطة بحبل للتعبير على ان ما يعانيه الطالب في المغرب جراء السياسات العرجاء و الظروف المعيشية الصعبة يعد بمثابة “انتحار”.

ويواصل العاطلون من حملة الشهادات في المغرب، حركتهم الاحتجاجية ضد البطالة و الغلاء الفاحش في الاسعار و تنامي مظاهر الفساد. و تعرضت وقفتهم الاحتجاجية الخميس الماضي الى “قمع ممنهج” خلف اصابات خطيرة في صفوفهم، فضلا عن اعتقال عدد كبير منهم. و رغم ذلك، يعتزمون الاسبوع الحالي تنظيم المزيد من الوقفات الاحتجاجية.

وانضم مدراء وحراس عامون لمؤسسات تعليمية بالمغرب إلى قافلة المحتجين ضد قرارات الحكومة المغربية، التي خلفت غليانا غير مسبوق في جميع القطاعات. وفي هذا الصدد، أعلن “تنسيق الإدارة التربوية” عن تنظيم وقفة احتجاجية وطنية أمام مقر وزارة التربية يوم 6 ديسمبر، كما يخوض التنسيق وقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية أيام 10 و 15 و 21 و27 من نفس الشهر، بالإضافة الى وقفة أخرى أمام الأكاديميات الجهوية يوم 31 ديسمبر.

وتشهد الرباط ومدن اخرى مظاهرات مماثلة لخريجي الكليات للمطالبة للحقوق المشروعة وهي الحصول على فرصة عمل تساعد العاطلين في تأمين احتياجاتهم بعد التخرج من الجامعات منذ سنوات ، الا ان الحكومة عاجزة عن الايفاء بوعودها وتأمين فرص عمل لهؤلاء الخريجون بسبب الظرف الاقتصادي الراهن.

إذا ما استمر التراجع في خلق مناصب التوظيف في القطاع العام وأمام ضعف القطاع الخاص في خلق مناصب الشغل، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى طول أمد السنوات التي يقضيها المعطلون في البطالة قبل تحقيق الاندماج المهني، كما ستتزايد أفواج الخريجين العاطلين”. 

وتوقعت دراسة نشرها “المعهد المغربي لتحليل السياسات”، “أن يؤثر المعطلون على السلم الاجتماعي، باعتبار أن الدولة اعتمدت في تدبيرها للحركة في السابق على استراتيجية (التوظيف مقابل عدم التسييس)، كما وظفت الحركة استراتيجية التسييس للضغط على السلطات من أجل الجلوس على طاولة الحوار والتفاوض”. 

وأفادت أن “العودة إلى الخدمة العسكرية تدبير وقائي مؤقت لأزمة تشغيل الشباب، إلا أن هذه التدابير تبدو محدودة في الحد من عودة مجددة للعاطلين حاملي الشهادات إلى الاحتجاج في الشارع العام، ما لم يتم معالجة جذور ظاهرة بطالة الشباب والمرتبطة بنموذج الاقتصاد السياسي المعتمد على الريع بدل التنافسية”.

وقالت الدراسة: “يعتقد حاملو الشهادات العليا المعطلون بأحقيتهم في التوظيف المباشر لأن فئتهم هي الأكثر عرضة للبطالة مقارنة مع باقي الفئات الاجتماعية الأخرى. فبحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن حملة الشهادات أكثر عرضة للبطالة من أولئك الذين لم ينهوا دراساتهم، ففي سنة 2018، انتقل المعدل الوطني للبطالة من 10.2 بالمائة إلى 9.8 في المائة، ولكن يبقى هذا المعدل أكثر ارتفاعا ضمن فئة حاملي الشهادات العليا، سيما خريجي الجامعات، حيث يبلغ معدل البطالة في صفوفهم حوالي الثلث”.

وزادت: “يحتل مطلب الشغل الرتبة الأولى في لائحة مطالب الحركات الاجتماعية في المغرب، في حين تظل المناصب العمومية عاجزة عن امتصاص عدد العاطلين المتزايد، إذ عرفت تراجعا ملحوظا خلال الثلاث سنوات الأخيرة منذ سنة 2016، لتبدأ في الارتفاع ابتداء من سنة 2019. 

واعتبرت: “في سنة 2016، تم إحداث 25998 منصبا ماليا، وسنة 2017، تم إحداث 23768، ليتراجع هذا العدد سنة 2018، بحيث تم إحداث 19315 منصبا ماليا، كما يُتوقع إحداث 25208 مناصب مالية برسم الميزانية العامة للسنة المالية 2019”. 

وأضاف: “يلتقي تراجع المناصب المالية مع سياسة الإصلاح الإداري التي تتجه نحو المزيد من ترشيد النفقات، وقد بدأت إرهاصات هذا التوجه الجديد مع إصدار مرسوم فصل التكوين عن التوظيف لدى خريجي مراكز تكوين الأساتذة سنة 2015، ثم بعد ذلك إصدار قرار التوظيف عبر التعاقد ابتداء من سنة 2016، ثم قرار تنظيم مباريات خاصة لفائدة دكاترة الوظيفة العمومية تهم تحويل مناصبهم التي يشغلونها بإداراتهم الأصلية إلى الجامعة، كصيغة لا تتطلب خلق مناصب مالية جديدة”.

وشددت على أنه “في سنة 2019، أقر ذات المسؤول بأن 70 بالمائة من العاطلين يستعينون بشبكة الأقارب والأصدقاء للحصول على منصب شغل”. 

وأكدت “أن السلطات اعتادت لفترة طويلة الاستجابة لمطالب الحركات الاحتجاجية التي تحقق الضغط في الشارع، وهو ما يعطي الانطباع لدى المعطلين بأن الضغط في الشارع هي الطريقة الوحيدة لتحقيق مطالبهم”. 

وقدمت دليلا على ذلك من خلال قولها و”هو ما برز سنة 2016، بتوقيع الحكومة المغربية لمحضر مع الأساتذة المتدربين والذي نص على توظيف فوج الأساتذة الذي يضم الآلاف دفعة واحدة، مع وجود مرسومين ينص أحدهما على المباراة، في حين رفضت الحكومة في الوقت نفسه الاعتراف بمحضر المعطلين، مما أدى إلى عودة احتجاجات المعطلين إلى الشارع سنة 2016 للمطالبة بحل ملفهم أسوة بالأساتذة المتدربين”. 

و”يبدو أن لامبالاة السلطات في التجاوب مع المعطلين حاملي الشهادات العليا ولد شعورا بالتحدي، ولهذا بدأ نشطاء الحركة التخطيط لاستثمار فرصة احتجاجات الأساتذة المتعاقدين “للتجند كي يعودوا بقوة إلى الشارع” كما تقول الدراسة.

وارتأت أن “بعض ناشطي الحركة يعتبرون أنهم حاليا في فترة عطلة، في انتظار العودة مجددا للاحتجاج في الشارع، بحيث تنتظر أن يكون مستجد احتجاجات الأساتذة المتعاقدين فرصة احتجاجية، سيما أمام اقتناعهم بالحق في التوظيف المباشر”.