جددت فيدرالية اليسارالتشكيك في الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية التي جرت مؤخراً واصفاً اياها بـ’الأسوأ’ في تاريخ المغرب، و أعادت إلى الأذهان انتخابات نهاية السبعينات من القرن الماضي”.
وذهب بيان “فيدرالية اليسار” (تحالف يضم حزبان يساريان وهما الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الاتحادي) الى اعتبار الانتخابات الاخيرة هي ‘الاسوأ في تاريخ المغرب’ ،مشيراً الى ‘أسوأ انتخابات عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين‘ ،وقال:’ أعادت إلى الأذهان انتخابات نهاية السبعينات من القرن الماضي، التي شهدت إنشاء الدولة للحزب الإداري الذي مُنحت له حاليا الرتبة الأولى في مجلس النواب والجماعات الترابية بشكل مفضوح‘.
وتابع البيان: “السلطة لم تستوعب الدرس من الحراكات الإقليمية، وبالخصوص حركة 20 فبراير (النسخة المغربية من الربيع العربي)”.
ولفت البيان إلى ما أسماه: “إعادة إنتاج نفس استراتيجيات التحكم، في كل المجالات، والتي لا تخدم إلا مصالح لوبيات السلطة والمال المتوحشة، والتي لا يهمها إلا الربح على حساب الحاجيات الاجتماعية لأغلبية المواطنين”.
واستنكر ما وصفه بـ”الخروقات السافرة التي طبعت العملية الانتخابية، مما أفرغها من أي محتوى ديمقراطي”.
والخميس، أكد عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية المغربي، أن الانتخابات مرت في ظروف عادية، باستثناء بعض الأحداث المعزولة التي لم تؤثر على سير العملية، التي تمت كذلك في احترام تام لسرية الاقتراع ونزاهة عمليات الفرز والإحصاء بحضور ممثلي لوائح الترشيح.
والجمعة، عين جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ورعاه، عزيز أخنوش رئيسا للحكومة، مكلفا بتشكيلها بعدما تصدر حزبه “التجمع الوطني للأحرار” (ليبرالي) نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأربعاء.
وفاز في الانتخابات، حزب “التجمع الوطني للأحرار” (ليبرالي) بـ102 مقعدا، تلاه حزبا “الأصالة والمعاصرة” 86 مقعدا، و”الاستقلال” 81 مقعدا (معارضان).
وحل حزب “العدالة والتنمية” (قائد التحالف الحكومي المنتهية ولايته) في المركز الثامن، مسجلا تراجعا كبيرا بحصوله على 13 مقعدا فقط، من أصل 395، العدد الإجمالي لمقاعد البرلمان، فيما حصل تحالف فيدرالية اليسار على مقعد واحد.
ولم يكن حتى أشد المتشائمين داخل حزب العدالة والتنمية يعتقد أن الحزب الذي أحرز المركز الأول في انتخابات 2016 بعدما ربح في مجلس النواب عدد مقاعد قياسيا بلغ 125، سينهزم بشكل مدوٍ خلال انتخابات 2021 ولن يربح سوى 12 مقعدا في النتائج شبه النهائية.
وبحسب إذاعة “دويتشه فيله” الألمانية، يعدّ هذا الانحدار الأسوأ على الإطلاق في كل تاريخ انتخابات المغرب بالنسبة لحزب يترأس الحكومة. كما أن الحزب حقق أسوأ نتيجة له على الإطلاق في الانتخابات التشريعية، إذا استثنينا انتخابات عام 1997 التي شارك فيها لأول مرة وحقق فيها تسعة مقاعد فقط، وغطى فيها عدداً محدوداً من الدوائر الانتخابية.
وفي هذه النتائج، لم ينهزم احزب العدالة والتنمية فقط أمام خصميه الرئيسيين، حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حلّ أولا وسيكون هو من يقود الحكومة القادمة، أو حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا وكان المنافس الرئيسي للإسلاميين في انتخابات 2016، بل تقهقر إلى المركز الثامن، ولم يظفر بالمقاعد اللازمة لتكوين فريق برلماني.
ما ظنكم في انتخابات جرت في ظل هذه المواجهة العنيفة التي خرجت عن قواعد اللعبة السياسية المغربية، وفي ظل إعلام في غالبه موجه وغير مهني، وفي ظل شبكات تواصل اجتماعي تحولت إلى حقول ألغام متواصلة الانفجار؟
في هذه اللحظات التاريخية الفارقة يتطلع كثيرون ممن يخشون على مصير المملكة من هذا العبث والعشوائية إلى الحكماء في هذا البلد، ليكون لهم دور واضح في تهدئة التشنج المتصاعد، وفي منع الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه.
الخلاف السياسي يجب أن ينحصر في الأطر السياسية من دون فقدان التعقل، ومن دون الاندفاع نحو تجييش كل الإمكانات لضرب الخصوم، فالمسألة لا تتعلق بأعداء، إنما بخصوم سياسيين يفترض أن يديروا خلافاتهم مهما تأزمت عبر قواعد اللعبة السياسية، وعبر آليات تضمن عدم تحول هذه الخلافات إلى فتنة قد تعرض البلاد بأسرها إلى أزمات وتوترات غير مسبوقة.