في المغرب… الماء أغلى من الذهب، و145 مليار سنتيم… من يصل إليه فعلاً؟ 352 ألف مربٍ… لكن ماذا عن الـ40٪ المفقودين؟

0
199
صورة: موقع البرلمان

«145 مليار سنتيم»… رقم كبير لكن إلى من ذهب فعلاً؟

أعلن الوزير أن حوالي 352 ألف مربٍ للماشية تلقّوا الدعم الحكومي الخاص بالأعلاف المركّبة، ومن الشطر الأوّل من الدعم الموجّه لإناث الأغنام والماعز، ما بين 5 و10 نونبر الجاري. كما بيّن أنّ قيمة ما توصّل به هؤلاء حتى مطلع الأسبوع بلغت milliard a et 450 million درهم (≈ 145 مليار سنتيم) — وهو المبلغ الذي كانوا يحصلون عليه في السنة كاملة.

لكن الرقم الضخم يطرح سلسلة من الأسئلة: من ذهبت إليه بالكامل؟ هل وثائق الاستفادة متاحة؟ وهل التوزيع حسب الاحتياج؟

«715 ألف ملف… 60 ٪ رسالة… 488 ألف حساب بنكي»

بحسب الوزير، تمّ إرسال ملفات دعم إلى الصندوق المعني لحوالي 715 ألف مربٍ، من بينهم تلقّى نحو 60٪ رسالة نصّية تفيد بالاستفادة، والتحق نحو 488 ألف حساب بنكي فعليًا.

هنا تبرز معالم الانقسام: ماذا عن الـ 40 ٪ الذين لم يتلقّوا رسالة؟ هل عدم ورود الرسالة يعني عدم الأهلية؟ أم ثغرة في التواصل؟ ولماذا عدد الحسابات المصادق عليها (488 ألف) أقل من عدد المستفيدين المعلن (352 ألف)؟ أو ربما الأمر العكس؟ التلخيص الرسمي لا يشرح العناصر الدقيقة.

من كان يُصرف له الأعلاف سابقًا… ومن يستفيد اليوم؟

الوزير أعاد إلى الواجهة مراجعة النظام السابق الذي كان يتوزّع الدعم فيه “على شكل أكياس من الأعلاف المركّبة والشعير (ما بين 10 إلى 30 كيسًا)” بميزانية سنوية حوالى مليار درهم، وكشف أن هناك مستفيدين “أقل مما يستحقون” وآخرين “أكثر من المطلوب”. اليوم، حسب قوله، تم الانتقال إلى «عملية تستهدف مربي الماشية المشاركين في الإحصاء، كل حسب أعداد الماشية التي يتوفّر عليها، سواء أغناماً أو ماعزاً أو أبقاراً».

لكن، السؤال: هل هناك لائحة شفافة توضح كيف تمّ تحديد عدد الرؤوس لكل مستفيد؟ وهل خضعت المعايير لمراجعة مستقلة؟ وما الآليات التي ضمنت وصول الدعم إلى «الصغار الذين يشكّلون حوالي 90 ٪» كما ورد؟

الماء… تحدٍّ جوهري خلف المشهد

في سياق منفصل، لفت الوزير إلى أن القطاع الفلاحي كان يحتاج إلى نحو 5 مليارات متر مكعب من المياه للسقي، بينما ما يحصل عليه لا يزيد عن 420 مليون متر مكعب، أي حوالي 8 ٪ من الحاجيات.

هذا الخلل يتزامن مع ما تؤكّده تقارير Food and Agriculture Organization (الفاو) بأن المغرب يواجه ضغطًا مائيًا شديدًا، إذ يُقدَّر أنّ الموارد السنوية المتجددة تبلغ نحو 29 كم³، لكن حجم الاستهلاك يفوق ما «يمكن تقنياً» تدبيره. FAOHome+1

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن تنفيذ سياسة دعم مربي الماشية بشكل فعّال، إذا كانت مقومات الإنتاج (الماء، الأعلاف، المنشآت) تتعثّر أمام هذا الواقع؟ وهل التركيز على دعم الأعلاف يغيّب البُعد الاستراتيجي للأزمة؟

السيادة الغذائية… بين شعار التخطيط وواقع الضعف

أشار الوزير إلى أن الوزارة تعمل ضمن تصور إلى غاية عام 2050 لتحقيق «السيادة الغذائية»، مذكّراً بأن “من لا يملك غذاءه لا يملك قراره”.
في المقابل، تقرير صادر عن مؤسسة Policy Center for the New South يشير إلى أن الزراعة بالمغرب ما تزال مزدوجة: الجزء الأكبر من صغار الفلاحين يعتمد على الزراعة المطرية (الغير مروية) التي تبقى منخفضة الإنتاجية، بينما يُعوَّل على المساحات المروية للإنجاز. PolicyCenter
إذا كان دعم الأعلاف يسير دون ربط مباشر بحجم القطيع أو حجم الخسائر بسبب الجفاف، فهل نحن أمام استثمار فعلي في الأمن الغذائي؟ أم مجرد معالجة ظرفية لتجنّب انهيار سريع؟

توصيات مساءلة: نحو شفافية أكثر وكفاءة أفضل

لكي يتحوّل هذا الدعم إلى إصلاح حقيقي، يمكن التوصّل إلى عدد من الخطوات المهنية:

  • نشر لوائح المستفيدين حسب الجهات والإحصاءات، مع عدد رؤوس الماشية لكل.

  • إعلان معايير التوزيع والآليات التي تُحتّم وصول الدعم إلى “الصغار” خاصة في الجبال والسهول.

  • إعداد تدقيق مستقل أو محاسبة لآليات التوزيع السابقة والوقوف على من استفاد أكثر من اللازم أو من دون مبرّر.

  • ربط هذا النوع من الدعم بخطة أوسع: تعزيز البُنى التحتية للمياه والسقي، تنويع الأعلاف المحلية، وتقليص الاعتماد على الاستيراد.

  • فتح حوار تركيبي مع التعاونيات والمربين الصغار والمنظمات المهنية لضمان أن القرار ليس مجرد توجيه مركزي بل مشاركة فعلية.