في ظل الانقسام في الشارع الإسرائيلي، حاخام مغربي: التوراة وحدها هي من ستوحدنا وعلينا الابتعاد عن السياسة

0
296

يتولى بينتو منصب الحاخام الكبير، لأنه “يشغل منصب رئيس المحكمة الحاخامية العليا في المغرب، وهي مؤسسة جديدة تتمثل مهمتها بشكل أساسي في إنشاء الكشروت (أحكام الغذاء الخاص باليهود)”.

الحاخام المغربي بينتو يرى بأن التوراة هي الوسيلة لرأب الصدع في المجتمع الاسرائيلي والذي وقع بعد خطة الاصلاحات القضائية

الانقسام في المجتمع الإسرائيلي بات واضح للعيان، انقسام يسعى إسرائيليون كثر لتجنبه. احد هؤلاء هو الحاخام يوشياهو بينتو ، احد اكبر الحاخامات في إسرائيل والذي دعا في درس ديني له في مانهاتن في الولايات المتحدة الى العودة الى التوراة كوسيلة لرأب الصدع الذي أصاب المجتمع الإسرائيلي بشأن خطة الإصلاح القضائ. بحسب الحاخام بينتو هناك شيء واحد فقط من شأنه أن يوحد الشعب في إسرائيل، وهذا الشيء هو التوراة

بحسب الحاخام بينتو: “التوراة المقدسة – هي الشيء الذي حافظ على أبناء الشعب اليهودي خلال كافة الفترات التي تواجدوا فيها في المنفى. بدون التوراة المقدسة، لا تسود الوحدة بين أبناء الشعب اليهودي. فلشيء الذي يوحد الشعب اليهودي حقًا وأكثر من أي شيء آخر هو التوراة المقدسة”.

وأضاف الحاخام بينتو أن حقيقة “تسميتنا بأبناء الشعب اليهودي، وكوننا جميعًا نتحدث اللغة العبرية، وقيامنا بعهد الختان” ليست كافية. “إذ تُعتبر التوراة المقدسة هي الجوهر والروح التي تربط أبناء الشعب اليهودي أجمعين”، قال.

واعتبر الحاخام في ندوة عقدها مؤخرا انه “لا توجد مسائل سياسية عندنا، فالسياسة زيجة الكذبة والإطراء – ثم وُلدت السياسة. إن السياسة أمر ليس بجيد، إنها ليست جيدة. وقد أصبحت عبر الأجيال السابقة شيئًا يثير الاشمئزاز الحقيقي”.

وتابع الحاخام بينتو: “نعتقد شخصيًا، ان معظم طلابنا في الجيش وأدوا الخدمة العسكرية إلخ، لكنني لا أريد التطرق إلى ذلك وليس لدي الحق في قول أي شيء عنه. إنما لدي الحق في الصلاة والتحدث والدعاء وفعل الأشياء”.

ونصح بينتو الإسرائيليين: “نعتقد أنه كلما ابتعد الدين عن السياسة، كان ذلك أفضل. سواء هنا أو في أمريكا. ونحن نشاهد ذلك يحدث أيضًا في أمريكا. أيها اليهود، لا تقتربوا من السياسة، سواء تلك الخاصة بغير اليهود، أو باليمين، أو اليسار، فنحن مجرد عبارة عن واحد ونصف في المئة من سكان العالم، فمن المستحسن أحيانًا تجنب السعي للوقوف في الواجهة”.

وركز الحاخام بينتو على ما يجب القيام به في إسرائيل قائلاً: “هنا، يجب أن نصلي لتسود الرحمة، ويحل السلام”. وقال: “في مدارسنا الدينية، ولدينا 87 مدرسة دينية، حظرنا على الجميع التدخل، ليس هنا وليس هناك، أو للتعبير عن الرأي، وأمرناهم بعدم قول أي شيء. هذا ليس شأننا، ونحن لا نفهمه، ولا نفهم في الأمور العسكرية. كما وليس لدينا الحق في التحدث عن هذه الأشياء. وإنما لدينا الحق في الصلاة وتجنب الخوص في ذلك”، قال الحاخام بينتو.

تعود أصول الحاخام يوشياهو يوسف بينتو، من جهة والده، إلى عائلة بينتو اليهودية المغربية، المعروفة بمدينتي الصويرة والدار البيضاء، وجده الأكبر هو الحاخام حاييم بينتو دفين العاصمة الاقتصادية، أما من جهة والده فهو حفيد الحاخام إسرائيل بوحصيرة المتحدر من الريصاني، الذي كان من أوائل رجال الدين اليهود الذين هاجروا للأراضي المحتلة، وهناك صار الحاخام الأكبر ليهود السفارديم، وبعد وفاته تحول ضريحه ببلدة “نتيفوت” المحاذية لقطاع غزة، إلى مزار ديني.

لكن علاقة يوشياهو بالمغرب غير وثيقة، فهو ازداد في إسرائيل وهناك تعلم في المدارس الدينية المتشددة التابعة ليهود الأشكناز المتحدرين من أوروبا الشرقية، قبل أن ينتقل سنة 2008 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأ رحلة علاج من مرض السرطان، لكنه بدأ أيضا نشاطا مدنيا داعما لإسرائيل، من خلال منظمة “موسود شوفا إسرائيل”، التي تملك مقرين أحدهما في أشدود والثاني في نيويورك.

لا يتقن الحاخام بينتو الحديث لا بالعربية ولا بالفرنسية ولا حتى بالدارجة المغربية، لكنه رغم ذلك رأى في منصب “الحاخام الأكبر للمغرب”، الشاغر منذ وفاة الحاخام السابق هارون مونسونيغو شهر غشت من العام الماضي في القدس عن عمر ناهز التسعين عاما، فرصة مواتية لتلميع صورته التي تضررت كثيرا في إسرائيل بعد تورطه في قضايا “فساد” مالي، لذلك بدأ منذ مطلع سنة 2019 حملة دعائية كبيرة.

بدأ بينتو، الذي صنفته مجلة “فوربيس” ضمن أثرى 10 حاخامات في إسرائيل، مهمته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أنشأ حسابات ممولة، خاصة عبر موقع “إنستغرام”، الذي يوثق لزياراته للمغرب ولقائه بشخصيات مشهورة، مستخدما اللغتين العبرية والإنجليزية فقط، ما عدا في خانة التعريف التي كتب فيها باللغة العربية “الحاخام الأكبر كبير الحاخامات ورئيس محكمة اليهود بالمملكة المغربية”.

نُصّب الحاخام يوشياهو يوسف بينتو (45 عاماً) في أبريل (نيسان) 2019، من قبل مجلس الطوائف اليهودية في المغرب، على رأس “بيت دين اليهود المغاربة”(المحكمة الحاخامية العليا). ويُعرف بينتو بعلاقاته الواسعة برجال الأعمال والسياسيين وجماعات الضغط في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، من بينهم جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره، الذي يعد أكبر ممولي منظمة “شوفا إسرائيل” الخيرية التي يرأسها يوشياهو. ولدى زيارة كوشنير المغرب، حرص على زيارة قبر جد بينتو، الحاخام الذائع الصيت حاييم بينتو الذي دُفن في الصويرة عام 1945.

image1 (2).jpeg
جاريد كوشنر في زيارة لقبر الحاخام حاييم بينتو جد يوشياهو بينتو (مواقع التواصل الاجتماعي)​​​​​​​

أمضى يوشياهو عقوبة السجن سنة واحدة عام 2014 بتهمة الفساد، إثر اعترافه بتقديم رشوة بقيمة 200 ألف دولار إلى منشيه أربيف، القائد السابق لوحدة الشرطة الإسرائيلية 433 (المعروفة باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي الإسرائيلي)، في مقابل الحصول على معلومات حول التحقيقات التي فتحتها الشرطة الإسرائيلية بشأنه. وخلُصت المحكمة إلى أن الحاخام بينتو مذنب على ضوء اعترافه بتهمة محاولة الفساد وعرقلة العدالة. وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الحاخام ذو الشعبية الكبيرة، الذي يدير العديد من المؤسسات الخيرية ومعاهد دراسة التوراة في إسرائيل والولايات المتحدة، كان أيضاً موضوع تحقيقات عدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي منذ عام 2011”.

وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت في بلاغ نُشر في أبريل 2019، أن العاهل المغربي محمد السادس أمر بتنظيم انتخابات الهيئات التمثيلية للجماعات اليهودية المغربية، التي لم تجر منذ عام 1969، وطلب من وزير داخليته ضمان احترام تجديد هذه الهيئات بشكل دوري، طبقاً لمقتضيات المرسوم الملكي الصادر في السابع من مايو (أيار) 1945، المتعلق بإعادة تنظيم لجان الجماعات اليهودية.