يعرف المشهد السياسي بالمغرب وخاصة البرلمان بغرفتيه خلال هذين الشهرين أكتوبر ونوفمبر المقبل، وكما كل سنة، نقاشاً واسعاً ومحتدماً حول مالية الدولة للسنة المقبلة والتي يجري توزيعها على مختلف القطاعات الحكومية من وزارات ومؤسسات عمومية، عن مشروع مالية سنة 2022 البالغة 519 مليارا و208 ملايين درهم، (57.5 مليار دولار)، بزيادة 9.07 بالمائة بالمقارنة مع 2021، تدافع الحكومة وأغلبيتها الساحقة أمام “معارضة ضعيفة ومشتتة “على ما تم من تقوية للبعد الاجتماعي والصحي بمشروع مالية 2022 وتثمنه، ذلك في الوقت الذي تعتبر فيه المعارضة أن الظرفية الصعبة وارتفاع حجم انتظارات المغاربة ومشاكل تنفيذ البرامج الحكومية قد تجعل من كسب هذا الرهان تحديا صعبا.
في هذا الصدد، قال عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق النيابي لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، إن تصويت الحزب ضد البرنامج الحكومة تبثت وجاهته بالنظر لمضمون أول ميزانية تقدمها الحكومة.
واعتبر شهيد في جلسة مناقشة مضامين مشروع قانون مالية 2022، اليوم الأربعاء، بمجلس النواب، أن الميزانية التي قدمتها الحكومة مخيبة للآمال بالنظر للانتظارات المتعددة للمواطن والمجتمع، ولسقف الوعود التي قدمتها الحكومة.
وأضاف ” مع الأسف كنا نمني النفس أن هذا المشروع سيحدث القطائع ويمهد لإحداث ما يريده المغاربة وتحسين أوضاعهم وشروط عيشهم لكن لا شيء من هذا حصل”.
واستغرب شهيد كيف أن وزيرة الاقتصاد والمالية اختزلت كل مشاكل المغرب في التدبير الأخير لعشر سنوات الماضية، مع العلم أن حزبها كان مشاركا في الحكومة وعلى رأس القطاعات الحيوية فيها، مضيفا ” ليس مقبولا لا أخلاقيا ولا سياسيا من واقع ساهمتم فيه”.
وأشار أن مشروع قانون مالية 2022 محتشم وغير قادر على إحداث الرجة في الاقتصاد والمجتمع بالشكل الذي يجعلنا نطمئن على مواجهة التحديات التي تنتظر بلادنا بشكل استباقي وفعال.
وأضاف ” الحكومة تسير وفق منطق الاستمرارية وليس إحداث القطائع، ففي القطاع الفلاحي على صعيد المثال تم تبشيرنا بمخطط المغرب الأخضر وأن سيحقق للمغرب الاكتفاء الذاتي في الحبوب، لكن للأسف هذا لم يقع وانتقلنا لمخطط جديد هو الجيل الأخضر، دون أي تقييم للمخطط الأول”.
من جهته، قال الكاتب والباحث المغربيي ، مصطفى المريني، لم يفلح دستور فاتح يوليوز 2011، الذي اعلى من شأن المعارضة البرلمانية، وعزز مكانتها في البناء السياسي والمؤسساتي العام، في تغيير نظرة الأحزاب إليها؛ بوصفها “وصمة”، لا ترغب الأحزاب، جل الأحزاب في أن توصم بها ،إلا من أكره وقلبه مع الحكومة!.
وقال، لذا، تحرص على التواجد ضمن الأغلبية، التي تتشكل منها الحكومة، حتى وإن بوأتها نتائج الانتخابات مراتب متدنية؛ لأن السياسة في عرفها هي الحكم، وممارسة السلطة، واكتساب الجاه والنفوذ، وهو ما يتأتى من المشاركة في تدبير دواليب الدولة، أما مفهوم المصلحة العامة الذي ينطوي عليه مفهوم السياسة، فيأتي تاليا ومن داخل الحكومة!.
كما اضاف، كنا نأمل أن يعلن حزب الأصالة والمعاصرة- مثلا- الاصطفاف في المعارضة، خاصة وأنه بنى جزءا من حملته الانتخابية على أساس معارضة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تصدر الانتخابات، وعهد إليه برئاسة الحكومة وتشكيلها، وهذا القرار لو تحقق كان سيكسب حزب الأصالة والمعاصرة احترام الرأي العام، ويصالحه مع المجتمع، لاسيما الفئات التي تشكك في ولادته الطبيعية، كما كان سيضفي مصداقية و وضوحا مفقودين على المشهد السياسي والحزبي، ويهيئه من ثمة لتصدر المشهد الانتخابي المقبل وقيادة حكومة 2026، (علاش لا !)، لكنه آثر حلاوة الحكومة، وأعرض عن شرف المعارضة، بالرغم من أن اصطفافه في المعارضة قد يكون أجدى وأنفع، لكن للوطن طبعا!، نظرا الى حجمه العددي (86مقعد)، إذ العدد مهم في لعبة المعارضة والأغلبية، وهذا كان سيؤهله ليكون نواة لتشكيل قطب للمعارضة تتكون قاعدته من الأحزاب المتوسطة والصغيرة، لكن أما وقد استمرأ حلاوة الحكومة، فقد بقيت ساحة المعارضة مشتتة، تؤثثها أحزاب صغيرة ومتوسطة، بمقاعد قليلة، جلها دفع الى المعارضة دفعا، مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، هذان الحزبان الأخيران جبل على السلطة، ولا يعرفان كيف يعارضان، ولا ماذا يعارضان؟!، لذا سيكتفيان بمساندة الحكومة من داخل المعارضة!، فيما يبقى الرهان، على الأحزاب المتحدرة من اليسار، (الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية، فيدرالية اليسار)، لكنه رهان ضعيف؛ فهذه الأحزاب على افتراض التنسيق فيما بينها، عاجزة لوحدها على تشكيل “جبهة” موحدة في مواجهة الأغلبية الحكومية، نظرا لحجمها العددي من جهة، وكذلك نظرا لصعوبة التفاهم فيما بينها من جهة أخرى.
وكشفت الحكومة المغربية، أمس الثلاثاء، عن مشروع موازنة عامة للعام 2022، بعجز 6.5 مليارات دولار.
وجاء في مشروع الموازنة، التي اطلعت عليها الأناضول “تصل حاجيات التمويل (العجز) لمشروع قانون المالية لعام 2022، إلى 58 مليار و557 مليون درهم (6.5 مليارات دولار)، بزيادة 33.37 بالمئة مقارنة بعام 2021”.
وتتوقع الحكومة المغربية، أن يصل إجمالي النفقات إلى 519 مليارا و208 ملايين درهم، (57.5 مليار دولار)، بزيادة 9.07 بالمائة بالمقارنة مع 2021، وفقا لوثيقة مشروع الموازنة.
ويقدر المشروع إجمالي الإيرادات العامة بـ460 مليار و651 مليون درهم (51 مليار دولار)، ارتفاعا من 432 مليار درهم (47 مليار دولار) في 2021.
وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية فتاح العلوي، الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي بالرباط، إن مشروع الموازنة الجديدة يتضمن انفاقا رأسماليا على المشاريع يبلغ 245 مليار درهم (حوالي 27 مليار دولار)”.
وأضافت الوزيرة المغربية “هذا رقم قياسي ومهم جدا لتحريك عجلة الاقتصاد”.
وتراهن الحكومة المغربية في مشروع الموازنة على تحقيق نمو اقتصادي في المملكة بمعدل 5.2 بالمئة هذا العام و3.2 بالمئة العام المقبل، بعد انكماش بنسبة 7 بالمئة في 2020.
وهذا أول مشروع موازنة لحكومة رئيس الوزراء عزيز أخنوش، التي تولت مهامها أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري.