قراءة تحليلية في مقال عزيز رباح: الإرهاب بين التحدي الداخلي والمؤامرات الخارجية

0
60

هل يمكن للمغرب مواجهة الإرهاب في سياق دولي متشابك؟ هذا السؤال يبرز بقوة في مقال الوزير السابق عزيز رباح، الذي يسلط الضوء على المخاطر الإرهابية التي تهدد المملكة، محذرًا من المؤامرات الخارجية ومشدّدًا على ضرورة اليقظة الشاملة. لكن، إلى أي مدى تعكس هذه القراءة واقع التهديدات؟ وما مدى دقة الطرح الذي يربط الإرهاب بالمنافسة الإقليمية؟

الإرهاب بين اليقظة الأمنية والتحديات الجيوسياسية

يستهل رباح مقاله بالتنويه بجهود الأجهزة الأمنية والعلماء في محاربة الإرهاب، وهو اعتراف بمقاربة المغرب المتكاملة التي تجمع بين العمل الأمني والتأطير الديني والفكري. لكنه يتجاوز الحديث عن الإرهاب كظاهرة معزولة، ليربطه بمخططات دولية تستهدف المغرب.

المغرب.. سرعة التحرك ودقة الإنجاز في مواجهة الإرهاب العابر للحدود

لكن هنا يبرز سؤال مهم: هل فعلاً الإرهاب الذي يهدد المغرب هو نتاج مؤامرات خارجية، أم أنه نتيجة عوامل داخلية وخارجية متداخلة؟

التوظيف السياسي للإرهاب: قراءة في أبعاد الخطاب

يشير المقال إلى أن الإرهاب يُستخدم كأداة من قبل أطراف دولية تسعى لمحاصرة المغرب سياسيًا واقتصاديًا. كما يلمّح إلى أن دولًا وحركات دينية غير سنية تشارك في هذه المؤامرات، مما يطرح إشكالية تصنيف الإرهاب وفقًا لانتماءات دينية أو طائفية، وهو ما قد يتطلب تدقيقًا أعمق.

فهل التصنيف الطائفي للإرهاب يخدم فهم الظاهرة أم يساهم في تعقيدها؟ الواقع أن الإرهاب ظاهرة متعددة الأبعاد، تتجاوز التصنيفات الدينية إلى عوامل سياسية، اقتصادية، واجتماعية.

التنافس الإقليمي: هل الإرهاب أداة لإضعاف المغرب؟

يركز المقال على أن بعض القوى الإقليمية لا تتقبل الصعود المغربي في إفريقيا، وتسعى لمحاصرته عبر دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار. صحيح أن المغرب أصبح لاعبًا رئيسيًا في القارة، إلا أن الربط بين الإرهاب والمنافسة الاقتصادية يحتاج إلى أدلة ملموسة.

فهل يمكن اعتبار العمليات الإرهابية امتدادًا لصراعات جيوسياسية، أم أنها تعبير عن مشاكل داخلية في الدول التي تنشأ فيها هذه الحركات؟

اليقظة الجماعية ومسؤولية المواطن

يدعو رباح إلى انخراط المجتمع بأسره في مواجهة الإرهاب، معتبرًا أن الأمن مسؤولية جماعية تمتد من الأسرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الدعوة تتماشى مع النهج المغربي الذي لا يكتفي بالحلول الأمنية، بل يعزز مناعة المجتمع من خلال التربية والتوعية الدينية المعتدلة.

لكن يبقى السؤال: كيف يمكن تحقيق هذه اليقظة دون الوقوع في فخ التضييق على الحريات الفردية؟ التحدي هنا هو الموازنة بين الأمن وحقوق الإنسان، بحيث لا تتحول مكافحة الإرهاب إلى مبرر لانتهاك الحريات.

خاتمة: بين الواقعية والتهويل

يقدم مقال عزيز رباح قراءة تحذيرية تعكس وعيًا بأهمية الأمن الوطني، لكنه في الوقت نفسه يطرح إشكالات تتعلق بربط الإرهاب بالمؤامرات الخارجية. وبين التحليل السياسي والواقع الأمني، يظل التحدي الأكبر هو التعامل مع الإرهاب كظاهرة معقدة تحتاج إلى مقاربة شاملة لا تقتصر على البعد الأمني فقط، بل تشمل التنمية والعدالة الاجتماعية وإصلاح الخطاب الديني.

فهل يمكن للمغرب أن يكون نموذجًا ناجحًا في محاربة الإرهاب دون المساس بحرياته وانفتاحه؟