قراءة في مقال عبد الله بوصوف: مخاض النظام العالمي الجديد بين تصدع الغرب وصعود الشرق

0
134

في مقال تحليلي جديد، يضع عبد الله بوصوف، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أصبعه على الجرح العميق الذي يعيشه العالم اليوم. فالنظام الدولي، كما يراه، لم يعد قائمًا على ثنائية واضحة، بل دخل مرحلة “المخاض” حيث تتقاطع الأزمات الأوروبية الداخلية مع صعود قوى جديدة في الشرق، في مشهد يطرح أكثر من سؤال حول مآلات النظام العالمي الجديد.

أوروبا في أزمة وجودية

يشير بوصوف إلى أن القارة الأوروبية، قلب مجموعة السبع، تعيش لحظة انكشاف حقيقية. سقوط حكومة فرانسوا بايرو في فرنسا بسبب فشلها في تمرير ميزانية 2026، ليس إلا انعكاسًا لأزمة أعمق تتمثل في تضخم المديونية والعجز وتآكل الثقة السياسية. بريطانيا، إيطاليا وحتى ألمانيا لم تسلم بدورها من الارتدادات، ما دفع قادة مثل المستشار الألماني ميرتز ورئيس الوزراء المجري أوربان إلى الاعتراف بأن الاتحاد الأوروبي في طور الانهيار.

هذا التشخيص يعيد إلى الأذهان – كما يستحضر بوصوف – سيناريوهات سابقة مثل أزمة اليونان 2012 أو أزمة بريطانيا 1976. لكنه في الوقت نفسه يعكس حجم التحدي: كيف لدول غارقة في مشاكلها الداخلية أن تظل لاعبًا مهيمنًا على الساحة الدولية؟

الشرق يعيد رسم التوازنات

على الضفة الأخرى، يبرز بوصوف قوة التحركات الشرقية، خصوصًا من خلال قمة منظمة شنغهاي الأخيرة في الصين، والتي جمعت قادة يمثلون 40% من سكان العالم. خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ كان واضحًا: النظام العالمي الجديد سيكون متعدد الأقطاب، قائمًا على العدالة والتعاون بدل الهيمنة.

روسيا، رغم الضغوط والعقوبات، ظلت طرفًا أساسيًا في النقاش، فيما تزايدت أهمية الهند في ظل توتر علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة. هذه المؤشرات، حسب بوصوف، تعكس انتقال الثقل الجيوستراتيجي نحو الشرق بشكل متسارع.

الجنوب في قلب السؤال

لكن السؤال المحوري، كما يطرحه بوصوف، يبقى: أين موقع الجنوب في هذه المعادلة؟ هل يظل مجرد متلقٍ لتداعيات الصراع بين القوى الكبرى، أم يملك من الذكاء الاستراتيجي ما يفرض حضوره كشريك؟

هنا يستحضر بوصوف الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى معهد القانون الدولي في الرباط (غشت 2025)، والتي شددت على أن “الديناميات الدولية ليست مجرد توازنات بين الدول، بل تقوم على قيم ومبادئ توافقية ومؤسسات ضامنة للتعاون”. بالنسبة إليه، تشكل هذه الرؤية بوصلة للمغرب وللدول الأفريقية والعربية في زمن التحولات.

ختام: المخاض لم ينته بعد

يخلص بوصوف إلى أن ميلاد النظام العالمي الجديد ما زال في طور المخاض، لكنه يحذر في الآن نفسه من أن الثمن قد تدفعه الشعوب عبر تآكل مكتسباتها الاجتماعية وصعود التيارات العنصرية واليمينية المتطرفة.