قرض إضافي من البنك الدولي لقطاع التعليم بقيمة 200 مليون دولار رغم ثُلث الطلاب لا يفهمون المُقرَّر.

0
285

على الرغم من اعتماد المغرب العديد من برامج الإصلاح، إلا أن مجاله التعليمي يعد من أفشل الأنظمة حول العالم، وما زال يعاني اختلالات عدة، منها ضعف المقررات المعتمدة، والتردد في اختيار لغة التدريس بين العربية والفرنسية، إضافة لظاهرة العنف المتبادلة بين الأساتذة والتلامذة، وكذلك بعض ظواهر الفساد، وأزمة العطالة التي تقضي على آمال العديد من الطلاب.

من جهته، اقترح البنك الدولي تمويلاً إضافياً بــ 200 مليون دولار دولار أمريكي لبرنامج دعم التعليم في المغرب، وبذلك يصبح التخصيص الكامل لهذه العملية 700 مليون دولار.

حسب ما جاء في وثيقة نشرها على موقعه الرسمي،  إعادة هيكلة نتائج المؤشرات الرئيسية المرتبطة بالصرف وكذلك تمديد البرنامج من 1 شتنبر 2024 إلى 30 يوليو 2026.

وقال البنك الدولي إن التمويل الإضافي يسمج بالتركيز بشكل أكبر على مؤهلات المعلمين، وقياس جودة خدمات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وكذلك دعم ممارسة التدريس في التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتاهيلي.

وأشار البنك الدولي إلى أن المغرب حقق تقدمًا اجتماعيًا واقتصاديًا كبيرًا في العقدين الماضيين، بفضل الاستقرار السياسي والاستثمارات العامة الكبيرة والإصلاحات السياسية والمؤسسية والقطاعية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض حاد في معدل الفقر الوطني، وزيادة متوسط العمر المتوقع، وزيادة فرص الحصول على الخدمات العامة الأساسية، وتطوير البنية التحتية العامة بشكل كبير.

واستدرك أنه على الرغم من هذه الإنجازات، فإن التطلعات المتزايدة للمغاربة، وخاصة الشباب، لا تزال غير محققة. حيث لا يزال خلق فرص العمل غير كافٍ مما أدى إلى وجود عدد كبير من السكان غير النشطين، كما أن معدل المشاركة في القوى العاملة، وخاصة الإناث، منخفض.

وشدد على أن جيوب الفقر لا تزال موجودة في جميع أنحاء البلاد وتعكس الفوارق الإقليمية تفاوتات اجتماعية واقتصادية عميقة. تم تحديث مؤشر رأس المال البشري في المغرب (HCI) آخر مرة في عام 2022، ولا يزال 0.50، وهو أقل من المتوسط لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولكنه أعلى من المتوسط بالنسبة للبلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض.

ولفت البنك الدولي إلى أن حكومة المغرب تعترف بضعف رأس المال البشري كعائق ملزم للنمو الاقتصادي، ويسعى نموذج التنمية الجديد، الذي تم تقديمه في عام 2021، إلى تسريع التقدم.

وكشف تقرير رسمي مغربي أن ثُلث طلاب البلاد لا يتعدّى فهمهم للمُقررات الدراسية 42%. في معطيات صادمة بخصوص المستوى التعليمي بالبلاد، تبرز تفاوتات شاسعة بين القطاع الخاص والعام، وتطرح سؤالاً: هل فشل التدريس باللغة العربية في المغرب؟ 

منذ سنوات والتقارير الدولية تدقّ ناقوس الخطر حول ملف التعليم بالمغرب. آخرها البنك الدولي الذي صنَّف البلاد في مراكز متأخرة خلال دراسته الصادرة شهر يونيو/حزيران الماضي، خالصاً إلى أنّ 66% من الطلاب المغاربة يعانون “فقر التعلّم”.

وتضيف دراسة البنك الدولي أن 67% من الأطفال في المغرب لا يستطيعون الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد من أسئلة فهم المقروء. كما يُسجّل المغرب معدّلات دُنيا في مواظبة أولياء الأمور على قراءة الكتب لأطفالهم قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية. بالمقابل أوصت بأنّ النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى مساعدة الأطفال على الانتقال من مرحلة “تعلّم القراءة” إلى مرحلة “القراءة للتعلّم”.

فيما لا تختلف آخر الأرقام الرسمية المغربية عن نظيرتها الدولية في حدّة تشخيص الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم بالبلاد. هذا ما يخلُص إليه تقرير أخير لـ”المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي”، متحدّثاً عن تفاوتات شاسعة في مستوى التعلّم لدى الطلاب بين القِطاعين العام والخاص وعن فشل خيار التعليم باللغة العربية.

في المقابل، يرى المشتغلون بالقطاع أنّ سبب هذا التعثّر المزمن للتعليم المغربي عوامل أخرى غير لغة التدريس، وأنّ المدرسة العمومية تعاني مشاكل هيكلية هي المسؤولة عما يشهده القطاع من أزمة.

ثُلثهم لا يفهمون المُقرَّر

“معطيات صادمة” وصفت بها الصحافة المحلية ما خلص إليه تقرير “المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي” المغربي حول وضعيّة التعليم بالبلاد. حيث كشف أن 31% من الطلاب لم يتجاوز استيعابهم لمُقرَّر اللغة العربية الرسمي في السنة السادسة نسبة 42%، ولا تتعدى هذه النسبة 32% في الوسط القروي.

أما بالنسبة للفصل الثالث من المستوى الإعدادي، بحسب التقرير، فـ46% من الطلاب لا يتجاوز استيعابهم مُقرَّر اللغة العربية نسبة 36%. مقابل 10% فقط منهم الذين تمكّنوا من تجاوز 90% من استيعاب البرنامج. وأظهر التقرير أنّ طلاب القطاع الخاص يتفوّقون في إتقان اللغة العربية مقارنة بتلامذة القطاع العمومي، وأنّ طلاب المدن يتفوقون في ذلك على طلاب القرى.

وفي أول خروج له بعد صدور التقرير، قال وزير التعليم المغربي، شكيب بن موسى: “نحن في بداية مسار صعب وطويل، والسؤال المطروح هو: هل التدابير التي نتّخذها ستساهم في تحسين الجودة؟”. مجيباً أنه “ممكن أن ننجح في إجراءات، وممكن أن لا ننجح، لكن إن اتفقنا على الهدف، يمكن إيجاد كل الحلول للمشاكل”.

هل فشل التدريس باللغة العربية في المغرب؟

بالنسبة للمشتغلين في قطاع التعليم في المغرب فإن مشكلاته تتعدى لغة التدريس، مع أن قضية المناهج والمقررات هي جزء من هذه المشاكل. هذا ما تؤكده لطيفة المخلوفي، أستاذة التعليم الثانوي لمادة اللغة العربية، في تصريح صحفي سابق أن “الضعف الذي يعانيه التلاميذ المغاربة لا يقتصر فقط على لغة التدريس، ولا يمكن تحميل مسؤوليته للطلاب وحدهم، بل هو نتاج الخيارات الخاطئة التي عرفتها المنظومة التعليمية”.

كلام يؤكده كذلك عبد الوهاب السحيمي، أستاذ وفاعل تربوي مغربي، الذي أوضح في تصريح صحفي أنه “توجد مشاكل هيكلية كبيرة تعاني منها المدرسة المغربية تحول دون تحقيق الطلاب كفاياتهم من التعلّم”. مشكلات يُعددها السحيمي بداية من الاكتظاظ حيث “إن أغلب الفصول الدراسية المغربية في المدارس العمومية تضمّ أزيد من 40 متعلِّماً، ما يجعل من المستحيل بالنسبة للأستاذ أن يوفي كلّ تلميذ حقه من الوقت والاهتمام، خصوصاً مع محدودية الزمن الدراسي”.

هناك كذلك إشكالية في المناهج الدراسية يتّفق الأستاذان على تأكيده، وتستنكر المخلوفي انطلاقاً من تجربتها كون “مناهج اللغة العربية لا تواكب العصر والعملية التعليمية للطالب، فكيف يمكن أن نطالب المتعلّم بفهم المنهج البنيوي في النقد الأدبي وهو لا يعرف حتى ألف-باء النقد الأدبي؟”. والنتيجة، بحسب نفس المتحدثة، “طلاب نجد معهم صعوبة حتى في أبجديات الإملاء التي تلقوها في المستوى الابتدائي”.

عبد الوهاب السحيمي هو الآخر يقف على نفس الأمر قائلاً إنّ “هناك مناهج دراسية لم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة وهي لا تواكب مستجدات العصر الحالي، وبالتالي تقف عائقاً أمام التعلّم”. ويضيف أن “المدرسة العمومية تستقطب مختلف شرائح المجتمع، بما فيها الطبقات الهشّة والفقيرة حيث العائلات في غالبيتها لا تتبع المسار الدراسي لأبنائها” وهناك طلاب “لا يفتحون محافظهم وكراريسهم بعد الخروج من الفصل” وبالتالي “يكون المجهود التعليمي أعرج دون هذا الدور الذي يجب على الأسرة ممارسته”.