قصوري: تصريحات الطالبي العلمي تعد ضغطًا سياسيًا على النيابة العامة وتخالف المبادئ الدستورية

0
99

في خضم الجدل المتصاعد حول دعم استيراد اللحوم، جاء تصريح رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي ليشعل مزيدًا من التساؤلات، ليس فقط حول تضارب الأرقام، بل أيضًا حول استقلالية المؤسسات والتوازن الدستوري بين السلطات. ففي الوقت الذي أكد فيه وزير التجهيز والماء نزار بركة أن 18 مستوردًا حصلوا على 1.3 مليار درهم كدعم حكومي، خرج الطالبي العلمي بتصريح يناقضه، مصححًا الرقم إلى 300 مليون درهم ومؤكدًا أن عدد المستفيدين بلغ 100 مستورد، ما أثار جدلًا واسعًا حول حقيقة الأرقام والجهة التي تملك المعطيات الدقيقة.

ضغط سياسي على القضاء؟

الدكتور إدريس قصوري كان من أبرز المنتقدين لتصريحات الطالبي العلمي، حيث اعتبرها “ضغطًا سياسيًا للتأثير على النيابة العامة والقضاء” من خلال استباق نتائج أي تحقيق محتمل في القضية، معتبرًا أن تجاهل العلمي لموضوع التحقيق هو “تحايل على استقلالية وحرمة القضاء”.

لكن لماذا قد يكون تصريح العلمي بمثابة ضغط سياسي؟

  • أولًا، لأنه جاء بعد تصريحات رسمية أثارت نقاشًا واسعًا حول مصير دعم اللحوم، ما يجعل تدخله محاولة لتوجيه النقاش العام.

  • ثانيًا، لأن حديثه عن الأرقام بطريقة جازمة يمنح إيحاءً بأن الملف محسوم مسبقًا، وهو ما قد يؤثر على أي تحقيق قضائي محتمل.

  • ثالثًا، لأنه رئيس مؤسسة دستورية يفترض أن تكون محايدة، وليس طرفًا مدافعًا عن الحكومة أو مبررًا لقراراتها.

تضارب المواقع والخرق الدستوري

الأستاذ الجامعي ادريس قصوري لم يكتفِ بهذا النقد، بل ذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن تصريح العلمي “غير شرعي وخرق لواجب احترام الدستور واستقلالية المؤسسات”.

فمنصب رئيس مجلس النواب يفرض عليه دورًا رقابيًا على الحكومة، وليس الدفاع عنها. لكن العلمي، بصفته قياديًا في حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، بدا وكأنه يتحدث بلسان حزبه وليس بصفته رئيسًا لمؤسسة تشريعية مستقلة.

وهنا تطرح إشكالية تضارب المواقع:

  • هل يتحدث العلمي كرئيس للبرلمان أم كقيادي حزبي؟

  • هل يمكن لرئيس مجلس النواب أن يدافع عن قرارات الحكومة، وهو الذي يفترض أن يمارس رقابة على أدائها؟

  • هل هذا التصريح يمس بمبدأ فصل السلط كما ينص عليه الدستور المغربي؟

أين لجنة تقصي الحقائق؟

إذا كان النقاش الدائر حول دعم اللحوم المستوردة قد كشف عن تناقض واضح في الأرقام، فإنه يثير أيضًا تساؤلات حول غياب تحقيق رسمي يكشف حقيقة الدعم والمستفيدين منه. وفي الأنظمة الديمقراطية، عندما تظهر تناقضات بهذا الحجم، يكون الحل الأمثل هو تشكيل لجنة تقصي حقائق، إلا أن هذه الآلية لا تزال غائبة عن المشهد.

الطالبي العلمي يرد على اتهامات التهرب الضريبي: “واش هاذ الدولة كاملة معرفاش شكون هو الطالبي؟”

في الختام: أزمة مؤسسات أم مجرد خلاف سياسي؟

في النهاية، هذه القضية ليست مجرد خلاف سياسي بين مكونات الحكومة، بل تعكس خللًا أعمق في طريقة تدبير الملفات الكبرى بالمغرب. فهل نحن أمام إشكالية تضارب المصالح بين المناصب الدستورية والانتماءات الحزبية؟ وهل سيتم تحريك مسطرة المساءلة البرلمانية لكشف الحقيقة؟ أم أن القضية ستُطوى كما طُويت قضايا أخرى دون تحقيق أو محاسبة؟