قطاع البريد: سهام كهربائية.. للوزارة الوصية

0
500

الكاتب: أمين حلي (*)

في معرض جوابه على السؤال المتعلق بالإحتقان الداخلي بقطاع بريد المغرب، رد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي كوزير وصي على القطاع، رد بزعم تتبعه الدقيق لهذا الملف، وبكون بريد المغرب ليس به مشاكل تذكر، كما نأى بنفسه الدخول في التفاصيل التي ادعى معرفته بها، لكن سرعان ما اتضح أن التفاصيل المرفوعة له مجملها تعتيم وتسويف لنضالات الشغيلة ومعطيات مغلوطة وببشاعة.

أول ما كشف لنا هذا، هو قوله “كانو غادي يديرو إضراب واتافقو”، نقول له هنا، لا يا سيدي الوزير! بل كانت هناك إضرابات متتالية نتج عنها إضراب بطولي مفتوح دام قرابة العشرة أيام قبل وءده بالاتفاق المشؤوم.

كما مرر الوزير الوصي على القطاع، للرأي العام الوطني ما مفاده أن الشغيلة البريدية استفادت أكثر من أي شغيلة أخرى بالبلاد في مغالطة واضحة وصريحة، فذكر أن البريديات والبريديين استفادوا من قانون أساسي جديد، وهنا لا بد من أن نوضح للرأي العام أنه قانون أساسي قديم/جديد، ولم يخرج بمرسوم لحد كتابة هاته الأسطر؛ كما عرج السيد الوزير على نقطة ترقية حوالي 1.312 مستخدم، نحيطكم علما السيد الوزير، ومنه الرأي العام الوطني، أن ال 1.312 مستخدم هي لوائح جداول الترقية لثلاث سنوات متتالية، وما نالوه ليس إلا حق من حقوقهم، وليس امتيازا مُنح لسواد عيونهم، ثم جاء على نقطة منحة المردودية معللا تقزيمها بقوله “هذا عام الله غالب!!”.

فعلا السيد الوزير نتفق معك أنه عام الله غالب، لكن لا بأس أن نذكركم ما دمتم طرحتم سؤالكم الإستنكاري “شكون هاذ المؤسسة وشكون عمال هاذ المؤسسة”، نذكركم أن هذه المؤسسة هي مؤسسة بريد المغرب، مؤسسة مواطنة، ساهمت في “عز عام الله غالب” بحوالي 153 مليون درهم في صندوق مواجهة كورونا، كما تعتبر من المؤسسات الأكثر مساهمة في ميزانية الدولة، بالإضافة لكون مؤسسة بريد المغرب تعتبر سباقة للطلب العمومي من أجل تطوير المنظومة الصناعية، وما الصفقة المبرمة مع مجموعة PSA من أجل اقتناء السيارات الكهربائية التي أشرفتم عليها شخصيا، إلا دليلا قاطعا على هذا، ناهيك على أن بريد المغرب، يعتبر من الرموز السيادية لبلدنا الحبيب.

كما لا تفوتنا الفرصة لنقول لك السيد الوزير، أن الشغيلة البريدية هي التي ضحت بنفسها وبعائلاتها في أوج الجائحة -عام الله غالب كما سميتموه- لتبقى مؤسسة بريد المغرب، الفاعل الوحيد في مجال الإرساليات واللوجستيك، حين قطعت شرايين التنقل بين المدن، وما عرفه ذلك من مجهود جبار وضغط غير مسبوق عاشته كل مكونات قطب الإرساليات، كما أن الشغيلة البريدية هي التي وقفت شامخة في وجه الوباء من أجل أن تنجح برنامج الدعم الموجه للأسر المعوزة والقطاع غير المهيكل عن طريق فرع البريد-بنك بكل ربوع المملكة، هذا دون إغفال المجهودات الجبارة التي بدلها سعاة البريد وكل مكونات قطب الأنشطة البريدية في ظل الأزمة، نتيجة لما سبق نعتقد جازمين السيد الوزير، أن مردودية الشغيلة البريدية في “عام الله غالب” لم يسبق لها مثيل منذ سنوات عديدة، ونحن من عاش الوضع بمواقع الإنتاج شاهدون على ذلك.

يبقى في خضم كل هذا وما يمكن اعتباره إهانة مباشرة للمؤسسة وشغيلتها، هي اللغة القدحية التي استعملها السيد الوزير في تساؤله عن “شكون هاذ المؤسسة وشكون عمال هاذ المؤسسة؟!” لكي يستفيدوا أكثر من المغاربة في مزايدة على كل البريديات والبريديين وفي تمرير مغالطات حول وضعهم الحالي؛ كما هناك إهانة أخرى لا يجب السكوت عنها متمثلة في تصريحه أن وزير المالية “جْرَى” على المدير العام، أي طرده من مكتبه، فحتى لو اختلفنا مع سياسات التسيير، تبقى صفة “المدير العام” هي هرم المؤسسة وإحدى رموزها، بالإضافة لكون المدير العام معين بظهير ملكي شريف، بهكذا جواب على سؤال بمجلس المستشارين يكون السيد الوزير قد أهان الجميع عمدا أو عن غير قصد.

تثمينا لما سبق، فالكل معني برد مبرر على كل هاته المغالطات وتبقى النقابة التي وجهت السؤال عن طريق مستشارة حزبها أكثر من وجب عليه الخروج ببيان توضيحي للرأي العام، وهذه فرصة لينثر كاتبها الوطني الغبار عن عباءته لكي لا يبقى الغائب الأكبر على الساحة، كما نوجه الدعوة للتنسيق النقابي المعتصم للتصدي لهاته الإهانة في حق كل مكونات المؤسسة، ولما لا الدعوة لحمل الشارة ليوم واحد كتعبير واضح وصريح عن رفض كل البريديات والبريديين لتسويف نضالهم البطولي وتبخيس مجهوداتهم الجبارة في “عام الله غالب!!” ولاحتجاجهم عن الإهانة المبطنة التي طالت الجميع في معرض جواب السيد الوزير، ليتضح له بالملموس أنه جانب الصواب، وأن البريديات والبريديين هم أهل الدار، فكم من وزير أتى ورحل، وظلت وستظل مؤسسة بريد المغرب بكل مكوناتها من أبرز رموز المملكة.

(*) عضو المكتب الوطني لاتحاد النقابات المستقلة بالمغرب، ممثل قطاع البريد