“لا مستقبل لسؤال الهوية في ظل حكومة بلا هوية”.. أوزين يفتح جبهة جديدة في النقاش السياسي المغربي

0
272

في زمن تبدو فيه القضايا الاقتصادية والاجتماعية أكثر حضورًا في النقاش العمومي، اختار محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن يوجّه سهام نقده للحكومة من زاوية مختلفة: الهوية. عبارة صادمة أطلقها خلال ندوة علمية بالرباط:

“لا مستقبل لسؤال الهوية في ظل حكومة بلا هوية”.

لكن، ما الذي يخفيه هذا التصعيد اللغوي؟ وما الرسائل التي أراد أوزين تمريرها في لحظة سياسية دقيقة؟

فسيفساء الهوية المغربية.. ثراء يحتاج إلى سياسة

أوزين رسم صورة للهوية المغربية باعتبارها فسيفساء متكاملة، تنصهر فيها روافد إفريقية، حسانية، وعبرية، إلى جانب روافد حضارية أخرى. وأكد أن هذا التنوع ليس مجرد ترف فكري، بل رصيد استراتيجي يجب تحويله إلى قوة دافعة لمشروع وطني جامع.

خلال مداخلته، شدّد على المكانة الراسخة للرافد العبري الذي يمتد لأكثر من عشرين قرنًا، والذي ترك بصماته في الموسيقى الأندلسية والملحون والغناء الغرناطي، وفي فنون الطهي والخياطة والصناعة التقليدية.




كما توقف عند الامتداد الإفريقي الذي جسّده المغرب تاريخيًا وسياسيًا، خاصة في عهد الملك محمد السادس. أما الرافد الحساني، فقد ربطه بالعمق الصحراوي للمملكة وبما يحمله من خصوصيات ثقافية وشعرية تُجسد التنوع داخل الوحدة.

النقد الموجَّه للحكومة.. غياب الرؤية

رغم هذا الغنى الحضاري، يرى أوزين أن التنوع لم ينل بعد نصيبه من السياسات العمومية، مرجعًا الأمر إلى غياب رؤية واضحة لدى الحكومة. فالهجوم المباشر بـعبارة “حكومة بلا هوية” ليس مجرد تقييم ثقافي، بل رسالة سياسية تسائل قدرة السلطة التنفيذية على ترجمة شعار التنوع إلى سياسات في التعليم، الإعلام، والثقافة المحلية.

ما بين السطور.. رسائل أبعد من الثقافة

خطاب أوزين لم يكن محايدًا؛ بل حمل رسائل مشفرة:

  • لماذا اختار التركيز على الرافد العبري في هذا التوقيت؟ هل هو تموقع استراتيجي موجه للنخبة الفكرية وللجالية اليهودية المغربية؟

  • أين المكوّن الأمازيغي في خطابه، وهو الرافد الأكثر حضورًا في النقاشات السياسية والثقافية؟ هل غاب عمداً لتفادي الاصطدام مع حساسيات سياسية أخرى؟

  • وهل كان يقصد بالقول إن الحكومة “بلا هوية” غياب مشروع ثقافي جامع، أم أن العبارة مجرد سلاح لغوي لمهاجمة حكومة أخنوش في لحظة تتصاعد فيها التوترات السياسية؟

سؤال المستقبل.. هوية كأداة مواجهة

ما يطرحه أوزين يفتح بابًا عريضًا: هل يمكن أن تتحول الهوية إلى أداة مواجهة سياسية تُنافس الاقتصاد والعدالة الاجتماعية في النقاش العمومي؟ أم أن خطر الانزلاق إلى “تسييس الهوية” قد يُنتج انقسامات جديدة بدل أن يعزز الوحدة؟

خاتمة

خطاب أوزين قد يكون محاولة لإعادة تموقع الحركة الشعبية في قلب النقاش الوطني من بوابة الثقافة والهوية. لكن الرهان الحقيقي لا يكمن في قوة الشعارات، بل في قدرة الفاعلين على تحويل هذا الغنى التاريخي إلى سياسات ملموسة تحترم التنوع وتحوّله إلى قيمة مضافة لمستقبل المغرب. وهنا يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستظل الهوية مجرد ورقة انتخابية، أم تتحول إلى ركيزة فعلية في مشروع وطني جامع؟