لقجع: مستوى التضخم متحكم فيه.. من يتحمل مسؤولية عجز الحكومة وتدهور الأوضاع المجتمعية؟؟

0
213

عجز المغرب منذ 2011، بحكوماتها المتعاقبة، عن رسم سياسات وتوجهات اقتصادية واضحة تحدد المنوال التنموي الذي يعالج النقائص، ويضع حلولاً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية على مراحل، ووفق مخططات مدروسة، تستجيب لتطلعات الشعب وتتماشى مع تحديات المرحلة. وعمّقت جائحة كورونا هذه الأزمة، لتعيش البلاد أسوأ ركود اقتصادي منذ الاستقلال، شمل تسجيل أعلى نسبة انكماش غير مسبوقة وانخفاض الاستثمارات وعجز كبير في المالية العمومية.

في هذا الصدد ، قال فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إن تدبير الأزمة الحالية يقتضي مجهودا متواصلا لتوفير كل المواد، خاصة الأساسية منها لمختلف المواطنين والمواطنات.

وأضاف لقجع في ندوة صحفية تلت المجلس الحكومي، المنعقد اليوم الخميس، “أن كل ما يتعلق باستيراد الحبوب والمنتوجات الطاقية والمواد التي تدخل في إطار مشتريات المقاولات المغربية فهي متوفرة”.

وتابع ” أكيد أن الأسعار ارتفعت بشكل عام، لكن إلى حدود شهر أبريل الأمور متحكم فيها وخاصة مستوى التضخم الذي بلغ حوالي 4.1 في المائة، في حين أنه في دول المنطقة تجاوز 6.7 في المائة، وفي أوروبا 6.1 في المائة”.

وزاد ” هذا الوضع يتطلب سياسة مالية ونقدية وتتبع يومي حتى تبقى مستويات التضخم في محدويدتها”، مضيفا ” حتى تكون الأمور واضحة اليوم عندما نتكلم عن توفير الحبوب فثمنه السنوي سيكون 7.3 مليار درهم”.

وأشار أن الحكومة تتوقع أن يكون هناك انتعاش في الموسم السياحي خلال هذا الصيف، خاصة مع عودة المغاربة المقيمين بالخارج، ولذلك دعمت بطريقة استباقية القطاع ولإعادة هيكلة الفنادق والمؤسسات السياحية بمبلغ وصل إلى ملياري درهم.

ولفت إلى أنه إذا كانت أثمنة النقل العمومي بشتى أنواعه مستقرة في أثمانها ولم تعرف الزيادة فإنها تكلفة الدعم فيها بلغت أكثر من 540 مليون درهم شهريا، وإذا كان ثمن غاز البوتان يساوي 40 درهما للقارورة فإن الدولة تدعم كل قنينة ب 116 درهما.

وأكمل بالقول ” هذه الإشكاليات كلها جعلت من نفقات المقاصة ترتفع بأكثر من 15 مليار درهم خلال هذه السنة، ولتفوق في المحصلة مبلغ 32 مليار درهم”، مضيفا ” نتمنى صادقين أن الأوضاع تبقى مستقرة وتتحسن في المستقبل القريب والغيب لا يعلمه إلا الله”.

وأوضح لقجع أن المجهود الإضافي المعتلق ب 15 مليار درهم الذي خصصت لصندوق المقاصة، فإن الحكومة بذلت مجهودا إضافيا حتى تتحسن مواردها لا على مستوى الضرائب المباشرة أو غير المباشرة، وهو ما أتاح القدرة لمواجهة هذه الإشكاليات وهذه الكلفة دون اللجوء إلى تعديل قانون المالية.

وأبرز أن هذا الأمر ظهر في تنقيط المغرب الذي حافظ على تنقيطه المالي من قبل عدد من المؤسسات في عز هذه الأزمة، وعبر تقارير صندوق النقد الدولي الذي أثنى على المجهودات التي قام بها المغرب وتدبيره لهذه الأزمة. 

ويرى كثير من متابعي الشأن الاقتصادي والاجتماعي في المغرب أن تدهور الوضع في البلاد يعود إلى افتقار العقل السياسي للطبقة التي تسلمت السلطة بعد 2021 إلى “أدوات تفكير حديثة” تقطع مع المنظومة الاقتصادية القديمة.

وفي نفس السيقا، دعت “الجبهة الاجتماعية المغربية”، التي تضم عدداً من المنظمات الأهلية والنشطاء الحقوقيين، أنها تعتزم تنظيم “مسيرة شعبية” يوم الأحد المقبل صباحاً انطلاقاً من ساحة “النصر” في مدينة الدار البيضاء، تحت شعار “مناهضة الغلاء والقمع والتطبيع”. 

وقالت الجبهة ، في بيان، أن عدم شفافية مناخ المال والأعمال وتضارب المصالح وضبابية قواعد السوق وسيادة الاحتكار وضعف هيئات الحَوْكَمة وضمنها “مجلس المنافسة”، أسباب إلى جانب عوامل أخرى أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات، وسط غموض في تدبير هذا القطاع الحيوي الذي يدر أرباحاً طائلة على الشركات المعنية. 

وأشارت الجمعية إلى أن هذا الوضع يزداد تعقيداً مع وجود التباس في دور “صندوق المقاصة” في تلك الأرباح وعدم تحمل الحكومة المسؤولية القانونية والسياسية في تنوير الرأي العام وتوضيح كل الظروف والملابسات المرتبطة بتدبير الصندوق المذكور.

وتطرق البيان أيضاً لموضوع مصفاة “لاسامير” لتكرير البترول التي قال إنها وصلت إلى وضع الإفلاس وهدر أموال عمومية ضخمة دون إجراء تقييم وافتحاص موضوعي وشفاف لتدبيرها، وإطلاع الرأي العام على الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة، وطرح بدائل جدية لتجاوز هذه الوضعية وتحقيق الأمن والسيادة الطاقية.

من جهته ، قال المحامي محمد الغلوسي، رئيس “الجمعية المغربية لحماية المال”، في تصريح، إن الاحتجاج في هذه الظرفية له أكثر من سبب، وهي أسباب مشروعة، بحيث إن الحكومة عاجزة اليوم عن تنفيذ وعودها التي قدمتها أثناء مرحلة الانتخابات، وأعطى مثالاً على ذلك بالارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الاستهلاكية وأسعار المحروقات، وتدهور القدرة الشرائية لدى فئات واسعة من المواطنين، فضلاً عن التفاوت الاجتماعي الذي يزداد حدة مقارنة بالسنوات السابقة، إذ إن الثروة اليوم صارت مركزة في أيدي فئة قليلة، بينما الفئات العريضة محرومة من تلك الثروات، حسب تعبيره.

ولفت الناشط الحقوقي الانتباه أيضاً إلى التفاوت المجالي بين الجهات والمناطق، حيث إن هناك جهات تفتقر إلى أبسط الخدمات والمرافق العمومية وغيرها من البنيات. وأشار إلى أنه برزت أصوات من داخل الحكومة تمارس التضييق على المجتمع المدني، مستدلاً على ذلك بالتصريحات المتكررة لوزير العدل بشأن رغبته الأكيدة في حرمان جمعيات المجتمع المدني من التقدم بشكايات ذات صلة بالرشوة والفساد ونهب المال العام، إذ ذكر الوزير أنه سيدخل تعديلاً على المسطرة الجنائية سيكون بمقتضاه على وزارة الداخلية حصراً أن تتقدم بالشكايات في الموضوع.

ووصف الغلوسي هذا التوجه بـ”الخطير” و”النكوصي” وأنه يجسد غياب إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد والرشوة والريع. واستطرد قائلاً إن الحكومة سحبت مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع، كما أنها لم تقم بتحديث المنظومة القانونية ذات الصلة بمكافحة الفساد، إذ إنه لحدود اليوم لم تضع في جدول أعمالها مراجعة قانون التصريح بالممتلكات وغيرها من القوانين المرتبطة بتخليق الحياة العامة.

كما لاحظ أن بعض تقارير “المجلس الأعلى للحسابات” لا تحال على القضاء لمحاكمة المتورطين في الفساد ونهب المال العام. واعتبر أن “مجلس المنافسة” بوصفه من هيئات الحَوْكَمة يوجد في وضع لا يُحسد عليه، إذ لم يستطع أن يقوم بدوره في ضبط السوق والأسعار والمنافسة والشفافية في مناخ المال والأعمال، وبالتالي فدور هذا المجلس أصبح “باهتاً”، وفق وصفه، مضيفاً أن ذلك ينطبق على مؤسسات أخرى مثل “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها” رغم إخراج قانون يوسع من صلاحياتها وأدوارها. وأكد أن دورها في المجتمع وأثر تلك المهام على الرشوة ما زال ضعيفاً جداً، إن لم نقل منعدماً.

وقال: “هناك اليوم وضع اقتصادي واجتماعي مقلق”، مشيراً إلى وجود ارتفاع في معدلات البطالة والفقر؛ ومعرباً عن اعتقاده بأن الحكومة الحالية تتكون من وزراء غير قادرين على إحداث أي تحول إيجابي في المجتمع، كما أنها ـ يضيف المتحدث ـ عاجزة حتى عن التواصل مع الرأي العام المغربي، ولا تتوفر على برنامج متكامل وشامل يجيب على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وشدد على أن الحكومة عاجزة عن تقديم الحلول والبدائل الكفيلة بإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الموجودة. ولفت الانتباه إلى أن حكومة عزيز أخنوش، في الوقت الذي تسمح فيه بتضارب المصالح وتثبت عجزها عن خفض الأسعار والاستجابة لانتظارات فئات واسعة من المجتمع، لم تستطع أن تحقق زيادة في الحد الأدنى لرواتب الموظفين والعمال، إذ ظلت هذه الرواتب جامدة ولم تتزحزح منذ مدة طويلة، مقابل وجود رواتب ضخمة جداً لدى بعض المسؤولين والوزراء ومديري المؤسسات العمومية.

 

 

 

 

 

الغلوسي : وزير العدل تنكر للإرادة الشعبية التي أوصلته للبرلمان وأصبح رهينة لوبيات مستفيدة من واقع الريع والفساد