لقجع والمونديال: بين الاستثمار الاستراتيجي والمؤامرة المفترضة..ما وراء “نقاطع حكيمي”

0
127

حين يخرج فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ورئيس الجامعة المغربية لكرة القدم، ليُعلّق على كلفة الملاعب والتنمية المرتبطة بالمونديال، لا يمكن اعتباره مجرد تصريح حكومي تقليدي. ففي دقائق معدودة، يتقاطع الحديث بين السياسة، الاقتصاد، الرياضة، والخطط التنموية طويلة المدى، لتتضح أمامنا صورة المغرب الذي يسعى لتحقيق نقلة استراتيجية شاملة، من البنية التحتية إلى الصحة العامة.

لقجع يقول: “علاش نقاطعو حكيمي؟ حكيمي ولد القصر الكبير كلا البيصارا مع سيمو”. في هذه الجملة البسيطة، ثمة أكثر من مجرد دفاع عن لاعب. هناك توجيه رسائل متعددة: عن الانتماء المحلي، عن الاعتراف بالتضحيات اليومية، وعن رفض المقاربات الظرفية أو الانتقائية التي تحاول تهميش بعض اللاعبين. فهل الرياضة اليوم مجرد أداء على أرضية الملعب، أم أنها انعكاس لمناطق القوة الاجتماعية والسياسية داخل المغرب؟

لقجع يؤكد أن تنظيم كأس العالم ليس مجرد مشروع رياضي، بل “تجسيد لمنظور استراتيجي لبلادنا”، وأنه يخلق قيمة مضافة وفرصا للنمو، وينعش التشغيل. ولكن هل الرياضة وحدها قادرة على دفع عجلة التنمية الوطنية؟ أم أنها أصبحت أداة رمزية لقياس قدرة الدولة على تنفيذ مشاريع معقدة، تتجاوز حدود الملعب إلى كل مفاصل المجتمع؟

الوزير يربط المباريات الكبرى بالاستثمار في الصحة والبنية التحتية: من الملاعب إلى المستشفيات الجامعية، ومن تطوير المطارات إلى تعزيز الخدمات الصحية، كلها مشاريع تتسارع وتيرة تنفيذها بفضل ضغط المونديال. هنا يظهر السؤال الجوهري: هل كانت هذه المشاريع لتُنجز لولا المواعيد النهائية الكبرى التي يفرضها حدث عالمي؟ وهل يستحق المجتمع أن تُستثمر ملايين الدراهم لإسراع وتيرة تنفيذها، حتى لو لم يستضف المغرب المونديال فعلياً؟

لقجع يوضح أن “كلفة بناء الملاعب لا تندرج ضمن الميزانية العامة”، مع كشف أن التكلفة الإجمالية المرتبطة بالمونديال تبلغ نحو 3 مليارات درهم، منها مليار و600 مليون للمكتب الوطني للسكك الحديدية. من هذا المنظور، المونديال ليس مجرد حدث كروي؛ إنه مشروع تطوير اقتصادي واجتماعي متكامل، يربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب، في ما يسميه المغرب “2030”.

وفي نفس الوقت، يتطرق لقجع إلى الشائعات والتشكيك في قدرات المغرب، متحدثاً عن “المؤامرة المرتبطة بالكلاب الضالة والصور المفبركة”. هنا يبرز سؤال مهم: لماذا تتحول الرياضة إلى ساحة لمؤامرات وهمية؟ هل محاولة تشكيك الخارجين عن المشهد الرياضي في كفاءة الدولة تعكس أزمة ثقة أم لعبة سياسية معقدة؟

في نهاية المطاف، خطاب لقجع يدعو إلى التفكر: التنمية ليست مشروعا مؤقتا مرتبطا بالمونديال، بل عملية متكاملة تستهدف جميع القطاعات، وفي مقدمتها الصحة والبنية التحتية. هو دعوة لإعادة النظر في أولويات الدولة، ولفهم أن الرياضة، عندما تتقاطع مع الاقتصاد والسياسة، تصبح مرآة للمجتمع، تعكس طموحاته وصراعاته وتحدياته.

القارئ مدعو للتأمل: هل يمكن أن يتحقق المغرب 2030 دون أحداث كبرى كالمونديال؟ وما هو الثمن الاجتماعي والسياسي للاستثمار في المشاريع المسرّعة؟ وهل تصبح الرياضة منصة لتعزيز التنمية الوطنية أم مجرد أداة رمزية للسيطرة والتأثير؟