لماذا تعلن الشركة البريطانية عن اكتشاف للغاز في منطقة سبو الوسطى؟؟ أم تضليل الرأي العام واشباع أحلام الشعب !

0
611

لا زال موضوع التنقيب عن الغاز في المغرب يطرح تساؤلات كثيرة من طرف مجموعة من المتتبعين للشأن الطاقي المغربي، متسائلين عن أثر عمليات الحفر الاستكشافية التي تقدم عليها منذ حوالي ثلاثة سنوات بعض الشركات البريطانية. لكن المدهش في الحالة المغربية هو اعلانات يومية عن اكتشافات غاز بل وأحيانا في كل دقيقة، ليتحول المغرب إلى دولة مصدرة للغاز وعن دخولها للأسواق العالمية، وفجأة وبقدرة قادر تحولت إلى روسيا أو كازاخستان الغاز!

في هذا الصدد، أعلنت مجدداً شركة النفط والغاز البريطانية  “SDX Energy، اليوم الاثنين 4 سبتمبر، عن بدء حفر بئر “Ksiri-21” (“KSR-21”) في منطقة سبو الوسطى بحوض الغرب.

شركة “SDX ENERGY” التي نجحت في حفر العديد من الآبار النفطية التي تحتوي على احتياطات مهمة.

وتقول SDX إنه سيتم حفر بئر التطوير العمودي إلى عمق إجمالي مخطط له يبلغ حوالي 1950 مترًا، مضيفة أنه باستخدام المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد الحالي، يستهدف البئر احتياطا جيدًا داخل التكوين الرئيسي للحوض، المنتج الرئيسي للرمال في المنطقة. وفي المجمل، قامت الشركة بحفر أكثر من 20 بئر إنتاج في نفس الحوض.

وأكدت الشركة أن “هذا البئر الجديد يمثل موقعا منخفض المخاطر للتوسع”، مؤكدة أيضا أنه “يمكن تشغيله على الفور، وتزويد الزبناء الحاليين بالغاز، كجزء من تحسين أسعار الغاز المعلن عنه في 5 يونيو 2023″، وستصدر الشركة المزيد من الإعلانات عند الاقتضاء.

بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة SDX دانييل غولد، “يمثل بدء الحفر خطوة أولى في خارطة الطريق الجديدة لـ SDX في المغرب، والتي ستقدمها الشركة قريبًا. وكجزء من تنشيط إنتاج الشركة، سنقوم بتقييم جدوى حفر آبار إضافية على التوالي.”

وهذا النوع من البرامج من شأنه أن يقلل من النفقات المالية لكل بئر، ويضمن الكفاءة التشغيلية، ويثبت وجود احتياطيات كافية من “الغاز خلف الأنابيب” لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي.

وتحوز الشركة خمس رخص تنقيب في حوض الغرب، هي: “سبو” و”لالة ميمونة الشمالية” و”غرب سَنْتر” و”لالة ميمونة الجنوبية” و”مولاي بوشتى الغربية”.

كما تمتلك حصة 75 في المائة من حقوق الاستغلال في مختلف مناطق الحفر التي حازت على رخصها، في حين يحتفظ المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بنسبة 25 في المائة المتبقية.

وكانت بريداتور قد بدأت -في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022- حفر البئر الواقعة في ترخيص حقل الغاز المغربي غرسيف، الذي تمتلك فيه نسبة 75% والمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم 25%.

يجب ألا ننسى بأن الأخبار المضللة عن اكتشاف الغاز أصبحت معتادة وحتى في مجال الاكتشافات النفطية وحتى الاعلان عن مشاريع لتضليل الرأي العام في المغرب. لا أحد منا  يمكنه أن ينسى كذبة اكتشاف نفط تالسينت التي قلبت المغرب رأسا على عقب وأحدثت ضجة كبيرة، وحلم بسببها المغاربة كثيرا بأنهم سيتحولون إلى دولة نفطية. ليظهر الأمر في النهاية مجرد كذبة.

من جهته، استغرب الحسين اليماني، الكاتب العام لنقابة البترول والغاز، من حجم “التهويل” من طرف شركات التنقيب “المحكومة بهواجس الدعاية الإعلامية للرفع من قيمتها في سوق البورصة”.

وأشار اليماني، في تصريحات إعلامية، إلى “المفاهيم غير الدقيقة التي يتداولها مجموعة من المسؤولين المغاربة فيما يتعلق بهذا الموضوع، ما يخلق نوعا من الضبابية، لأننا نحتاج أولا الجواب على الطلب الداخلي قبل الحديث عن تصدير الفائض”.

وأضاف أن “المغرب تأخر كثيرا للانخراط في نادي التنقيب عن الغاز”، موضحا أنه “لو بدأنا في هذا الورش منذ ثلاثة عقود مثلا، لكنا اليوم بلغنا مبلغا مهما يتقاطع مع الاستراتيجية الطاقية، على اعتبار أن الغاز الطبيعي يعد من الطاقات الصديقة للبيئة والأقل تلويثا بالمقارنة مع الفحم الحجري أو البترول”، وزاد: “هذا الغاز هو قنطرة للتواصل بين الطاقات الأحفورية والطاقات الخضراء، لكونه يتمتع بمكونات مهمة تسعف في الانتقال نحو الطاقات المتجددة”.

لكن ما يثير اهتمام الخبير الطاقي ذاته هو “هل فعلا وصلنا إلى درجة أننا سنستغل هذه التوقعات من المخزونات التي تعلن عنها الشركات؟”، موردا أن “هناك معطيات تفيد بأننا اتجهنا في هذا الجانب، أي في استغلال الغاز الذي تم اكتشافه في تندرارة وفي العرائش أيضا، لكننا نحتاج إلى توضيحات رسمية”، معلنا تفاؤله بأن “الباطن المغربي لا يمكن أن يكون عاقرا فيما يتعلق بالتوفر على مخزون من الغاز”.

وقال: “حين سيشرع المغرب في استغلال هذه الثروة الغازية، فهذا سيساهم في تخفيض الكلفة الطاقية، وكذلك تحقيق نوع من الاستقلالية”، مبرزا أن “البنية الجيولوجية للعالم تبين أن العديد من البلدان، بما فيها المغرب، يمكن أن تتوفر على مخزون مهم من الغاز الطبيعي، خصوصا مع اتجاه العديد من البلدان من التنقيب عن الغاز تحت البحر في زمننا الحالي”.

فيما، قال أمين بنونة، أستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش مدير مشروع “مونوغرافية الطاقة بالمغرب”، إن “هناك إشارات كثيرة لا تقبل تفاوضا تبين أن المغرب يسير فعلا في منحى استخراج الغاز الذي تم اكتشافه في منطقة العرائش بالشمال وفي تندرارة بالشرق، خصوصا الأخيرة التي من المرتقب الشروع في استغلال إمكانياتها من الغاز بحلول أواخر 2024”.

نتائج صادمة

أوضحت “بريداتور أويل آند غاز” أنها وصلت إلى عمق 1260 مترًا في بئر “إم أو يو-2″، إذ حصلت على سجلات سلكية من 677 مترًا إلى 1010 أمتار، لكنها لم تستطع التعمق أكثر، بعد أن كانت تخطط للوصول إلى 1500 متر.

(السجلات السلكية -التي تُعرف أيضًا باسم عملية جس الآبار النفطية- هي طريقة لجمع البيانات من بيئة البئر لمعرفة الخصائص الفيزيائية الجوفية وجمع أكبر قدر من معلومات عن المكمن).

وقالت بريداتور -في بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة-، إن هذا الأمر يرجع إلى مواجهة “طين شديد اللزوجة” في تكوين جيولوجي يغطي منطقة “مولوية فان”، التي تُعد الهدف الأساسي من الحفر.

وأبلغت الشركة عن مسافة مقطوعة تبلغ 165 مترًا، مع ما يصل إلى 100 متر من الرمال ذات الجودة المتغيرة.

وستحتاج الشركة إلى إعادة تقييم برنامج الحفر الخاص بها، فضلًا عن دراسة تأثير هذا التكوين الجيولوجي الجديد.

وكان غريفيث قد صرّح -في نوفمبر/تشرين الثاني 2022- بأن هناك مستوى جيدًا من الاهتمام بالغاز المغربي، مؤكدًا أن هناك مجالًا لمزيد من إنتاج الغاز من قبل “بريداتور”.

إذا وجدت الشركة موارد غاز عند تقديراتها البالغة 708 مليارات قدم مكعّبة، “فلن تتردد في بدء صفقة لتحقيق الدخل من قيمة المساهمين”، بحسب ما أكده غريفيث.

كما أوضح أن أصول الغاز تجتذب علاوة كبيرة، لأنها يمكن أن تُسهم في تأمين إمدادات الطاقة وتحولها، للمساعدة في استقرار تكلفتها على المدى القريب، وفق ما نقلته منصة “إنرجي فويس” (Energy Voice).

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز اكتشافات الغاز المغربي منذ بداية عام 2022:

اكتشافات الغاز في المغرب

اتفاقية التنقيب عن الغاز المغربي

كانت شركة “بريداتور أويل آند غاز” البريطانية قد وقعت -في مارس/آذار 2019- اتفاقية ترخيص غرسيف مع المكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم المغربية، لمدة استكشاف أولية تبلغ 30 شهرًا.

وفي 17 أغسطس/آب 2022، أعلنت الشركة أنها جمعت نحو 4 ملايين دولار (41 مليون درهم) لبرنامج الحفر في المغرب، موضحة أن الأموال ستُخصّص بالكامل للتنقيب “عالي التأثير والأرباح”، وفق ما أوردته صحيفة “ليكونوميتس” الناطقة باللغة الفرنسية (L’Economiste).

وقدّرت الشركة أن صافي موارد الغاز في بئر إم أو يو-2 يبلغ نحو 295 مليار قدم مكعّبة، مع أفضل تقدير عند 708 مليارات قدم مكعّبة.

وقالت الشركة: “يجري الآن تمويل هذا البرنامج بالكامل لاستكمال بئر إم أو يو-2 واختبارها، وكذلك اختبار بئر إم أو يو-1 في الوقت نفسه من الموارد النقدية الموجودة”.

تأجيل خطة الحفر في غرسيف

في 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلنت شركة “بريداتور” وصول منصة الحفر إلى موقع بئر “إم أو يو-2″، بما يمهد الطريق لبدء عمليات الحفر في المغرب.

وتوقعت الشركة استغراق الحفر من 12 إلى 15 يومًا، ويجب أن تصل إلى هدف الغاز الأولي في غضون 10 أيام، ما دامت لا توجد تأخيرات تشغيلية.

وتتمثل خطة الحقل في تصدير الغاز على شكل غاز طبيعي مضغوط، إذ سيكون هذا أسرع من بناء خط أنابيب.

وكانت بريداتور قد خططت لبدء الحفر بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول؛ إلا أن الشركة اضطرت إلى تغيير بعض الخطط المتعلقة بالنقل البحري لمواد الحفر.

وأضافت أنه كان يتعين تغيير الخطة لتشمل نقل المواد برًا، في ظل ارتفاع المنافسة على السفن في مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية.

وتعتقد الشركة أن تحسين الحفر -بناءً على الخبرة المكتسبة من بئر “إم أو يو-1”- سيُبقي التكاليف عند المستوى نفسه. وقالت بريداتور إنه كانت هناك “زيادة كبيرة” في المعدات والمواد والأفراد.