ليبيا تدرك فكرة إرساء تكتل بديل للاتحاد المغاربي بغياب المغرب تحدٍ كبيرًا وتعلن تشبثها بإحياء اتحاد المغرب العربي

0
322

ليبيا تدرك أن فكرة إرساء تكتل بديل للاتحاد المغاربي بغياب المغرب تحدٍ كبيرًا، حيث يعتبر المغرب عنصرًا رئيسيًا في هذا التكتل الإقليمي. يتمتع المغرب بدور مهم وتأثير كبير في المنطقة المغاربية، ويمتلك علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية وتاريخية عميقة مع باقي الدول الأعضاء.

بالنظر إلى هذا الواقع، قد تكون محاولة لإرساء تكتل بديل للاتحاد المغاربي بغياب المملكة وإغفالها أو المضي قدما بدونها ومن الصعب أن تخرج القمة الثلاثية بقرارات عملية واستراتيجية دون المغرب.

لذا سارعت ليبيا إلى بعث رسالة خطية لجلالة الملك المفدى محمد السادس عاهل البلاد حفظه الله، للتأكيد على تشبُّثها بإحياء تكتل اتحاد المغرب العربي باعتباره الإطار الوحيد للدول المغاربية الساعية نحو التكامل وتحقيق طموحات الشعوب في الاستقرار والرفاهية، وذلك بعد أقل من 24 ساعة، على الاجتماع التشاوري المغاربي الذي دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيد وحضره كل من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي في غياب المغرب وموريتانيا.

ونقل مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي سامي المنفي الدبلوماسي الليبي، على لسان رئيس بلده محمد المنفي في لقائه مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الثلاثاء بالرباط، تأكيده على دور المملكة المغربية، كدولة فاعلة ومؤثرة في الاتحاد المغاربي، الساعي للوصول إلى تنزيل وتحقيق هذا التكتل والكيان السياسي المترجم لطموحات الشعوب المغاربية ككل.

وقال السفير أبو بكر إبراهيم الطويل، القائم بأعمال السفارة الليبية بالمغرب، في تصريح للصحافة عقب هذا اللقاء، إن هذه الزيارة تأتي لتؤكد تميز العلاقات الأخوية التي تربط بين ليبيا والمغرب. وأعرب، عن شكر بلاده للمغرب على دعمه الثابت والدائم، تحت قيادة الملك، للقضية الليبية، والذي يتجسد من خلال عدة اتفاقات مبرمة، لاسيما اتفاق الصخيرات، وبوزنيقة، وطنجة.

وذكر بأن المملكة المغربية ساهمت بفعالية في تسوية الأزمة الليبية، وقدمت دعمها الكامل لإبرام سلسلة من الاتفاقات، مشيرا إلى أن اتفاق الصخيرات لسنة 2015 يظل حجر الزاوية والمرجع لتسوية المسألة الليبية.

وأضاف السفير الليبي أن هذه الزيارة تندرج كذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز اتحاد المغرب العربي من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة لمزيد من الاستقرار والازدهار، مبرزا الدور الفعال الذي يضطلع به المغرب لصالح الاندماج المغاربي.

يشار إلى أن مصدرا مقربا من المجلس الرئاسي الليبي كان قد رفض مؤخرا، جملة وتفصيلا، كل محاولة تروم إلى خلق إطار بديل يحل محل اتحاد المغرب العربي، مشددا على الحاجة الملحة لتعزيز هذه المجموعة الإقليمية، التي أرست أسسها بلدان المنطقة الخمسة في مراكش سنة 1989.

ويأتي هذا الموقف الليبي الجديد، بعد ساعات على انعقاد القمة الثلاثية التي جمعت ليبيا، تونس والجزائر، وانتهت بمخرجات أكدت من خلالها “على الأهمية البالغة لتنظيم هذا اللقاء والحفاظ على دورية انعقاده بالتناوب بين الدول الثلاث للإرتقاء بالعلاقات الثنائية المتميزة التي تربط كل بلد بالآخر إلى مرحلة نوعية جديدة تتعدى الإطار الثنائي إلى التفكير والعمل الجماعي”.

لكن هذه القمة الثلاثية طرحت تساؤلات بشأن الأهداف البعيدة المرجوة منها، ونقاط استفهام حول غياب كل من المغرب وموريتانيا عن هذا اللقاء المغاربي، لاسيما مع ثقل المملكة في المنطقة وأهميتها كبلد يمتلك مقومات سياسية واقتصادية لا يمكن إغفالها أو المضي قدما بدونها، من الصعب أن تخرج القمة الثلاثية بقرارات عملية واستراتيجية دون الرباط، خاصة وأنها كانت تحمل سابقا عنوان “اللقاء الاستشاري”.

ورغم البيان الذي خرجت فيه الدول الثلاثة كمخرجات للقاء إلا أنه إلى اليوم غير معروف ما هي آفاق هذا الاتحاد وهل سيتحول إلى منطقة حرّة كما يتردد في تونس أم سيقتصر الأمر على سوق مشتركة، ولكن المؤكد أن تونس التي لديها مديونية عالية جدا تحاول الاستفادة من جارتيها النفطيتين من أجل إعطائها بعض الدفع لإخراجها من عنق الزجاجة الذي تعيش فيه على صعيد المدفوعات الخارجية بسبب النقص في العملة الصعبة، بحسب المؤشرات العملية.

وشدّدت الدول الثلاث المجتمعة على أهمية الإدراك المشترك بضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتدعيم مقومات الأمن والاستقرار والنماء بالمنطقة كلها، وتعزيز مناعتها لا سيما مع بروز متغيرات ومستجدات إقليمية وأزمات دولية متلاحقة وفارقة، لم يعد بإمكان أي دولة مواجهة تداعياتها بمفردها، مؤكدين أن هناك حاجة ملحة لأن يكون للدول الثلاث صوت مسموع وموحد وحضور مؤثر وفاعل في مختلف فضاءات الانتماء الإقليمية والدولية.

لكن محللين يذهبون إلى أن غياب المغرب عن هذه القمة الثلاثية أمر “مقصود”، وأسبابه ترتبط مباشرة بالموقف الجزائري المعادي حيث كانت سببا رئيسا في إفشال مشروع تأسيس المغرب الكبير بعناصره الخمسة (تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب، موريتانيا) بسبب إصرارها على إضافة مكوّن ثالث وهو الصحراء المغربية.

ويسعى النظام الجزائري إلى إيجاد دول مغاربية تساندها في نفس التوجه، وتشجّع الفضاء المغاربي على منع تأسيس اتحاد مغاربي قوي ومبني على فكرة تقاسم المساهمات بين أعضائه، مستغلة الظروف الاقتصادية التي تعيشها تونس.

ورغم ادعاءات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون انفتاح هذا اللقاء على جميع الدول المغاربية، إلا أن تصريحاته متناقضة، وسبق وأن أفصح عن هذا التوجه بإعلانه عن رغبته في تشكيل تحالف جزائري تونسي ليبي استثنى منه المغرب وموريتانيا.

وأضاف “الدول الثلاثة المشاركة في هذه القمة تسعى إلى تشكيل تحالف سياسي أمني يكون بمثابة حائط صد منيع ضد الإرهاب وقادر على مواجهة التقلبات داخل المنطقة والصراعات الإقليمية التي يمكن أن تهدد أي دولة.