مؤامرة بين النظام الجنوبي افريقي المتوجس من المغرب كقوة اقتصادية صاعدة والبوليساريو لتمرير رسالة ملغومة بأن المغرب طلب الانضمام لمجموعة بريكس

0
421

تقرير : جمال السوسي

في اعلان كشف المؤامرة التي كانت تخطط لها بريتوريا بالمراهنة على تمرير رسالة ملغومة من خلال الادعاء بأن المغرب طلب الانضمام لمجموعة بريكس والمشاركة في اجتماع بريكس/افريقيا المقرر في 24 أغسطس الجاري.

الرباط – لم تترك الدبلوماسية المغربية لجنوب إفريقيا الفرصة للمناورة والمزايدة إقليميا ودوليا في ما يتعلق بمزاعم إرسال المغرب طلبا للانضمام لمجموعة بريكس والمشاركة في اجتماع بريكس/إفريقيا الذي ينتظم في جوهانسبورغ، فالرد كان سريعا وحاسما وواضحا بقدر وضوح وشفافية الدبلوماسية التي أرسى دعائمها العاهل المغربي وجعلها ضمن ضوابط لا تقبل المساومة في قضايا هي من الثوابت الوطنية تتصدرها قضية مغربية الصحراء.

ويبدو أن بريوتريا التي يحفل سجلها بالعداء المجاني لمصالح المغرب والذي يُحرك إلى حدّ ما دعمها للنزعة الانفصالية في الصحراء ومحاولة التشويش على مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط منذ 2007 لحل النزاع المفتعل من قبل جبهة البوليساريو، راهنت عبثا على تمرير رسالة ملغومة من خلال الادعاء بأن المملكة طلبت الانضمام لمجموعة بريكس والمشاركة في الاجتماع المقرر في 24 أغسطس/اب الجاري.

رد الخارجية المغربية كان بمثابة تفكيك لتلك الألغام الجنوب افريقية وتوضيحا بأن مشكلة المغرب مع العداء الذي تبديه بريتوريا لمصالح المملكة في إفريقيا ودعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية واصطفافها مع الجزائر في توفير الدعم والغطاء السياسي للكيان غير الشرعي الذي يقوده إبراهيم غالي.

وتشير توقيتات وسياقات ترويج جنوب إفريقيا لتلك المزاعم إلى ما اعتبره كثيرون “لؤم سياسي” يذهب أبعد من مجرد المناورة السياسية إلى حقيقة محاولة إثارة ضجيج يغطي غباره أزمة داخلية يعيشها النظام الجنوب إفريقي الحالي الذي يكابد في مواجهة محاولات عزله، بينما ينخر الفساد مؤسسات الدولة والحزب الحاكم.

وكانت المعارضة قد تعهدت مؤخرا بإسقاط الحزب الحاكم والرئيس سيريل رامافوزا واختبرت حدود هذا الخيار الحتمي وأكدت مضيها كخيار حتمي لإنقاذ البلاد وتصحيح مسار علاقاتها الخارجية.

رامافوزا نجا في نهاية العام الماضي من السقوط وتمكن بفضل سطوته من الالتفاف على فضيحة فساد واتهامات بانتهاك الدستور والقوانين، بينما كان يمكن أن تحمل تلك التطورات (سقوط رامافوزا) تغيرا في النهج والسياسة في موقف بريتوريا من نزاع الصحراء.

النظام الجنوب افريقي يحاول التغطية على أزمته الداخلية ومحاولات عزله

والرئيس الجنوب افريقي الذي يواجه وضعا صعب على المستوى الداخلي، يعتبر أحد أبرز أحزمة الدعم لجبهة البوليساريو في تحالف معلن مع الجزائر عمل على تعطيل تسوية سلمية للنزاع على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب منذ 2007 حلا وحيدا للتسوية تحت سيادته.

وكان قد أكد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي خلال استقباله كبير الانفصاليين إبراهيم غالي رئيس الكيان غير الشرعي المسمى ‘الجمهورية العربية الصحراوية’ المعترف به من جانب واحد ويحظى بدعم الجزائر وبريتوريا، دعم حكومته الكامل لما تطالب به جبهة البوليساريو تحت مسمى “تقرير المصير”.

وهذا الموقف من قضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية كفيل بتوضيح حجم عداء بريتوريا لمصالح المغرب ولسيادته ووحدة أراضيه الترابية وهو ما يفسر بوضوح المواقف المغربية المعلنة تجاه النظام الجنوب إفريقي، فمغربية الصحراء خط أحمر وثابت وطني لا يقبل النقاش والمزايدات السياسية وهو كما أكد العاهل المغربي “منظار تنظر به المملكة لعلاقاتها الخارجية.”

توقيتات وسياقات المزاعم الجنوبية افريقية لا يمكن النظر إليها بمعزل عن حالة الارتباك الذي أحدثته النجاحات المغربية في العمق الافريقي منذ انتهاء سياسة الكرسي الشاغر واستعادة المغرب لمقعده في الاتحاد الإفريقي والتحول الذي أحدثته الرباط من خلال شراكات واسعة ومتينة مع الشركاء الأفارقة ومن خلال مشاريع وازنة ومقاربة شاملة تدعم جهود التنمية ومواجهة مسببات التطرف وانتشار الإرهاب وتعزز دور الدبلوماسية في حل النزاعات الإقليمية.

والمسارات الموازية الاقتصادية والسياسية التي انخرطت فيها الجزائر وجنوب افريقيا وهما رأس الحربة في حملة ممنهجة لتعطيل جهود المغرب التنموية في إفريقيا، تفسر إلى حد ما تحركاتهما على أكثر من مستوى، بينما يبقى تركيزهما أكثر على إثارة الضجيج حول النزاع المفتعل في الصحراء لإطالة أمده وكسر حلقة النجاحات المغربية وتعطيل قطار التنمية الذي انطلق من الصحراء المغربية ذاتها بمشاريع أحدثت نقلة نوعية باتجاه العمق الإفريقي وأكدت مجددا حرص المغرب على التنمية ركيزة أساسية لكبح الهجرة والتطرف وخلق الوظائف وموارد الرزق في المنطقة، بينما لم يعد خافيا أن التوجس من التحول الذي يشهده المغرب كقوة اقتصادية صاعدة، يحرك العداء المجاني من قبل جنوب إفريقيا للمملكة.

والموقف الرسمي للنظام الجنوبي إفريقي من النزاع في الصحراء لا يعكس موقفا عاما لدى النسيج المجتمعي والسياسي لبريتوريا، فثمة تباينات في هذا الشأن بينها من يرى أن العداء المجاني للمملكة والاصطفاف مع الجزائر يضر بمصالح جنوب افريقيا التي من الممكن أن تستفيد من علاقات الشراكة مع الرباط.

وثمة من ينساق وراء خطاب رسمي يحاول إثارة التعاطف مع البوليساريو ويُصور الصحراويين كأنهم أقلية عرقية “مضطهدة” وهي واحدة من الدعايات المغرضة التي يسوق لها الحزب الحاكم في بريتوريا.