مؤرخ إيطالي”حرب الإبادة الجماعية في غزة التي تشن باسم ذكرى المحرقة تسيء لتلك الذكرى وتشويه سمعتها”

0
241
967774734

لا يزال قطاع غزة يتعرض منذ أكثر من شهر لعملية إبادة جماعية يشنها جيش الاحتلال على القطاع المحاصر منذ 17 عاما، وبينما تواصل الولايات المتحدة دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، اختار العرب الصمت.

يؤكد مؤرخ إيطالي أن الإبادة الجماعية عملية يمكن تحديها، بل إيقافها أحيانا أكثر من كونها عملية عفوية أو حتمية. لقد أظهرت الحرب على غزة والأراضي المحتلة كيف تستطيع دولة استغلال نُظمها البيروقراطية، عملياتها وخبراتها الفنية بالتزامن مع تجنيد شرائح من مجتمعها لتطبيق سياسات خلال فترة من الزمن تتراوح بين الإقصاء، التفرقة والإبادة الجماعية.

نقل موقع “ميديا بارت” عن مؤرخ إيطالي إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يواجه خطرا جسيما بالإبادة الجماعية على يد الجيش الإسرائيلي.

وقال المؤرخ الإيطالي إنزو ترافيرسو أن من الآثار المدمرة لاستغلال ذكرى المحرقة لتبرير “حرب الإبادة الجماعية” التي يقودها الجيش الإسرائيلي في غزة. ويحذر من أن هذا الانحراف يمكن أن يسبب “ارتفاعا مذهلا” في معاداة السامية.

في حوار مع موقع ميديابارت” الفرنسي، يعتقد صاحب كتاب “نهاية الحداثة اليهودية” أن القومية الأكثر ضيقا وكراهية الأجانب والعنصرية هي التي تدير الحكومة الإسرائيلية اليوم، كما تؤكد ذلك حرب غزة.

وأوضح ترافيرسو أن المشهد يتغير بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد المحرقة وولادة إسرائيل. وقال: “خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ظهر نموذج يهودي آخر، وكان رمزه هو هنري كيسنجر: يهودي ألماني منفي في الولايات المتحدة والذي أصبح المخطط الاستراتيجي الرئيسي للإمبريالية الأمريكية.”

وتابع المؤرخ المتخصص في سياسة الذاكرة، أنه في حالة إسرائيل، أصبح الأشخاص الذين كانوا بحكم تعريفهم عالميين ومشتتين وعالميين مصدرًا للدولة الأكثر مركزية وإقليمية التي يمكن تخيلها. “دولة تم بناؤها على مدار الحروب ضد جيرانها، من خلال تصور نفسها كدولة يهودية حصرية والتي تخطط لتوسيع أراضيها على حساب الفلسطينيين.” يضيف ترافيرسو.

وأكد المؤرخ الإيطالي أن ما يحدث في غزة اليوم يتخذ سمات الإبادة الجماعية التي يجب وقفها.

وأردف موضحا: “إذ إن سكانها البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة محتجزون في منطقة تتعرض لقصف مكثف، محرومين من الكهرباء والغاز والغذاء والماء و الدواء. يتم تدمير بنيتها التحتية بشكل منهجي.

وقد أُجبر مليون مدني على الانتقال إلى جنوب غزة، حيث ما زالوا يواجهون القصف،والمستشفيات مشلولة، واليأس يسود في كل مكان.”

ويدرك ترافيرسو أن مفهوم الإبادة الجماعية لا يمكن استخدامه باستخفاف، لأنه ينتمي إلى المجال القانوني ولا يتكيف بشكل جيد مع العلوم الاجتماعية، وأنه كان دائمًا موضوعًا للاستخدامات السياسية، لوصم الأعداء أو الدفاع عن القضايا التذكارية.

وأضاف: “هذا المفهوم موجود، والتعريف المعياري الوحيد الذي لدينا، وهو التعريف الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948، يتوافق مع الوضع القائم اليوم في غزة.

وأشار إلى أن”حرب الإبادة الجماعية التي تشن باسم ذكرى المحرقة لن تؤدي إلا إلى الإساءة إلى تلك الذكرى وتشويه سمعتها”.

فالحرب التي يشنّها الكيان الإسرائيلي على غزة  تكشف عن حالة غير مسبوقة فيما يتعلّق بوضع حقوق الإنسان. ولا تسعفنا هنا العبارات القانونية التقليدية مثل “المساس” أو “الانتهاك” لوصف درجة الاعتداء عليها. لقد وصل هذا “المساس” إلى درجة الإهدار الكامل للحقوق الإنسانية.

وبينما تقف المنظومة الدولية بهياكلها وأجهزتها القضائية عاجزةً عن ردع هذه الجرائم وملاحقة مُرتكبيها، فإن التساؤل يُطرح في كل مرة تتكرر فيها هذه الجرائم حول ما إذا كانت السياسة الجنائية الدولية في ملاحقة مجرمي الحرب تقوم فعلا على أسسٍ أخلاقية مجرّدة لا تميّز بين جنس الضّحايا والجناة ولا دينهم أو عرقهم، أم أنها ليست في الواقع سوى إحدى تجليّات منطق القوة الذي فرضته القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وتسعى لتوظيفها بشكل انتقائي كوسيلة ضغط وهيمنة في علاقاتها مع بقيّة الدّول.