صنف تقرير دولي حديث الصادر بشكل سنوي عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات المغربَ ضمن ”الأنظمة الهجينة” التي تقع في منطقة وسطى بين الاستبداد والديمقراطية، التي تواصل اعتقال الصحفيين وسجنهم.
في هذا السياق، قال ألكسندر هدسون، المتخصص في تقييم الديمقراطية في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية وأحد المشاركين في تأليف تقرير مؤشر الديمقراطية حول العالم لعام 2022رابط خارجي: “هذه ردود فعل رائعة حقًا ويُمكن أن تساهم في (حدوث) تطورات إيجابية”.
ويبرز المؤشر الحالة التونسية، على أنها النظام الديمقراطي الوحيد في شمال إفريقيا، بموزات مع نظام هجين وحيد هو المغرب، فيما جرى تصنيف الجزائر ومصر وليبيا والسودان وجنوب السودان كأنظمة استبدادية.
وأوضح التقرير أن المغرب ما بين سنتي 1975 و 2003، كان ضمن الأنظمة الاستبدادية، كما هو حال معظم دول المنطقة، قبل أن ينتقل سنة 2004 وإلى غاية سنة 2022 إلى خانة الدول الهجينية.
وأبرز أنه في 8 شتنبر جرى تنظيم الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في المغرب، وكانت التجمعات لأكثر من 50 شخصًا في المناطق المغلقة وأكثر من 100 شخص في الهواء الطلق محظورة، مما حد من خيارات الحملة، ناهيك عن مسألة الإقبال، على الرغم من أن الإقبال الرسمي فاق التوقعات بنسبة 50 في المائة.
واعتبر التقرير أن هناك 18 دولة ديمقراطية في القارة الإفريقية مقابل 19 دولة استبدادية و 13 نظاما هجينا، لافتا أنه في سنة 1985 كان هنالك ثلاث ديمقراطيات وحيدة في القارة مقاب 42 نظاما استبداديا.
وأكد أن القارة الإفريقية تشهد انهيارا ديمقراطيا كاملا بتسجيل تراجع كبير في الانتخابات النزيهة، واستمرار الانقلابات العسكرية.
وأضاف أن جائحة كورونا فاقمت التراجع الديمقراطي للقارة حيث ساهمت في تراجع الحريات المدنية، وخاصة حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع، إلى جانب ظهور أشكال جديدة من عدم المساواة الاجتماعية.
وشدد التقرير على أن اعتقال الصحفيين ارتفع بشكل ملحوظ في القارة بين عامي 2019 و 2020، مشيرا أن أكبر عدد من الصحفيين اعتقلوا وسجنوا في مصر، إلى جانب حالات اعتقال أخرى تهم بالأساس الأنظمة الاستبدادية والهجينة مثل إريتريا وإثيوبيا والمغرب والصومال وأوغندا، والتي سجلتها منظمة “مراسلون بلا حدود”.
وسجل أنه تم اعتقال 188 صحفياً في الجزائر والبحرين وإيران والأردن والمغرب وفلسطين، في محاولات حكومية للسيطرة على ما يقال عن جائحة كورونا.
وبشكل عام أكد التقرير أن الديمقراطية حول العالم آخذة في التراجع بسبب القيود المفروضة على حرية التعبير، وعدم الثقة في شرعية الانتخابات، مشيرا في ذات الوقت أن الشعوب دائما ما تجد الطريق نحو إعادة التفاوض حول عقود اجتماعية جديدة، علما أن فئات كثيرة وعلى رأسها الشباب تدفع اليوم نفسها خارج التنظيمات الحزبية التقليدية، ويظهر صوتها في الاحتجاجات المناخية، وفي المطالبة بحقوق الشعوب الأصلية.
وخلص إلى أنه لأسباب مختلفة، فإن نصف الديمقراطيات في العالم في حالة تدهور هذا العام، مشيرا أنه إلى جانب تراجع الحريات المدنية وسيادة القانون، ساهمت عوامل أخرى في هذا التدهور، منها التضخم المتفشي، والركود المتوقع للاقتصاد العالمي، فضلا عن تغير المناخ، ووباء كورونا وتأثيرات الأزمة الأوكرانية.
وفي القارة الأوروبية، اعتبر التقرير أن نصف البلدان في القارة قد شهدت نوعًا من تآكل الديمقراطية على مدى السنوات الخمس الماضية، ملقيا باللوم على الأزمة الأوكرانية في هذا التراجع، مؤكدا أنه لا بد من الحفاظ على القيم والمؤسسات الديمقراطية كحصن أساسي لمواجهة مختلف التغييرات.
يعكس هذا الوصف حرص السلطة في المغرب على البقاء في منزلةٍ بين المنزلتين، فالانتظام الذي تشهده الانتخابات المحلية والتشريعية لا يوازِيهِ تأهيل الحقل الحزبي بجعله أكثر تنافسية وقدرة على نقل السياسة المغربية إلى طورٍ آخر، تتقلص فيه مواردُ التقليد الذي تتغذّى عليه الأحزاب بمختلف أطيافها. وتشهد على ذلك نسب المشاركة المتدنية في الاستحقاقات الانتخابية، والتي تدلّ على عجز هذه الأحزاب عن إيجاد حلولٍ ملموسة لمعضلات التنمية التي تؤرق المغاربة.
الشيء نفسه بالنسبة لمؤشر الثقافة السياسية، حيث لم يسهم ”الرصيد الديمقراطي” النسبي الذي راكمه المغرب خلال العقود الأربعة الأخيرة في تحديث هذه الثقافة، وتجديد إمكاناتها، إذ ظلت سلطويةً في خطوطها العريضة، تُغذّي الأحزابَ والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وتحول دون تشكّل فضاء عمومي يستوعب المتغيرات الحاصلة، سيما بعد منعطف الربيع العربي وظهور بؤر جديدة لإنتاج السياسة وتداول مواردها عبر قنوات غير مألوفة.
تشترك معظم الديمقراطيات الهجينة في توظيف المتغيرات الإقليمية والدولية لصالحها. وينطبق ذلك، بشكل كبير، على الحالة المغربية. فقد كان لنهاية الحرب الباردة وصعود خطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان دور حاسم في إطلاق موجة جديدة من الانفتاح السياسي في المغرب، وصلت إلى ذروتها في عام 1998، حين وصل اليسار الإصلاحي إلى قيادة حكومة التناوب، قبل أن ترتد هذه الموجة مع بداية الألفية الجديدة تحت تأثير تداعيات هجمات “11 سبتمبر” في 2001، وتصدّرِ مكافحة الإرهاب الأجندات الدولية. ومع اندلاع ثورات الربيع العربي، انفتحت دروب جديدة أمام السياسة المغربية، وبدا أن صدر السلطة بدأ يتسع أمام الاحتجاج الجديد بمختلف تنويعاته، سيما في ظل التجديد الذي حصل في بنية النخب بإدماج قطاع من الإسلام السياسي، بيد أن المنعرج الذي شهدته المنطقة بعد 2013 خلط الأوراق، وأتاح لهذه السلطة، استعادة المبادرة وإغلاق القوس الذي فتحته، مضطرةً، في 2011.
من جهة أخرى، تتواصل احتجاجات و اضرابات مهنيي العديد من القطاعات الحيوية في المغرب بسبب تجاهل ورفض حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش الاستجابة لمطالبها المشروعة، حيث توقفت سفن الصيد بعدد من موانئ المملكة عن العمل، تنديدا بغلاء أسعار المحروقات التي أثقلت كاهل المهنيين وضاعفت تكاليف الإبحار.
ويطالب مهنيو القطاع، الحكومة ببلورة حلول تخفف من معاناتهم جراء غلاء المحروقات و استنزافها لحوالي 80 في المائة من المصاريف المهنية.
كما يتجه الاساتذة في المغرب لتصعيد احتجاجاتهم بعد تجاهل حكومة الملياردير عزيز أخنوش لمطالبهم، حيث أعلنت النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي عن تنظيم وقفة احتجاجية وطنية يوم 8 ديسمبر المقبل أمام مقر الوزارة بالرباط، وذلك في سياق برنامج نضالها التصعيدي المتعدد، رافضة التوقيع على اتفاقية “مجهولة الهوية والمحتوى، محاورها المسربة تنذر بكارثة حقيقية تهدد المهنة وتشكل خطرا على مستقبل ومصالح الأساتذة الباحثين”.
وقالت النقابة إن هذا الاحتجاج يأتي أمام غياب جدية وزير التعليم العالي وعدم التزامه بمخرجات اجتماع 7 أكتوبر الماضي وإغلاقه باب الحوار وتبنيه مقاربة يغيب فيها الوضوح والإشراك.