ماذا بعد اعتراف “لقجع” الوزير المكلف بالميزانية بالرشوة في الصفقات في المغرب؟

0
269

موضوع “المال العام المنهوب” وسبل استرجاعه، و”مقاومة الرشوة”، وتعزيز مقومات الحياة العامة، تبقى جميعها قضايا مثيرة للجدل في الساحتين السياسية والاعلامية في المغرب.

اعترف الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بوجود الرشوة في مجال الصفقات العمومية، مشددا على ضرورة التحلي بالشجاعة لمواجهة هذا الموضوع واتخاذ قرارات جديدة من شأنها أن تنزه الصفقات العمومية من أي شبهات فساد.

وأوضح لقجع خلال حضوره للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالبرلمان،أن الصفقات العمومية لا يمكن اختزالها في علاقة بين طرفين (البائع والمشتري أو الإدارة والمقاولة)، مشيرا إلى أن الموضوع يكتسي أهمية بالغة، ومن دعامات بناء اقتصاد وطني سليم لا تتخلله الرشوة.

وأكد أن مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، يعتبر من الركائز الأساسية لبناء دولة الحق والقانون، وأن محاربة الرشوة تقتضي سن مجموعة من القوانين والتشريعات الواضحة، والتحلي بالشجاعة السياسية من أجل تنزيلها. 

وكان شعار “محاربة الفساد والاستبداد” الذي رفعه المتظاهرون في المغرب مع انطلاقة الربيع العربي، بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي للفوز في انتخابات نهاية 2011 البرلمانية، وقيادة الحكومة لأول مرة في تاريخه.

وكان تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية قد كشف عن تراجع المغرب بثماني نقاط في سلم الترتيب الدولي الخاص بالرشوة، حيث احتل المغرب المرتبة 88 من بين 176 بلدا تحدث عنه التقرير.

وكان فرع المنظمة الدولية في المغرب قد اتهم حكومة بن كيران ب”الفشل في محاربة الرشوة، وعدم تحقيق اي تقدم ملموس رغم الوعود المقدمة من طرف الحزب الإسلامي الذي قاد التحالف الحكومي لولايتين”.

يذكر أن  الدستور المغربي نص في الفصل 36، بعد تبنيه في يوليو/تموز  2011، على تأسيس هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما تعهدت حكومة بن كيران في مخططها لخمس سنوات، باعتماد برنامج وميثاق وطني لمكافحة الفساد.

ومن ناحية قانونية يشير المتخصصون إلى أن النص القانوني في المغرب لا يحمي الذين يُبلغون عن الرشوة، سواء في مدونة القانون الجنائي أو في قانون محكمة العدل الخاصة، بل يضع الراضي والمرتشي في كفة واحدة، أي في الوضعية ذاتها ، علاوة على صعوبة الاتيان بالبراهين والحجج والقاطعة في اثبات الرشوة، لأنها غالباً ما تتم في كشف السرية.

ويسعى المغرب الى مكافحة ظاهرة الرشوة عبر إطارات مختلفة. وسبق للملك محمد السادس أن عبر في مناسبات متعددة، عن الرغبة في أن “يطبق القانون على الجميع”. وجعل حزب العدالة والتنمية الذي رأس الحكومة منذ 2011، من محاربة الفساد أولوية. 

في تشرين الأول/أكتوبر 2017 ، رأت “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها” النور، بعد إقرارها في دستور 2011.

بيد أنه لم يتم بعد تعيين أعضاء هذه الهيئة والذين يفترض أن يكون بينهم ممثلون عن المجتمع المدني وخصوصا منظمة “ترانسبرانسي”.

ويشكو المسؤول في “ترانسبرانسي المغرب” فؤاد عبد المومني من “غياب إرادة سياسية حقيقية يمكن أن تعطي إشارة واضحة بانتهاء حالة الإفلات من العقاب”.

ومن هذا المنطلق يتضح لدى المراقبين أن هذه المقاربة القانونية “شكلية” ولا يمكن أن تكون فعالة ضد الرشوة. 

تصريحات وزير العدل وهبي بخصوص إدخال تعديلات على المسطرة الجنائية تمنع الجمعيات من وضع شكايات ضد المنتخبين المشتبه في تبديدهم أو اختلاسهم المال العام، ليست أول قرارات الحكومة المثيرة للتساؤلات علاقة بقضايا الفساد ونهب المال العام، فقد سبق لحكومة عزيز أخنوش سحب قانون الإثراء غير المشروع من البرلمان بدعوى تثمينه وإدخال تعديلات عليه، فضلاً عن سحب مشروع قانون “استغلال المعادن” يتعلق بتنظيم “الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة”، ويقصد به الأراضي المملوكة للدولة ضمن ما يسمى الملك البحري، أو الأملاك الأخرى، بالإضافة إلى سحب مشروع قانون “استغلال المعادن”.

تعامل الحكومة مع هذه الملفات والقوانين المؤطرة لها، جعلت محمد الغلوسي يقول إن الحكومة المغربية لا تتوقف عن بعث مؤشرات، تؤكد أن تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة والفساد وتعزيز ربط المسؤولية بالمحاسبة ليست من صميم أولوياتها، وأن الإرادة السياسية غير متوفرة، على الرغم من الإقرار بأن للفساد والرشوة خطورة ضد البرامج الموجهة للتنمية، وأن الفساد يُكلِّف الدولة المغربية الكثير ويستنزف أزيد من 5 في المئة من ناتجها الداخلي الخام.

 

 

 

 

 

الداخلية تتوعد جمعيات “حماية المال العام” والهيئات المخالفة للقانون.. الحكومة تريد إخضاع الجميع “دْوي ترعف”