في سياق التحولات الجيوسياسية التي تشهدها القارة الإفريقية، برزت تصريحات وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، في ندوة عقدت السبت بعنوان “روسيا-إفريقيا ومأزق الحقيقة”، ضمن فعاليات المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفريقيا. رفض ديوب الانتقادات الموجهة لبلاده بعد التحالف مع روسيا، مشددًا على أن هذا التحالف ليس بحثًا عن “مالك جديد” كما روج له البعض، بل هو خطوة نحو استعادة السيادة الوطنية.
لماذا اختارت مالي روسيا شريكًا استراتيجيًا؟
أوضح ديوب أن مالي لم تتجه نحو روسيا بمنطق الاستعمار أو التبعية، بل كشريك للتعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
وهنا يبرز السؤال: ما الذي دفع مالي إلى تغيير شراكتها الاستراتيجية والانسلاخ عن النفوذ الفرنسي التقليدي؟ وهل كان ذلك بدافع البحث عن بدائل أم بدافع رفض الهيمنة الغربية المستمرة؟
تأثير التحالف مع روسيا على علاقات مالي مع الغرب
ديوب أشار بوضوح إلى أن القوى الغربية تسعى إلى “تدمير بلاده” فقط بسبب تعاونها مع موسكو. هذا التصريح يثير تساؤلات حول ردود فعل الدول الغربية ومدى تأثير ذلك على التوازنات السياسية في غرب إفريقيا.
كيف ستؤثر هذه التحركات على العلاقات بين مالي ودول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإكواس) التي، بحسب ديوب، اتبعت النهج الغربي؟
السعي لتحقيق السيادة ورفض الاستعمار الجديد
أبرز ديوب أن مالي تسعى لتحقيق سيادتها بعيدًا عن “المنطق الاستعماري الجديد”، وهو ما يمثل رسالة واضحة للغرب بأن زمن التبعية قد ولى. هذه النقطة تفتح باب التساؤل حول مدى قدرة مالي ودول إفريقية أخرى على الحفاظ على استقلالية قراراتها في ظل التحديات السياسية والاقتصادية.
الدعم الروسي في مواجهة التحديات
أكد ديوب أن الدعم الروسي يأتي في وقت تواجه فيه مالي تحديات كبيرة، خاصة على مستوى مجلس الأمن الدولي.
هل يمكن اعتبار هذا الدعم بداية لتحالفات جديدة في إفريقيا تتيح للقارة التحرر من هيمنة القوى التقليدية؟ وكيف يمكن لروسيا أن تلعب دورًا فعّالًا في إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية في إفريقيا؟
انتقادات الأمم المتحدة والإعلام الغربي
انتقد ديوب مواقف الأمم المتحدة تجاه مالي بعد انقلاب 2021، مشيرًا إلى أنها كانت منحازة للأطروحة الغربية التي وصفها بمحاولة جديدة لاستعمار القارة السمراء.
هذا التصريح يطرح تساؤلات حول دور المؤسسات الدولية ومدى حياديتها في التعامل مع الأزمات الإقليمية.
وفي معرض حديثه، أشار ديوب إلى معالجة وسائل الإعلام الغربية للأوضاع في مالي بعد الانقلاب، واصفًا إياها بأنها “شبيهة بممارسات إرهابية”.
وأضاف أن الإعلام الغربي غالبًا ما يصور الدين الإسلامي كسبب للإرهاب، مما يعكس جانبًا من السياسات الإعلامية التي تهدف إلى تشويه الحقائق.
هل تستطيع إفريقيا تشكيل حلف جديد؟
في ختام تصريحاته، أكد ديوب أن إفريقيا تجد حاليًا في روسيا شريكًا يساعدها على الخروج من الاستعمار الجديد، مشددًا على أهمية تشكيل حلف إفريقي يتولى بنفسه مهمة الدفاع عن سيادة القارة.
فهل تشهد القارة ميلاد تحالفات جديدة تعزز استقلاليتها بعيدًا عن القوى الغربية؟
المؤتمر الوزاري ومخرجات القمة الروسية الإفريقية
تستعد مدينة سوتشي لاستضافة لقاءات مكثفة بين وزراء وممثلي الدول الإفريقية وروسيا للتباحث حول تطبيق الشراكة الروسية الإفريقية. ويشارك في المؤتمر، الذي يستكمل مخرجات القمة الروسية الإفريقية التي عقدت العام الماضي، المغرب إلى جانب 53 دولة إفريقية.
تميز اليوم الأول من المؤتمر بلقاءات متعددة بين مسؤولين روس وأفارقة في مجالات التربية والتعليم والصحة والتجارة والمالية والبحث العلمي والرقمنة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى نجاح هذه الشراكة في تحقيق أهدافها وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.