” في ظل الصمت المطبق ..كثر الحديث ” هي جملة تحمل معاني متناقضة ، لكن للأسف هي تعبير دقيق للوضع الحالي ببريد المغرب .
كثر الحديث مؤخرا حول مضامين التقرير الأسود التي خصت به لجنة مراقبة المالية العامة في إطار مهمة استطلاعية مؤقتة حول بريد المغرب ، ختم بتوصية مفادها ضرورة إجراء تدقيق من طرف المفتشية العامة للمالية يهم الجوانب المالية المرتبطة بالتدبير و الإنفاق ، ولا دخان بدون نار كما يقال .
بالرجوح لصفحات هذا التقرير التي أقل ما يمكن أن يقال عليه هو تقرير أسود داكن ، تقرير يعري الوضع الكارثي التي أصبح يعرفه بريد المغرب على جميع المستويات ، ولعل ما جاء به من تراجع بنسبة تعادل 13 % لرقم المعاملات الاجمالي ما بين 2018 و 2020 خير دليل على ذلك ، كما وقف التقرير على مسألة خطيرة يجب ألا تمر مرور الكرام و هي وحدها يجب أن تجلب جميع لجان التدقيق و المحاسبة و على رأسها قضاة المجلس الأعلى للحسابات ، تتجلى هذه النقطة في كون منصب متعاقد واحد كان يكلف خزينة بريد المغرب بين 2013 و 2014 ما يقارب 1,8 مليون درهم !!! السؤال هنا ليس هو من كان هذا المتعاقد فلا يهمنا أمره كشخص في شيئ بل السؤال هو من تعاقد معه و ما هي القيمة المضافة التي قدمها للمؤسسة و هل لم يكن بالإمكان أن يشغل ذاك المنصب الذهبي أحد الكفاءات من أبناء الدار ؟؟ فأجر سنوي كهذا يذكرنا فقط بلاعبي كرة القدم في البرميرليغ أو لا ليغا أو غيرهما …
لم يتوقف التقرير عند هذا الحد ، بل وضع الأصبع على أحد أهم الاختلالات التي يعرفها القطاع ألا وهي العدالة الأجرية ، فكيف يعقل أن نجد أن متوسط الأجور لدى المتعاقدين في سنة 2020 يمثل متوسط الأجور لدى المستخدمين الرسميين بأكثر من ست مرات !!! -اللهم إن هذا منكر- هذا ما يشرح لنا و ما يشفع للسيد الوزير الوصي على القطاع في آخر تصريح له في الغرفة الثانية بخصوص المؤسسة و مستخدميها الذي كان يخيل له أو ما تم تمريره له أنهم سواسية مع المتعاقدين مع بريد المغرب ، لكن واقع الحال غير ذلك بكثير ، بحيث ارتفع متوسط الأجر لدى المتعاقدين بين 2019 و 2020 بحوالي 58% و هي نسبة لن تجدها في أي قطاع ببلادنا في ظل أزمة التي ضربت العالم أجمع بسبب الوباء -عافانا الله و عافاكم- أي أننا الوحيدين الذين يسبحون عكس التيار ، هذا في الوقت التي الذي لم يتحرك فيه مؤشر متوسط الأجر لدى المستخدمين في نفس الفترة . كلها أمور تثير الريبة و الشك في مسألة التعاقدات التي غالبا ما تكون مفصلة على المقاس و من المسؤول الأول عنها فالأمر لم يعد يحتمل في ظل التراجع المستمر في رقم المعاملات كما جاء في التقرير ، أي أن هاته الأجور الخيالية أصبحت عبئا ثقيلا على خزينة المؤسسة في غياب القيمة المضافة .
هناك أمر مثير للإنتباه جاء به التقرير المعلوم ، ألا وهو أن بريد المغرب يرتكز في آليات حكامته من مجلس إداري أو مجلس المراقبة بالإضافة للجان أخرى كلجنة التدقيق و لجنة المخاطر و و و … يرتكز على ثلاث أسماء/صفات فقط على رأسها السيد المدير العام-الذي من المفترض تواجده بحكم المنصب- ، ثم السيد عدنان المودن و السيدة هند لفال التي هي بالمناسبة متعاقدة مع بريد المغرب ، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أليس هناك من كفاءات داخل بريد المغرب ليكونوا داخل هاته اللجان التي تسهر على حكامة المؤسسة الأم و باقي فروعه بمعية الإسمين المذكورين ؟؟
كما أن هناك نقط عديدة سيتم التطرق لها فيما بعد لنفسح المجال للجزئ المخصص في هذا المقال لأصحاب ” الصمت المطبق ” و المتمثل في صمت و عدم إبداء أي فعل يذكر و لا اية ردة فعل بالتزامن مع صدور التقرير الأسود من طرف النقابات الأكثر تمثيلية بالقطاع حسب نتائج آخر انتخابات مهنية ، و اسمحوا لي أن أوضح أمرا في البداية ؛ فأنا هنا لن أتنابز بالألقاب فلم يعد هناك متسع “بالجلابة للتقلاز من تحتها ” بل سأسمي الأشخاص بمسمياتهم-و أعتذر عن تعكير /تشتيت تركيزهم المنصب على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة- فهم يمثلونني كبريدي رغم أنني لم أصوت و لن أصوت عليهم يوما ما ، كما أن الأشخاص الذي سيتم ذكرهم يمثلون شخصيات عمومية/منتخبة داخل المجتمع البريدي ، و الرسالة هنا موجهة لكل من السيد محمد بوضاض الكاتب الوطني الوطني للنقابة الوطنية للبريد المنضوية تحت لواء CDT ، و السيد نور الدين سليك الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للبريد UMT ، كما الرسالة موجهة للسيد فاتحي عبد الحميد الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للبريد FDT ، الرسالة قصيرة واضحة و صريحة مفادها : أين أنتم من هذا التقرير الأسود ؟؟ أين أنتم من كل هذا ؟ أليس الأمر جدير بالتحرك حسب مفهومكم و قناعاتكم النقابية ؟؟ ألا يعتبر الأمرر جلل للتحرك من أجل الترافع و تنصيب نفسك كمتبني لهذا التقرير في ظل ما جاء به من تجاوزات و اختلالات عميقة تضرب المؤسسة ؟؟ ألا تهمكم مصلحة المؤسسة أم أن المصالح الشخصية باتت فوق كل اعتبار ؟؟
ها نحن نوجه لكم النداء ، فنحن نادينا و نتمنى أن تكون هناك حياة للمنادى عليهم .