في يوم 30 سبتمبر 2024، لم تشهد مدينة الفنيدق أي مظاهر لمحاولة هجرة جماعية نحو مدينة سبتة المحتلة، كما حدث في “15 شتنبر”. غابت الدعوات التي اجتاحت سابقاً وسائل التواصل الاجتماعي، وسط تأكيدات بأن الأوضاع في المدينة الساحلية هادئة.
فما الذي أفشل هذه المحاولة؟ وهل يمكن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها لحل مشكلة الهجرة غير النظامية؟
اليقظة الأمنية وتحركات استباقية
وفقًا لمصادر رسمية، لعبت المديرية العامة للأمن الوطني دورًا محوريًا في إفشال الحملة التحريضية على الهجرة الجماعية، حيث تم توقيف العشرات من المروجين للحملة في مختلف المدن المغربية مثل صفرو، قلعة السراغنة، بنجرير، العرائش، تطوان، والدار البيضاء. وأظهرت التحقيقات أن غالبية الموقوفين لهم سوابق إجرامية تتعلق بالنصب والسرقة، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الدعوات: هل كانت دعوات الهجرة جماعية عفوية أم مخططة بعناية لاستغلال أزمة اجتماعية؟
انتشار الأمن والرقابة على الحدود
من جهته، أوضح محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أن الحملة الأمنية التي حشدت المئات من رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة كانت استباقية. إضافة إلى ذلك، تم وضع العديد من نقاط التفتيش، ما حد من قدرة المنظمين على تنفيذ خططهم.
لكن هل يمكن أن تكون هذه التدابير الأمنية حلاً مستدامًا؟ أم أن هناك حاجة لمقاربة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة؟
الانتقال من العلنية إلى السرية
رغم نجاح السلطات في إفشال هذه المحاولة، أشار بنعيسى إلى أن هذا النجاح لا يعني انتهاء المشكلة، بل توقع تحول عمليات الهجرة من العلنية إلى السرية. فالمهاجرون قد يلجأون إلى استعمال تطبيقات مغلقة، كما يحدث مع مهاجري دول جنوب الصحراء، مما قد يعقد جهود السلطات في تعقبهم.
فهل المقاربة الأمنية كافية للتصدي لمثل هذه التحولات؟
تغطية إعلامية أم حقوق إنسان؟
من جهته، أكد الخبير في شؤون الهجرة خالد مونة أن التغطية الإعلامية التي رافقت أحداث “15 شتنبر” ساهمت في إفشال الدعوة الثانية. فالصور التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت انتهاكات لحقوق الإنسان، جعلت العديد من الشباب يتراجعون عن المشاركة في المحاولة الثانية.
لكن هل يمكن أن تعتمد السلطات على الإعلام وحده للتأثير في هذه الحملات؟ أم أن الإعلام يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية شاملة توعوية؟
الأسباب البنيوية: المشكلة لم تُحل بعد
رغم إفشال هذه المحاولة، يبقى أن الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة ما زالت قائمة. البطالة، الفقر، وغياب الفرص الاقتصادية تشكل دافعًا قويًا للهجرة غير النظامية، سواء بشكل علني أو سري.
فهل يمكن للحكومة المغربية تقديم حلول اقتصادية واجتماعية تقلل من رغبة الشباب في الهجرة؟ أم أن النهج الأمني سيبقى الخيار الوحيد في المستقبل القريب؟
الختام: المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي
لا شك أن المقاربة الأمنية لعبت دورًا حاسمًا في إفشال حملة “30 شتنبر”، ولكن السؤال الأهم يبقى: إلى متى ستظل السلطات تلعب دور “القط والفأر” مع هذه الحملات؟ وهل هناك رجل رشيد في الحكومة يمكنه تقديم حلول أكثر استدامة؟ الحكومة المغربية بحاجة إلى استراتيجيات شاملة تشمل التنمية الاقتصادية، التعليم، وتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير النظامية.