في ظل المبادرات الملكية المستمرة التي تعكس القيم الإنسانية العميقة، جاءت خطوة العفو الملكي الأخيرة لتشكل لحظة فارقة في حياة آلاف العائلات المغربية. بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أصدر الملك محمد السادس عفوه عن 4831 شخصًا من المدانين أو المتابعين في قضايا زراعة “الكيف”. هذه الخطوة لم تكن فقط استجابة للقانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بل كانت تعبيرًا عن رؤية الملك كأمير المؤمنين وحامي الملة والدين في توجيه المجتمع نحو مستقبل أفضل.
المبادرات الملكية، ومن بينها هذا العفو، تظهر روحًا إنسانية عميقة تتجاوز القوانين والتشريعات، لتصل إلى قلب المجتمعات المتضررة. فالعفو الملكي لم يكن مجرد قرار قانوني، بل لفتة إنسانية تهدف إلى إدماج هؤلاء المزارعين في اقتصاد قانوني، مما يعزز من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي.
إدماج المزارعين في اقتصاد قانوني ومستدام يعني فتح أبواب جديدة لهم ولأسرهم. لقد تحولت الأعياد والمناسبات الوطنية في عهد الملك محمد السادس إلى فرص لإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوب المغاربة. فالعفو الملكي لا يعيد فقط الأب إلى أسرته، بل يمنح العائلات فرصة للعودة إلى حضن المجتمع بروح جديدة مليئة بالأمل.
هذه الخطوة تتماشى مع ما نص عليه القانون رقم 13.21، الذي يهدف إلى تنظيم زراعة القنب الهندي واستغلاله في الاستعمالات الطبية والتجميلية. من خلال هذا القانون، تسعى الدولة إلى تحويل زراعة “الكيف” من نشاط غير مشروع إلى نشاط قانوني يساهم في التنمية المحلية، ويعزز من مكافحة تجارة المخدرات عبر تنظيم القطاع وضمان استفادة المزارعين بشكل قانوني.
الإشارة إلى القيم الدينية والوطنية في سياق هذه المبادرة الملكية تؤكد أن العفو ليس فقط إجراء قانوني، بل هو تجسيد لرؤية ملكية تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي، الذي يجعل من الأعياد مناسبات للفرح ولمّ الشمل الأسري.
بهذا القرار، يكون الملك محمد السادس قد رسخ مرة أخرى مكانته كقائد حكيم يجمع بين الرؤية السياسية العميقة والروح الإنسانية، مما يضمن استمرارية المغرب في مسيرة التنمية والعدالة الاجتماعية، ويعزز من مكانته كدولة نموذجية في التعامل مع القضايا المجتمعية الشائكة بأسلوب يجمع بين الحزم والرحمة.