وأعلنت حكومة نيامي أن رئيس الوزراء، الذي يحمل أيضا صفة وزير الاقتصاد والمالية، سيقوم بزيارة عمل إلى المغرب تمتد لـ48 ساعة، غير أن قائمة مرافقيه تُبرز ثقل الزيارة على المستويين الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري، حيث أورد البيان الرسمي أن الأمر يشمل وزير الدولة المكلف بالدفاع الوطني، ساليفو مودي ووزير الخارجية، بكاري ياو سانغاري.
وجاء في البيان أن الوفد رفيع المستوى، مكون أيضا من مسؤولين لدى رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع، علما أن الأمر يتعلق بأول زيارة لأعضاء الحكومة النيجيرية إلى المغرب منذ إعلان وزير خارجيتها، من مدينة مراكش في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، انضمامها إلى المبادرة الدولية، التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
وتراهن الرباط على الجانب الاقتصادي من أجل إعادة الروح للتكتل الذي يضم كلا من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا. وتعد المبادرة حلقة وصل مع المشاريع التنموية ضمن إطار شراكة “رابح رابح”، خصوصا مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي الهادف لنقل الغاز من دول غرب أفريقيا إلى أوروبا.
وهذه الرحلة الخارجية هي الأولى من نوعها أيضا لأعضاء حكومة النيجر منذ إعلانها، في 28 يناير 2024، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” بأثر فوري، مع جارتيها مالي وبوركينا فاسو وهما أيضا إلى جانب تشاد، البلدان الأربعة التي أعلنت انضمامها إلى المبادرة المغربية التي ستتيح لها، لأول مرة منفذا بحريا قارا.
ويمتلك المغرب سلسلة استثمارات قوية بالنيجر، تهم بالأساس مجالات الفوسفات، والقطاع المصرفي، إلى جانب البنى التحتية والاتصالات، الأمر الذي يجعل استقرار الوضع الأمني بهذا البلد الإفريقي “أمرا إستراتيجيا” للمملكة.
ومن المنتظر أن تشهد هذه الزيارة إعلانا أكثر وضوحا عن موقف نيامي بخصوص مغربية الصحراء، خصوصا وأنها تأتي في ظل العلاقات المتأزمة بينها وبين الجزائر، الداعم الرئيسي للطرح الانفصالي لجبهة بوليساريو إذ من المنتظر أن يتم تنفيذ المبادرة المغربية التي انخرطت فيها النيجر عبر ميناء الداخلة الأطلسي الجديد.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يعرف فيه ملف الصحراء تطورات متسارعة، حيث تتزايد الدول التي تعترف بالسيادة المغربية على المنطقة، وأغلبها تفتتح تمثيليات دبلوماسية قنصلية لها في مدينتي العيون والداخلة، وهو الأمر الذي إن نجحت الرباط في إقناع نيامي به فستكون أول دولة لها حدود مع الجزائر تقوم بهذه الخطوة، والتي تتضمن موريتانيا وليبيا وتونس ومالي أيضا.
وعلى عكس الجزائر التي سارعت إلى إدانة الانقلاب في النيجر يوم 26 يوليو/تموز، التزم المغرب الحياد، قائلا إنه “واثق من حكمة الشعب والقوى الفاعلة في النيجر للحفاظ على المكتسبات، والحفاظ على دورها الإقليمي البناء المهم، والعمل على تحقيق تطلعات الشعب”، حيث لا يتبع المغرب في علاقته بما يجري من صراعات وأزمات، مصلحته فقط؛ بل يأخذ يعين الاعتبار مصالح القارة الإفريقية ثم الأمن العالمي والاستقرار الدولي.
ويُتوقع أيضا أن يُمثل تحرك النيجر رفيع المستوى، كشفًا واضحا لنوايا النيجر بخصوص الخط الذي ستُراهن عليه مستقبلا لضمان إمدادات الغاز الطبيعي، حيث إن الجزائر تعول عليها بشكل كبير في مشروعها المشترك مع نيجيريا، الذي لا يمكن إتمامه دون المرور عبر أراضيها، لكن نيامي وجهت بوصلتها نحو الرباط التي تشارك أبوجا في مشروع أكبر.
وكانت الجزائر قد راسلت الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس السلطة الانتقالية في النيجر، بخصوص خط الغاز الذي دخل مرحلة جمود منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق محمد بازوم، في يوليو/تموز من سنة 2023، مطالبة بمعرفة مصيره، لكن الأمور أصبحت أكثر صعوبة منذ تكذيب نيامي خبر قبولها بعرض الوساطة الذي قدمه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في أكتوبر من العام الماضي.