مجلة “فوربس” تقدر ثروة ثاني أغنى رجل بالمغرب، وصار معها ثاني رجل في هرم السلطة، عزيز أخنوش بـ 2 ملياري دولار بداية شهر أبريل الجاري، وهي الأعلى بالمغرب بعد ثروة جلالة الملك محمد السادس.
يعد عزيز أخنوش أحد أبرز مليارديرات المغرب، فتبلغ ثروته مليارَي دولار أمريكي، حسب مجلة فوربس المختصة في هذا الشأن، والتي تنصبه في المركز الـ18 بترتيب أغنياء القارة الإفريقية. بالمقابل وعندما يجري الحديث عن ثروة أخنوش غالباً ما يشار بأصابع الشبهة إليها، آخرها ما أعلنه عبد الإله بن كيران في خرجته الإعلامية بأن “مصادر ثروة أخنوش تحوم حولها شبهات كثيرة”.
على رأس هذه الشبهات ما عرف إعلامياً بقضية “17 مليار درهم”، التي ربحتها شركات المحروقات بعد تحرير سعرها من قبضة الحكومة. إذ حافظت هذه الشركات بتواطؤ فيما بينها على أسعار مرتفعة، جانية ما يقارب درهماً من الأرباح على كل لتر منها حسب ما أوردت لجنة التحقيق البرلمانية.
وربط وقتها عدد من البرلمانيين بين الارتفاع الملحوظ في ثروة أخنوش وتحرير سعر المحروقات، فيما أحال البرلمان تحقيقه إلى المجلس الأعلى للمنافسة الذي لم يبث حتى الآن في ملابسات القضية.
هذا وتستحوذ مجموعة “آكوا” القابضة على حصة 40% من السوق المغربية للمحروقات، و45% من سوق غاز البوتان، و62% من سوق الغاز النفطي المسال. ما يجع صاحبها، وبلا منازع “إمبراطور المحروقات” بالبلاد، يقول مراقبون.
وأظهرت البيانات التاريخية التي أضافتها المجلة في التحديث الجديد، أن أكبر تراجع لثروة عزيز أخنوش سُجل في سنة 2020 عندما نزلت إلى مليار دولار أمريكي، لكن وفق ذات البيانات، فإن ثروة أخنوش بدأت في التعافي والارتفاع منذ تلك السنة إلى غاية 2022 الجارية.
وبحسب المجلة ، فإن الثروة الصافية للأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة المغربية، تعافت في سنة 2021 لتصل إلى 1,9 مليار دولار، ومع حلول سنة 2020 وصلت ثروته التعافي إلى أن تجاوزت سقف 2 مليار دولار، ما يعني أن ثروة أخنوش تضاعفت بمليار دولار ما بين 2020 و2022.
يمكن لأي شخص يقود سيارته على الطريق السريع المغربي التزود بالوقود في محطة وقود تابعة لسلسلة “إفريقيا”، وهي شركة تابعة لمجموعة “آكوا”، وهي الأكثر انتشارًا في البلاد، ويساهم الملايين من السائقين كل يوم بهذه البادرة الصغيرة لإطعام ثروة عزيز أخنوش، “وزير البر والبحر”، كما كان يطلق عليه، عندما كان يترأس وزارة الزراعة والصيد البحري.
أخنوش هو أيضا، منذ عام 2007، وزير الزراعة والثروة السمكية في بلدٍ لهذين القطاعين تأثير كبير على الاقتصاد والعلاقات مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي، ومن الآن فصاعدًا، ستصل قوته إلى مستويات أعلى.
وبعد الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأربعاء 8 أيلول/ سبتمبر، انتقل حزب أخنوش من كونه القوة السياسية الرابعة في البلاد، بعدد 37 نائبا، إلى المركز الأول بحصوله على 102 مقعدا من إجمالي 395 مقعدا.
أخنوش ذو الـ60 عامًا، فاز في الوصول إلى رئاسة بلدية أغادير بالجنوب، قبل أن يعينه الملك رئيسًا للحكومة.
ومر رجل الأعمال بأسوأ لحظاته كرائد أعمال في نيسان/ أبريل 2018، عندما بدأت حملة المقاطعة بالانتشار على الشبكات الاجتماعية، والتي دعت إلى مقاطعة ثلاث علامات تجارية رائدة في السوق مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنخبة البلاد؛ إحداها كانت محطات الوقود “إفريقيا”.
وحاولت الشركة إسكات نفسها في البداية في الغالبية العظمى من وسائل الإعلام المغربية، التي تعتمد على الإعلانات من مجموعة “أكوا” أو تنتمي مباشرة إليها، ومع ذلك، كانت المقاطعة ناجحة للغاية لمدة شهرين تقريبًا.
واتهم العديد من قادة الأحزاب السياسية المختلفة أخنوش خلال الحملة الانتخابية بإفساد الانتخابات بالاستخدام المكثف للمال.
وأنفق تشكيل التجمع الوطني للأحرار (RNI) بقيادة أخنوش ما يعادل 300 ألف دولار على صفحته على فيسبوك وحدها، في حين أن إسلاميي حزب العدالة والتنمية بالكاد استثمروا حوالي 300 دولار.
أشد الهجمات ضراوة على عزيز أخنوش، كانت على يد الإسلامي عبد الإله بنكيران، الرئيس السابق للحكومة، والفائز في الانتخابات التشريعية لعامي 2011 و2016، والرجل الأكثر كاريزما في حزب العدالة والتنمية.
وكان بنكيران قد خاطب أخنوش علنًا في عام 2018 قائلاً “لديك الغاز والمال، ابتعد عن السياسة”.
وفي الـ5 من أيلول/ سبتمبر، قبل ثلاثة أيام من الانتخابات، قال بنكيران عبر صفحته على فيسبوك “لم يتمكن أخنوش أبدًا من حل مشكلة سياسية… في النهاية هو رجل أعمال محاط بالشبهات… ليست له ثقافة ولا أيديولوجية ولا ماضي تاريخي ولا حزب سياسي”.
وتورطت شركة “إفريقيا” المملوكة من الرئيس المعين عزيز أخنوش، إلى جانب الشركات متعددة الجنسيات “توتال” و“شيل”، في قضية جريمة محتملة ضد المنافسة الحرة، والتي يجري التحقيق فيها في المغرب من قبل مجلس المنافسة ولجنة عينها الملك صراحة لدراسة القضية.
وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية التي حققت في الأمر في عام 2018، عبد الله بوانو، وينتمي لحزب العدالة والتنمية، دون تسمية زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، أن الكارتل قد حصل على 17000 مليون درهم (1600 مليون دولار) من خلال اتفاقية الأسعار المزعومة.
ورد أخنوش على ذلك في أيار/ مايو من ذات السنة، معتبرًا أن هذه المعلومات هي “أخبار سياسية مزيفة”.
برلماني سابق، رفض كشف هويته، كان ضمن اللجنة البرلمانية آنذاك، أكد لـ“رأي اليوم”، أنها كانت “مكونة من أعضاء من حزب أخنوش الذين حاولوا إحداث فوضى”.
ويقول “لكن مجلس المنافسة أجمع على أنه كان هناك اتفاق ضد المنافسة الحرة والتلاعب الجاد بالأسعار”.
وحزب التجمع الوطني للأحرار، هو حزب من التكنوقراط تأسس في عام 1978 تحت رعاية وزير داخلية الحسن الثاني القوي آنذاك إدريس البصري، وانضم أخنوش إلى الحزب بمجرد تعيينه وزيراً للزراعة والصيد البحري في عام 2007.
وكان حزب التجمع الوطني للأحرار جزءًا من حكومتين ائتلافيتين بقيادة حزب العدالة والتنمية على مدى السنوات العشر الماضية. ولا يمكن القول إنه غير مسؤول على السياسة الاقتصادية الحالية التي أدت إلى زيادة البطالة والهجرة غير النظامية وهجرة الأدمغة.
ففي الواقع، كان لدى حزب التجمع الوطني للأحرار وزارات الاقتصاد والمالية، بالإضافة إلى وزارة الصناعة والزراعة والصيد البحري.
أشارت صحيفة “تيل كيل” الأسبوعية في ملف خاص عن أخنوش، إلى أنه في السنوات العشر الماضية اتخذ سياسات طموحة لتطوير الثروة السمكية والزراعة، لكنه لم يحقق أهدافه.
وتقول المجلة “بين الإنجازات والإخفاقات، فإن العمل الوزاري للمليونير بعيد كل البعد عن كونه نموذجياً”.
ولد عزيز عزيز أخنوش، قبل 60 سنة، في “تافراوت” إقليم تيزنيت، جنوب المغرب، متزوج وله ثلاثة أطفال، وهو أيضًا مالك مجموعة الاتصالات (Caractères)، التي تمتلك بدورها، الأسبوعية الاقتصادية “La Vie Éco”، وأخريات.
ولا يوجد سياسي آخر في المغرب قريب من جلالة الملك محمد السادس مثل عزيز أخنوش، ففي عام 2013، استضاف الملك المفدى في قصره العامر بالدار البيضاء، في مأدبة إفطار رمضاني.
كان لوالده أحمد أولحاج أخنوش، المتوفى أواخر الثمانينيات؛ علاقات ممتازة مع الملك الراحل الحسن الثاني الذي حكم المغرب بين عامي 1961 و1999، وأسس الأب مجموعة “آكوا” التي قام الابن بتوسيع مجالها بعد دراسة التسويق في كندا.
وتعتبر زوجة أخنوش، سلوى إدريسي أخنوش، 48 سنة، من بين أغنى سيدات الأعمال في العالم العربي.
وتدير مجموعة “آكسال”، التي تمتلك نصف رأس مال المركز التجاري العملاق “موروكو مول”، الذي يزوره 15 مليون زبون في السنة. وهذه الشركة هي الشركة الرائدة في البلاد في بيع المنتجات الفاخرة ولديها التوزيع الحصري في المغرب لماركات مثل “Zara” أو “Gap” أو “Banana Republic”.
وعلى الرغم من أنه ليس لديه سجل سياسي معروف، إلا أنه كان في موقع رئيسي في أخطر خلاف بين المغرب والمؤسسات الأوروبية بعد حكم محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في عام 2015.
وعلى الرغم من حضوره في المشهد السياسي المغربي، لأزيد من عقد زمني، ومشاركته في الحكومتين السابقتين للحزب الإسلامي، العدالة والتنمية، إلا أنه بعد تصدره في الانتخابات التشريعية المغربية، قال أن ذلك “تعبير واضح عن إرادة الشعب للتغيير”.
ووصفته مجلة “تيل كيل”، سنة 2017، بأنه رجل “لا يتواصل أبدا، ولا يشرح شيئا للرأي العام ويحمي نفسه من وراء مساعديه”.