مدد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، ولاية بعثة “المينورسو” لمدة عام آخر، داعيًا إلى “استئناف المفاوضات” حول نزاع الصحراء المغربية للتوصل إلى حلّ “دائم ومقبول للطرفين”.
فقد نقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن “مجلس الأمن الدولي قرر تمديد ولاية بعثة مينورسو إلى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفق نص القرار رقم 2554”.
وتم تبني القرار بتصويت 13 دولة لصالحه، مقابل امتناع اثنتين عن التصويت، هما روسيا وكينيا.
ويدعو القرار إلى “استئناف المفاوضات برعاية الأمين العام بدون شروط مسبقة وبحسن نية” بهدف التوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين”.
وكان مجلس الأمن قد وجه الدعوة نفسها قبل عام عندما تولى المبعوث الأممي الجديد الإيطالي، ستافان دي ميستورا، منصبه، وقد سافر الأخير مذاك إلى المنطقة مرات عدة للقاء مختلف الجهات الفاعلة.
لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال، في تقريره السنوي، الذي نشر مؤخرا إنه “قلق للغاية بشأن تطور الوضع”.
وشدد غوتيريش على أن “استئناف الأعمال العدائية بين المغرب وجبهة بوليساريو يمثل انتكاسة ملحوظة في السعي لحل سياسي لهذا النزاع الطويل الأمد”.
ويدور نزاع منذ عقود حول مصير الإقليم الصحراوي بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة.
وتقترح الرباط التي استرجع من الاحتلال الإسباني ما يقرب من 80 في المئة من المنطقة إلى منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها.
وتطالب جبهة بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة.
كما يدعو القرار الذي تم تبنيه الخميس إلى “التعاون الكامل” مع بعثة الأمم المتحدة (مينورسو) التي تم تجديد تفويضها لعام واحد حتى 31 أكتوبر 2023.
وبات واضحا اصطفاف الجزائر مع روسيا ضد الغرب غير أن موسكو لم تُبد حتى الآن أي موقف داعم للمقاربة الجزائرية بخصوص الصحراء المغربية رغم أن الولايات المتحدة أيدت الرباط في مقترح الحكم الذاتي.
وقام دي مستورا في كانون الأول/ يناير الماضي بجولة إقليمية هي الأولى في مهمته الجديدة، شملت المغرب والجزائر وموريتانيا.
وفي نفس الفترة التي تم فيها تكليف دي مستورا بمهمته “المغاربية”، دعا مجلس الأمن في قراره 2602، الجزائر والمغرب وموريتانيا والبوليساريو إلى استئناف المباحثات “دون شروط مسبقة وبحسن نية”، بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف”.
لكن متابعين يرون أن مهمة دي مستورا تشعبت في ظل موقف الجزائر “المتعنت” بعد انسحابها من “الموائد المستديرة” التي كانت تعول عليها الأمم المتحدة لإدارة النزاع.
واستقبل الطرف المغربي دي مستورا بكثير من الارتياح بين كانت الجبهة متوترة، وهاجمت مجلس الأمن ومواقفه من النزاع، على لسان ممثلها في نيويورك سيدي محمد عمار، الذي اتهم المجلس بـ “التقاعس”، محملا إياه مسؤولية تعثر المسار الأممي للتسوية بالخضوع لما وصفه بـ”تأثير بعض أعضائه الفاعلين”.
وكان المغرب مرتاحا في تلك الفترة بسبب نجاح جيشه في تأمين معبر الكركرات الحدودي، وطرد عناصر محسوبة على الجبهة التي تمكنت من إغلاقه طيلة أسابيع وتعطيل حركة المسافرين والبضائع بين المغرب وموريتانيا.
ثم عاد دي مستورا في إطار جولة ثانية في يوليو/ تموز الماضي حيث التقى مسؤولين مغاربة في الرباط دون أن يمر بالمحطات التقليدية التي مر بها المبعوثون السابقون وهي الجزائر وموريتانيا وتندوف حيث يوجد مخيم للاجئين الصحراويين.
وألغى دي مستورا في آخر لحظة زيارته إلى مدينة العيون بالصحراء المغربية كان قد أعلن عنها قبيل الشروع في زيارته.
ولم تتسرب عن لقاء دي مستورا وغالي الأحد أي معلومات كما لم تعقبها تصريحات من الطرفين تكشف ما دار في اللقاء الذي وُصف بالمغلق.
وشهد ملف الصحراء المغربية تطورات لافتة في الفترة الأخيرة تبرز خاصة في الموقف الإسباني الداعم لمقترح المغرب بإقامة منطقة حكم ذاتي بالصحراء المغربية يتم بموجبه نقل جزء من اختصاصات المملكة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى سلطات الحكم الذاتي، ليدبر سكان الصحراء “شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي”، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية “في ميادين السيادة، لا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية”، فضلا عن ممارسة الملك لاختصاصاته الدينية والدستورية.
وقوبل المقترح المغربي برفض الجزائر وجبهة البوليساريو التي تقترح تنظيم استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة.
وتسيطر الرباط على حوالي 80 بالمئة من المساحة الجملية للصحراء بينما توفر الجزائر التي قطعت علاقاتها بالمغرب في أغسطس/ آب 2021، ملاذا لأعضاء جبهة البوليساريو.
ويعتبر محللون أن موقف حكومة بيدرو سانشيز تاريخي ومهم للغاية باعتباره صادرا عن القوة التي كانت تستعمر الصحراء، وهي الطرف الأساسي إلى جانب موريتانيا في اتفاقية مدريد التي أنهت الواقع الاستعماري للصحراء.
وتأتي زيارة دي مستورا الراهنة في سياق آخر مهم يتمثل في نشوب أزمة دبلوماسية بين المغرب وتونس بعد أن استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد، إبراهيم غالي نهاية أغسطس بمناسبة قمة تيكاد 8 بتونس.
وتبادل الطرفان إصدار البيانات واستدعاء السفراء للتشاور لتنطلق حملات إعلامية وشعبية في كلا البلدين اللذين يشهدان لأول مرة أزمة مماثلة.
ودأبت تونس على انتهاج سياسة الحياد إزاء الصحراء المغربية ولم تعلن دعمها لأي طرف متمسكة بمبادئ الأمم المتحدة وبحلم المغرب العربي الذي تعثر طويلا بسبب الموقف الجزائري الذي يعتبره المغرب تدخلا في شؤونه الداخلية.