مجلس الحكومة برئاسة أخنوش: بين تنزيل التوجيهات الملكية وترسيخ الإصلاحات، من يحدد الأولويات؟

0
92

انعقد مجلس الحكومة يوم الخميس 23 يناير 2025 برئاسة رئيس الحكومة الملياردير عزيز أخنوش، حيث تمت مناقشة ملفات حيوية، منها تعديلات قانونية، مشاريع مراسيم، واتفاقيات دولية. البيان الختامي للمجلس حمل عبارات لافتة، أكد فيها على مواصلة تنزيل التوجيهات الملكية.

ولكن، إلى أي مدى تعكس هذه النقاط رؤية حكومية واضحة؟ وهل البيان يبرز دور الحكومة كفاعل مستقل أم مجرد منفذ لتوجيهات ملكية؟

مشاريع قانونية: إصلاح القضاء في الواجهة

بدأ الاجتماع بمصادقة المجلس على مشروع قانون رقم 73.24 لتعديل قانون التنظيم القضائي، قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي. يهدف المشروع إلى:

  • تقريب القضاء من المواطنين.

  • تبسيط المساطر.

  • تعزيز النجاعة القضائية.

لكن هل يحقق هذا المشروع قفزة نوعية في العدالة المغربية، أم أنه مجرد تعديل تقني لا يمس جوهر الإشكالات المتعلقة بتكدس الملفات وضعف تنفيذ الأحكام؟ وما مدى توافقه مع التحديات الحالية المرتبطة بثقة المواطن في المنظومة القضائية؟

قطاع الصحة: تعزيز الموارد أم ترقيع الأزمات؟

شهد الاجتماع المصادقة على مرسوم رقم 2.23.1195 الذي يتعلق بهيئة الملحقين العلميين في وزارة الصحة. المشروع، الذي قدمه وزير الصحة أمين التهراوي، يهدف إلى:

  • تحفيز الأطر الصحية من خلال تعويضات إضافية.

  • تعزيز الموارد البشرية.

رغم أهمية هذه الخطوة، يتساءل كثيرون: هل تكفي التحفيزات المالية وحدها لمعالجة أزمة القطاع الصحي المزمنة، خاصة مع نقص التجهيزات وضعف البنية التحتية في المناطق النائية؟ وهل تعكس هذه الإجراءات استراتيجية حكومية شاملة أم حلولًا آنية لامتصاص الانتقادات؟

البيئة والزراعة: تنظيم تربية الأحياء المائية

ناقش المجلس وصادق على مرسوم لتنظيم تربية الأحياء المائية في المياه البرية، قدمه وزير الفلاحة أحمد البواري. المشروع يهدف إلى:

  • وضع إطار قانوني لمنح التراخيص.

  • مراقبة وحدات الإنتاج.

لكن هل ينسجم هذا المشروع مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة؟ وما مدى استعداد الحكومة لتوفير الدعم الفني والمالي لصغار المستثمرين في هذا المجال الحيوي؟

الاتفاقيات الدولية: قضايا لوجستية في قلب النقاش

اطلع المجلس على اتفاقيتين دوليتين:

  1. مراجعة وثائق هوية البحارة.

  2. بروتوكول خاص بنقل الركاب بحريًا.

هذه الاتفاقيات تؤكد توجه المغرب نحو تعزيز دوره في النقل البحري، ولكن يبقى التساؤل: هل يمتلك القطاع اللوجستي القدرات الكافية لمواكبة هذه الالتزامات الدولية، أم أن الأمر يتطلب إعادة هيكلة شاملة؟

التعيينات في مناصب عليا: الشفافية على المحك

اختتم الاجتماع بالمصادقة على تعيينات جديدة في قطاعات حيوية، استجابة لتوجيهات ملكية. هذا الربط المباشر بين التعيينات والتوجيهات الملكية يثير تساؤلات عن دور الحكومة:

  • هل أصبحت مجرد جهة تنفيذية للتعليمات الملكية؟

  • كيف يمكنها ترسيخ استقلاليتها وتقديم رؤية واضحة للإصلاح دون أن تُنسب جميع النجاحات للمشاريع الملكية؟

التحليل: حكومة أخنوش أم ناطق باسم الملك؟

بيانات مجلس الحكومة أصبحت مكررة في التأكيد على “تنزيل التوجيهات الملكية”، ما يثير نقاشًا أعمق حول هوية الحكومة:

  • هل تسعى الحكومة لتحويل جميع النجاحات إلى إنجازات ملكية لتجنب تحمل تبعات أي إخفاق؟

  • أين دورها المستقل في تقديم سياسات واستراتيجيات تعكس تطلعات المواطنين بشكل مباشر؟

تبدو هذه الدينامية بمثابة اختبار حقيقي لمدى توازن السلطات التنفيذية في المغرب، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المملكة.

الخاتمة: أي نموذج للحكومة نريد؟

قضية استقلالية الحكومة ليست مسألة تقنية فقط، بل تعكس جوهر المسار الديمقراطي. فهل ينجح أخنوش في رسم معالم حكومة فاعلة وشريكة للملك في تحقيق التقدم، أم أن بياناته ستظل عالقة في إطار التوجيهات؟

الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد ليس فقط مصير حكومة أخنوش، بل أيضًا مسار التطور السياسي في المغرب.