مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون 03.23 لتعديل المسطرة الجنائية: خطوة نحو إصلاح شامل أم تغيير تجميلي؟ 

0
162

مشروع قانون 03.23: هل هو بداية جديدة للعدالة الجنائية في المغرب أم استمرار للوضع القائم؟

صادق مجلس الحكومة اليوم الخميس على مشروع قانون 03.23 بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01، الذي أعدته وزارة العدل بهدف استكمال الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، في إطار توجيهات الملك محمد السادس. يأتي هذا المشروع بعد سنوات من الدعوات لتحديث النظام القانوني والعدلي بالمغرب. ولكن، هل يمثل هذا القانون الجديد تحولًا حقيقيًا في مسار العدالة أم أنه مجرد تعديل محدود؟

تعزيز حقوق المحاكمة العادلة: إصلاحات جوهرية أم تحسينات شكلية؟

يتضمن المشروع مجموعة من الإصلاحات، أهمها تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع. تم التأكيد على ضرورة تحديث آليات العدالة الجنائية وضمان نجاعتها، بما يشمل حماية حقوق الضحايا وترشيد الاعتقال الاحتياطي. لكن السؤال المطروح هو: هل ستترجم هذه التعديلات إلى تحسينات ملموسة في سير العدالة على أرض الواقع؟ وهل ستساهم في تقليص الممارسات التي تنتهك حقوق المتهمين أو تزيد من ثقة المواطنين في النظام القضائي؟

الرقمنة والقضاء عن بعد: خطوة نحو المستقبل أم تحديات جديدة؟

من أبرز ما جاء به مشروع القانون هو إدخال تقنيات الاتصال عن بعد في إجراءات البحث والتحقيق والمحاكمة، بالإضافة إلى استخدام المحاضر الإلكترونية والتوقيعات الرقمية. هذا التحول الرقمي قد يعزز من كفاءة النظام القضائي ويقلل من تكاليف النقل والتبليغ. لكن، هل النظام القضائي المغربي مستعد لتحمل هذه النقلة التقنية؟ وكيف سيتم التعامل مع التحديات المحتملة، مثل ضمان أمن البيانات الرقمية وحماية حقوق المتهمين في ظل هذه التحولات؟

مواجهة الجريمة والصلح الجنائي: هل من توازن بين الردع والتسامح؟

تتضمن التعديلات الجديدة توسيع نطاق الجرائم القابلة للصلح، بالإضافة إلى إدخال آلية الوساطة الجنائية. تهدف هذه الإجراءات إلى تسريع عملية التقاضي وتخفيف الضغط عن المحاكم، ولكن يبقى التساؤل حول مدى فعالية هذه الآليات في تحقيق العدالة الكاملة وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية، خاصة في ظل وجود جرائم خطيرة قد لا يكون الصلح فيها الخيار الأمثل.

توسيع الاختصاص القضائي المغربي: تعزيز السيادة أم تداخل الصلاحيات؟

تتضمن المستجدات أيضًا توسيع اختصاص القضاء المغربي ليشمل الجنح إلى جانب الجنايات المرتكبة بالخارج من قبل الأجانب، إذا كان الضحية مغربيًا. هذا التوسع يعزز من حماية المواطنين المغاربة أينما كانوا، لكنه يطرح سؤالاً حول كيفية تنفيذ هذا الاختصاص الجديد وكيفية التعامل مع تداخل الصلاحيات مع الدول الأخرى.

نحو قضاء أكثر فعالية: هل يحقق المشروع الجديد النجاعة القضائية المنشودة؟

يشدد المشروع على أهمية تسريع إجراءات التقاضي عبر إحداث آلية “المستشار المجهز” لتجهيز الملفات قبل بدء المحاكمة، وهو ما قد يساهم في تقليص زمن البت في القضايا. لكن يبقى التساؤل حول قدرة هذه الآلية على التعامل مع الكم الكبير من القضايا المعروضة على المحاكم، وهل ستحقق بالفعل الهدف المنشود من النجاعة القضائية؟

خاتمة: مشروع قانون أم مسار طويل للإصلاح؟

بينما يعتبر مشروع القانون 03.23 خطوة مهمة نحو تحديث النظام القضائي المغربي، يظل التحدي الأكبر هو تنفيذ هذه التعديلات على أرض الواقع وضمان أن تؤدي إلى تحسين ملموس في تجربة المواطنين مع العدالة. هل سيتمكن النظام القضائي من مواكبة هذه التغييرات؟ وكيف سيتم التعامل مع التحديات التي قد تنشأ؟ تبقى هذه الأسئلة مطروحة بانتظار الإجابة عليها من خلال الممارسة الفعلية.