يتجه المغرب إلى تليين الشروط التي تفضي إلى استفادة الأجراء الذين يفقدون فرص عملهم، من أجل الاستجابة أكثر لطلبات التعويضات التي ينتظر أن ترتفع في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعرفها المملكة بسبب الأزمة الصحية.
ولم تكن آلية التعويض عن فقدان الشغل التي وضعها المغرب في الأعوام الأخيرة، مؤهلة لتوفير التعويضات لمن فقدوا فرص عملهم بسبب الجائحة في الأشهر الماضية، ما دفع المملكة إلى توفير تلك التعويضات عبر صندوق مكافحة الجائحة التي وفرت أمواله عبر مساهمات التضامن.
فبعد انكب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على إعداد دراسة تتناول موضوع “منظومة التعويض عن فقدان الشغل” على إثر إحالة توصل بها من طرف مجلس المستشارين، وذلك في سياق دينامية التفكير المؤسساتي المشترك بشأن تنزيل الورش الاستراتيجي الطموح المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، الذي يشكل “التعويض عن فقدان الشغل” مكونا أساسيا في منظومتها، كما ينص على ذلك القانون الإطار ذي الصلة، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية.
وقد تمَّ الوقوف، في هذه الدراسة التي تحمل عنوان: “التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟”، على الحصيلة المرحلية لهذه الآلية التي تفيد بأن تطبيقها اتسم بمحدودية ملحوظة في عدد المستفيدين. فحسب المعطيات المسجلة أواخر سنة 2020، فقد بلغ عدد المستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل منذ انطلاقه سنة 2015 حوالي 77.826 مستفيدا، وهو رقم يبقى بعيداً عن الهدف الذي تم تحديده في 30.000 مستفيد في السنة.
وبناء على التشخيص الذي قام به المجلس من خلال تحليل خصائص الآلية الحالية للتعويض عن فقدان الشغل، تمّ الوقوف على ثلاثة أسباب رئيسية تحدُّ من نطاق الاستفادة من هذا التعويض:
-
شروط تقييدية للاستفادة من التعويض، حيث تمَّ على الخصوص رفض قرابة نصف الملفات لعدم كفاية عدد أيام الشغل المصرَّح بها؛
-
تعويض غير كافٍ، إذ يتم احتساب التعويض عن فقدان الشغل على أساس الحد الأدنى القانوني للأجور، كما أن ذلك لا يراعي المستوى المعيشي للعديد من الفئات المهنية، ولا سيما التي تتقاضى أجورا وسطى؛
ج. تمويل غير كافٍ وغير منصفٍ لا يراعي استدامة مصادر التمويل ولا توزيع الفئات المهنية.
ومن هذا المنطلق، وأخذا في الاعتبار هذه النقائص، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوصي، في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، بتجاوز الإصلاح المقياسي الذي تم اعتماده قبل انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية وصدور القانون الإطار المتعلق بها، والعمل على إرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومةٍ للتعويض عن البطالة، تشمل نظاماً للتأمين ونظاماً للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.
هذا، وبالنظر إلى تداعيات للظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي تجتازها بلادنا في الوقت الراهن في ظل تداعيات أزمة كوفيد-19، يقترح المجلس بوضع نظام للتأمين يتضمن آليتين اثنتين:
-
نظام للتأمين عن البطالة خاص بالعاملين الأجراء، من شأنه أن يتيح تجاوز أوجه المحدودية التي تعتري الآلية الحالية، وذلك من خلال:
-
تقليص الحد الأدنى لعدد أيام الاشتراك المطلوبة، عبر إقرار مدة تتلاءم مع خصائص سوق الشغل ببلادنا؛
-
رفع الحد الأقصى للتعويض (4 إلى 5 أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجور)؛
-
تمديد مدة صرف التعويضات بما يتناسب مع مدة الاشتراك؛
-
توسيع آليات تمويل التعويض عن فقدان الشغل، من خلال ترشيد وإعادة توجيه الموارد المالية المتاحة دون زيادة الأعباء التي تثقل كاهل المقاولات والعاملين؛
-
تبسيط المساطر الإدارية؛
– العمل بشكل تدريجي على توسيع دائرة وشروط الاستفادة من التعويض.
-
نظام للتأمين عن البطالة لفائدة العاملين غير الأجراء. يتم تفعيله بشكل تدريجي وأن يكون موضوع نقاش وتشاور بين الأطراف المعنية حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن، كما يقتضي التحديد المسبق لآثار وَقْف النشاط على هذه الفئات من العاملين.