مجلس المنافسة يحقق مجدداَ في استغلال فاعلين اقتصاديين للأزمة .. من ربح الملايين ومن خسر في أزمة ؟!

0
218

تواصل ارتفاع أسعار الوقود في المغرب، ما خلف استياء لدى المواطنين ومهنيي النقل، خاصة بعد أن تجاوز سعر الغازوال ثمن البنزين (بلغ نحو 15 درهما أي ما يعادل دولارا ونصف تقريبا) وهو ما وُصف بـ”السابقة”، فقد أسهمت في إزدهار أعمال بعض الشركات

بيد أن قصص نجاح هذه الشركات لم تخلُ من بعض التفاصيل الجانبية التي تشكك فيها، على سبيل المثال لا الحصر، قال محمد بنموسى العضو السابق في لجنة النموذج التنموي، وعضو الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة لاسمير، إن شركات المحروقات في المغرب راكمت إلى حد الآن أرباحا “غير شرعية” وصلت قيمتها إلى 38.2 مليارات درهم.

وأوضح بنموسى خلال ندوة صحافية بالعاصمة الرباط نظمت من أجل تقديم  تقرير أعده حول مقارنة توصيات تقرير النموذج التنموي مع برنامج حكومة أخنوش، أن اللجنة البرلمانية التي اشتغلت على أرباح شركات المحروقات رصدت أرباحا تصل إلى 17 مليار درهم ما بين دجنبر 2015، وسنة 2018، لكن حسب بنموسى، فإن تتبع الأرباح “غير الشرعية”، للسنوات التالية أظهر وصول هذه الأرباح إلى 38.2 مليار درهم. وكشف بنموسى أن هذا الرقم توصلت إليه الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة لاسمير، من خلال عمل مهندسين كانوا يزودون الحكومة بالمعطيات حول الأسعار الدولية خلال فترة  اعتماد المقايسة وتسقيف الأسعار.وأشار إلى أن هؤلاء المهندسين زودوا الجبهة بالمعطيات بعد تحرير الأسعار، ما أظهر وجود أرباح متواصلة “غير شرعية” وصلت في 2020 إلى 38.2 مليار درهم.

في نفس السياق ، أعلن مجلس المنافسة،وهو هيئة رقابية رسمية، من جديد كما حصل سنة 2020، عن اتخاذ المبادرة للإدلاء برأيه حول الأسباب الكامنة وراء التقلبات الأخيرة في أسعار البيع على الصعيد الوطني، والزيادة شبه العامة في أسعار البيع للمستهلكين المتعلقة بجميع المنتجات الرئيسية.

ويهدف الرأي الذي سيدلي به المجلس إلى الجواب عن سؤال “هل تتعلق الأسعار المسجلة في السوق الوطنية، بعوامل خارجية مرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة، أم تعزى إلى عناصر غير مشروعة ومرتبطة بممارسات محظورة بموجب قانون المنافسة، على غرار الاتفاقات والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن؟”

وفي هذا الصدد، أبرز مجلس المنافسة أن العديد من الدراسات الاقتصادية التجريبية التي تم إجراءها حول هذا الموضوع، ولا سيما التي قامت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أظهرت أن فترات الأزمات على غرار الأزمة التي نعيشها حاليا، توفر بيئة خصبة لاحتمال ارتكاب الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في أسواق المنتجات الرئيسية، إذ قد يلجأ بعض الفاعلون الاقتصاديون إلى استغلال هذا الوضع والزيادة في هوامش الربح الخاصة بهم لأجل مضاعفة أرباحهم.

وتوقف المجلس على عدد من المواد التي شهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا في السوق الوطنية، خاصة مع بداية السنة الجارية، ومن بينها مواد غذائية كالحليب ومشتقاته، ومواد أخرى كالحديد والمحروقات.

وقال مجلس المنافسة إن رأيه سيكون حول 13 مادة هي الغازوال والبنزين والفيول والفحم، والزجاج والألمنيوم والنحاس وقضبان الحديد، والقمح والزبدة والعدس والحليب المجفف والأسمدية النتروجينية.

ووطّأ المجلس في ذات المذكرة التي أعلن فيها عن اتخاذه هذه المبادرة، بالإشارة إلى أن السوق الوطنية تأثرت بالارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، مشيرا إلى أن الأسواق الوطنية تنشط في بيئة تتسم بالتحرير الكلي لأسعار جل المواد والسلع المعنية بالزيادة.

وأشار المجلس إلى أن جزءا كبيرا من المواد التي عرفت زيادات، يتم استيرادها من الخارج، خاصة منتجات الطاقة والحبوب، فالمغرب يستورد 90 في المئة من حاجياته الطاقية، وما يناهز النصف من الحبوب، وبالتالي فستتأثر أسواقه جراء تغير الأسعار في السوق العالمية. 

أخنوش مطالب بالخروج عن صمته إزاء أزمة الغلاء في “ظل انعدام أي مؤشرات لتحسن الوضع المعيشي للمغاربة”

تأمين الحاجيات الوطنية من الطاقة البترولية من خلال استئناف تكرير وتخزين البترول بمصفاة سامير

المجموعة الكونفدرالية بمجلس المستشارين، طالبت الحكومة بتأمين الحاجيات الوطنية من الطاقة البترولية من خلال استئناف تكرير وتخزين البترول بمصفاة سامير، ومن أجل ذلك تقدّمت المجموعة بمقترحيْ قانون: يتعلق الأول بتنظيم أسعار المحروقات بالمغرب، وأما الثاني فيتعلق بتفويت أصول شركة “سامير” في طور التصفية القضائية لصالح الدولة.

لكن الحكومة كان لها رأي آخر: الرفض المطلق للمقترحيْن وجاء في الرد الذي توصل به مجلس المستشارين عبر الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان ما يفيد بـ”عدم قبول الحكومة للمقترحين، وحين سئل الناطق الرسمي عن مبررات هذا الرفض، كان رده هو أن الحكومة درست مقترحات قوانين عدة، وافقت على بعضها ورفضت أخرى لاعتبارات كثيرة. ما هي هذه الاعتبارات؟ اسألوا أخنوش فلديه الخبر اليقين.

الحكومة تدرك جيدا أن المقترح الأول بتنظيم أسعار المحروقات يهدف بالخصوص إلى حماية القدرة الشرائية للمغاربة والوقاية من الآثار السلبية لارتفاع أسعار المحروقات على مصاريف التنقل وعلى أثمان المواد الفلاحية والسلع والمعيش اليومي، وتدرك أيضا أن المقترح الثاني، القاضي بتفويت جميع أصول شركة سامير والممتلكات والعقارات والرخص وبراءات الاختراع لحساب الدولة المغربية، يهدف إلى تعزيز الاحتياطات الوطنية من الطاقة النفطية وتفكيك معاقل التحكم في سوق المحروقات وإنقاذ القدرة الشرائية للمستهلكين من الأسعار الفاحشة، لكنها ترفض حتى مناقشة هذين المقترحين داخل غرفة البرلمان. فلماذا يا تُرى ترفض الحكومة هذين المقترحين ومن لديه المصلحة في رفضهما ومعارضتهما؟

للجواب على هذا السؤال لا بد من معرفة مَن هم المستفيدون من تحرير أسعار المحروقات وتصفية شركة سامير لتكرير النفط؟ بكل بساطة إنهم الموزعون، فمنذ أن رفعت حكومة ابن كيران السابقة يدها عن تحديد أسعار الغازوال والبنزين في دجنبر 2015، لم تتوقف شركات “أفريقيا”، “فيفو انرجي”، “طوطال المغرب”، “وينكسو”، “بيتروم”… وغيرها من الاغتناء السريع، وهي ثروة قدمتها تلك الحكومة على طبق من ذهب لمجموعة من رجال الأعمال كانوا متواضعين في التجارة أو في العمل مع الشركات الأجنبية في قطاع المحروقات ليسمنوا سريعا ويصبحوا من أغنياء العالم. وإذا علمنا أن إحدى هذه الشركات مملوكة لرئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، تبيّن لنا سبب رفض هذه الحكومة كل المقترحات التي تصبّ في مصلحة الشعب. وإذا عرف السبب بطل العجب.

وأما الحلول التي تقدمها الحكومة، فهي الوعود تلو الوعود، ففي كل أسبوع بعد انعقاد المجلس الحكومي الذي يرأسه السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يعقد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مؤتمرا صحفيا ليبشّر فيه المغاربة بالوعود الجديدة التي تراها الحكومة للتخفيف من أزمة ارتفاع الأسعار. وكان آخر وعد بشّر به هذا الناطق هو أن “الحكومة تدرس التدخل لتخفيف الصدمات عن المواطن” ويبقى الحل الأمثل بالنسبة لحكومة الأزمات، هو تحميل المواطن تكلفة ارتفاع الأسعار.

بنكيران: يحمل حكومة الملياردير عزيز أخنوش غلاء المعيشة في المغرب ويتهمه بالجمع بين السلطة والثروة وعجزه عن مواجهة الواقع والتخفيف عن المواطنين

في يوليوز 2020 ، بيّن بيان للديوان الملكي أن رئيس مجلس المنافسة، وهو هيئة رقابية رسمية، أخبر الملكل المفدى  بقرار فرض غرامة مالية تعادل 9% من رقم المعاملات السنوي للموزعين الثلاثة الرئيسيين، وفقاً لما نقلته. ويتعلق الأمر بشركة “إفريقيا” المغربية وشركتي “توتال” و”فيفو إنرجي” فرع “شال” بالمغرب، مع فرض مبلغ أقل لباقي الشركات.

لكن المجلس عاد ليخبر جلالة الملك بقرار مناقض ثاني (..) ينص على تغريم كافة شركات توزيع المحروقات على قدم المساواة بمبلغ 8% من رقم معاملاتها، وفق نفس المصدر.

وكشف بيان الديوان الملكي أيضا أن أعضاء في مجلس المنافسة راسلوا جلالة الملك لإدانة “تجاوزات مسطرية وممارسات من طرف الرئيس مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس” و”غموض” إجراءات التحقيق” في هذا الملف.

وقرر جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله،  تبعا لذلك “تشكيل لجنة متخصصة تتكلف بإجراء التحقيقات الضرورية لتوضيح الوضعية”، مؤكداً على تمسكه “بشدة باستقلالية ومصداقية المؤسسات وضامنا لحسن سير عملها”، وفق ما أضاف البيان.

وقال مصدر حكومي لوكالة فران بريس إن هذا التحقيق “لا يهم إطلاقاً صلب الموضوع ولا يهدف إلى الحسم في جوهر الخلاف، وإنما يعني فقط مسطرة العمل داخل مؤسسة دستورية باعتبار الملك ضامنا لحسن سير المؤسسات”.

وظلت أسعار بيع المحروقات في المغرب مدعومة من الدولة لسنوات، قبل أن تصبح خاضعة لقانون السوق ابتداء من أواخر 2015.

وأثيرت منذ ذلك الحين شبهة وجود تواطؤات بين الموزعين لتحديد أسعار تضمن هامشا كبيراً للربح على حساب المستهلكين.

وكان تقرير للجنة تحقيق برلمانية أكد في 2018 أن ارتفاع أسعار البيع بمحطات الوقود لا يوازي انخفاض أسعار الاستيراد من الخارج، مسجلاً “تأثيراً مباشراً لارتفاع أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين”.

وتهيمن شركات مغربية وأجنبية على سوق توزيع المحروقات، التي تستورد من الخارج، أهمها شركة “إفريقيا” التي يملكها وزير الزراعة الثري عزيز أخنوش.

وكانت الأخيرة هدفا لحملة مقاطعة غير مسبوقة استهدفت أيضا شركتين في قطاعين آخرين في 2018 ولقيت تجاوبا فعليا على الأرض من دون أن يتبناها أحد. 

يزخر المغرب بثروات معدنية هامة، وفضلا عن الفوسفات الذي تتوفر المملكة على 75% من الاحتياطي العالمي منه، توجد بالبلاد مناجم معدنية أخرى كالحديد والرصاص والفضة والزنك والنحاس وغيرها في مختلف الجهات يوجه إنتاجها بصفة أساسية للتصدير.

فقد أفاد مكتب الصرف “أن صادرات الفوسفاط ومشتقاته تضاعفت خلال شهر يناير 2022، حيث بلغت 780 مليار درهم، وأوضح المكتب، في نشرته الشهرية الخاصة بمؤشرات المبادلات الخارجية برسم شهر يناير 2022، أن هذا الارتفاع يُعزى إلى تنامي مبيعات الأسمدة الطبيعية والكيماوية الراجع إلى ارتفاع تأثير السعر الذي تضاعف من: 2882 درهم للطن، إلى 7163 درهم.

وحسب تقرير الثروة الإجمالية الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (هيئة استشارية) نهاية 2016، فقد ساهم قطاع المعادن بنسبة 8.3% في متوسط قيمة الصادرات الوطنية بين عامي 1999 و2013، إلا أنه لم يساهم إلا بأقل من 1% من فرص العمل.

وبلغت الثروة المعدنية بالأسعار الثابتة عام 2013 نحو 163 مليار درهم (17.7 مليار دولار).

وتتوزع الثروات المعدنية بالمغرب فيما يسمى بالهامش المغربي، وهي مناطق رغم توفرها على ثروات هائلة فإنها تعيش خارج التنمية وتتقاسم ثنائية متناقضة وهي الثروة والهشاشة، ومن هذه المدن خريبكة (الفوسفاط) وميسور (الغاسول) وإميضر (الفضة) والناظور (الحديد) وميدلت (الرصاص والزنك) وورزازات (الكوبالت) وزاكورة (النحاس) وغيرها. 

أشارت وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة إلى أنها تعمل على إعداد وإطلاق مخطط المغرب المعدني، بهدف جعل القطاع المعدني الوطني قطاعاً نموذجياً بحلول سنة 2025، وأوضحت أنها تهدف من خلاله إلى تحقيق تنمية مستدامة معتبرة أن القطاع المعدني المغربي يتبوأ مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني.

وذكرت الوزارة أنّ قطاع المعادن يسهم في الناتج الداخلي الخام بنسبة 10 في المئة، وحصته في قيمة الصادرات الوطنية أكثر من 20 في المئة.