صادق مجلس النواب، خلال جلسة عمومية، بالأغلبية بـ213 ومعارضة 64 نائبا، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت، على البرنامج الحكومي الذي تقدم به رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام مجلسي البرلمان، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 88 من الدستور.
وبهذا يكون المجلس قد منح ثقته للحكومة الجديدة بناء على ما ينص عليه الدستور في فصله 88 الذي جاء فيه “تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح برنامج الحكومة”.
وبعد مصادقة مجلس النواب على البرنامج الحكومي، تكون الحكومة الجديدة، قد استكملت شروطها الدستورية لتمارس صلاحياتها وتصبح مسؤولة عن أعمالها أمام البرلمان.
وحظي البرنامج الحكومي بثقة 213 نائبا ومعارضة 64 نائبا، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت، والذي تعهدت فيه حكومة “أخنوش” بتخصيص أكثر من 100 دولار شهريا، لتقديمه تدريجيا للأشخاص كبار السن”، مشيرة إلى أن “المنحة ستُعتمد بشكل تدريجي، ستبدأ بـ 40 دولاراً عام 2022 وستصل إلى 100 دولار عام 2026″ و”إحداث 250 ألف منصب شغل في الإدارة، بمعدّل 50 ألف منصب سنويا”.
وأوضح أخنوش أن “250 ألف منصب شغل سيتم خلقها من خلال الأشغال الصغرى والمتوسطة والكبرى، و200 ألف منصب ستُحدث من خلال المشاريع الفلاحية ضمن برنامج الجيل الأخضر، بينما سيتم إحداث 250 ألف منصب شغل في الإدارة، بمعدّل 50 ألف منصب سنويا”.
كما تعوّل الحكومة، يضيف أخنوش، “على إحداث مناصب شغل أخرى ضمن برنامج فرصة، وكذلك مؤسسات الحضانة التي ستصل إلى 12 ألف حضانة”.
وينتظر المغاربة من حكومة أخنوش إنجاز الكثير مما عجزت عنه حكومة العدالة والتنمية على مدى عقد من الزمن، حيث سيعمل، وفق برنامجه الحكومي، على “إحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 في المئة عوض 20 في المئة حاليا، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة”.
ووعد أخنوش، بأن حكومته ستقوم بالسهر على “حماية الطبقة الوسطى، وتوسيع الأسر المُصنفة ضمنها، مع توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي”.
وحظي البرنامج الحُكومي الذي طرحه عزيز أخنوش رئيس الحُكومة أمام البرلمان، بإشادة واسعة من أعضاء البرلمان، خلال جلسة، اليوم، ضمن جلسات مقبلة للحُصول على ثقة البرلمان رغم وجود انتقاد ضعيف من أحزاب المعارضة، إلا أن ذلك لن يُؤثر على مسار منح الثقة في البرلمان، خاصة وأن الحُكومة تضمن أكثر من نصف الأصوات، وهو اللازم دستوريا لتنصيبها..
وتتوفر الفرق الثلاث على 269 مقعداً من أصل 395 مقعداً، لتستحوذ على ثلثي عدد مقاعد مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي مقابل 125 مقعداً.
ويبقى السؤال، كيف سيمكن لأخنوش ترجمة وعوده مع وجود “نموذج تنموي كبير” من اقتراح الملك المفدى حفظه الله، و أن هذا “النموذج” “حسم الاختيارات الكبرى”، ويجعل من الانتخابات مجرد “آلية لإفراز نخب سياسية جديدة قادرة على تفعيله”.و “يفرض على الأحزاب تبني برامج متشابهة…”.
يجرّنا هذا إلى الحديث عن البرنامج الحكومي، والذي يختزل في كلمة واحدة، تطبيق “النموذج التنموي الجديد” للمغرب وتنزيله، وهو الصادر عن اللجنة الخاصة التي أحدثها الملك محمد السادس، خارج الإطار الحكومي، يوم 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، والتي قدّمت تقريرها الشامل يوم 25 مايو/ أيار الماضي، ليصبح التقرير وتنزيله خريطة الطريق التي وجب أن يتبعها الجميع، وهذا ما ورد على لسان رئيس الحكومة عزيز أخنوش في تصريح تلفزي بعد تشكيل الحكومة، ما يطرح سؤالا عن جدوى برامج الأحزاب السياسية والتنافس في صياغتها وطرحها أمام الناخب المغربي للاختيار، فالبرنامج محدَّد سلفا والاختيارات معروفة مسبقا.
في المقابل، انتقدت الكتل النيابية للمعارضة المغربية، البرنامج الذي تقدمت به حكومة أخنوش لنيل ثقة البرلمان واستكمال المسار الدستوري للتنصيب. وقال رئيس الكتلة النيابية لـ”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، عبد الرحيم شهيد، إن البرنامج تعتريه نقائص، في مقدمتها عدم تحديد الأولويات التي سيتم العمل عليها في تنزيل النموذج التنموي، وكذا مشروع “الدولة الاجتماعية”، معلناً أن حزبه سيصوت ضد هذا البرنامج.
وسجّل رئيس الكتلة النيابية لأكبر حزب معارض في المغرب، أن البرنامج الحكومي “يخلو من أي إجراءات عملية وواقعية، لما نصّ عليه من أولويات عامة تتمثل في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وتحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل وتكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي”، لافتاً إلى أن “الدولة الاجتماعية التي وضعها البرنامج في الصدارة، والتي لم تحدد طبيعتها وتوجهاتها، تثير أكثر من علامة استفهام”.
وتساءل: “هل سنقوي ركائز الدولة الاجتماعية بمرجعيات لطالما هدّدت التوازن الاجتماعي بفعل هيمنة الليبرالية والرأسمالية التي تجعل الاقتصاد محكوما بمنطق الربح والسوق؟”.
يذكر أن المُعارضة البرلمانية تتكون من حزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب التقدم والاشتراكية، وحزب العدالة والتنمية الإخواني، الذي حصل على 13 مقعداً فقط في الانتخابات الأخيرة، في هزيمة مدوية وعقاب انتخابي شديد بعد فشله في تدبير الشأن الحُكومي، رفضوا برنامج حكومة المغرب.
وعلى الرغم من مُعارضة الأحزاب الثلاث للبرنامج، وعزمها التصويت بالرفض، إلا أن ذلك لن يُؤثر على مسار منح الثقة في البرلمان، خاصة وأن الحُكومة تضمن أكثر من نصف الأصوات، وهو اللازم دستوريا لتنصيبها.
وانتخب عزيز أخنوش، أمين عام حزب “التجمع الوطني للأحرار” المغربي، عمدةً لمدينة أغادير (وسط)، ليصبح أول من يجمع بين رئاسة الحكومة وعمدة مدينة. وهذه المرة الأولى في تاريخ المملكة، التي يتولى فيها رئيس حكومة منصب عمدة مدينة، في آن معا.
ومطلع أكتوبر / تشرين أول الجاري، عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، حكومة جديدة برئاسة عزيز أخنوش، تضم 24 وزيرا، عقب انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكان أخنوش أعلن في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، التوصل إلى تشكيل حكومة من 3 أحزاب هي “التجمع الوطني للأحرار” (102 مقعد)، و”الأصالة والمعاصرة” (86)، و”الاستقلال” (81).
وتحظى الأحزاب الثلاثة بأغلبية مريحة في البرلمان تبلغ 270 مقعدا مقابل 198 مقعدا مطلوبة لتمرير التشريعات.