عقد مجلس النواب جلسة عمومية يوم الثلاثاء 15 يونيو 2021 خصصت لتقديم ومناقشة تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية حول التعليم الأولي، وذلك برئاسة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، وبحضور كل من السيد سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الناطق الرسمي باسم الحكومة، والسيد عثمان الفردوس وزير للثقافة والشباب والرياضة.
في البداية، أكد السيد رئيس مجلس النواب أن هذه الجلسة تعقد طبقا لأحكام الفصل 101 من الدستور ومقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب ولاسيما المادة 278 منه، مشيرا إلى أنها تمثل المحطة الرابعة من نوعها بمجلس النواب منذ اقرار وظيفة التقييم في الوثيقة الدستورية، “حيث يكتسي تقييم السياسات العمومية أهمية كبرى نظرا لدوره في تقويم وتجويد السياسات والبرامج العمومية وهو ما أكده تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي والذي دعا إلى إيلاء أهمية أكبر لتقييم السياسات العمومية خاصة التقييم البرلماني”.
وأوضح السيد المالكي أن موضوع التعليم الأولي يكتسي أهمية كبرى باعتباره يوجد في قلب المنظومة التربوية، منوها بالاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس لهذا الورش الكبير، ومذكرا بمضمون الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي حيث قال جلالته ” لا تخفى عليكم أهمية التعليم الأولي في إصلاح المنظومة التربوية، باعتباره القاعدة الصلبة التي ينبغي أن ينطلق منها أي إصلاح، بالنظر لما يخوله للأطفال من اكتساب مهارات وملكات نفسية ومعرفية، تمكنهم من الولوج السلس للدراسة، والنجاح في مسارهم التعليمي، وبالتالي التقليص من التكرار والهدر المدرسي.”
إثر ذلك، قدمت السيدة غيثة بدرون رئيسة المجموعة الموضوعاتية والسيدان المقرران جمال بنشقرون كريمي وحسن عديلي ملخصا حول التقرير الذي أعدته المجموعة، حيث تم استعراض منهجية العمل ومعايير التقييم المعتمدة في إعداد هذا التقرير، مع الإشارة إلى بعض الإكراهات، وخاصة المرتبطة بتفشي وباء كوفيد-19. وقد قام أعضاء المجموعة بزيارة حوالي ثلاثين مؤسسة تعليمية في أربع جهات وهي الرباط – سلا – القنيطرة، والشرق، والداخلة – وادي الذهب، والدار البيضاء – سطات، كما عقدوا اجتماعات مع عدد من المسؤولين في قطاع التربية الوطنية وقطاع الشباب والرياضة، وممثلين عن هيئات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع.
وتناول التقرير التقييم البعدي للبرامج السابقة، خاصة الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي 2000-2015، والتقييم المواكب للبرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي 2018-2028.
وقد خلصت المجموعة الموضوعاتية إلى عدد من الاقتراحات الرامية إلى تحسين وتجويد السياسات العمومية في مجال التعليم الأولي وملامسة أثرها الفعلي على الفئة المستهدفة. ودعت إلى مراجعة نموذج التكوين الخاص بالتعليم الأولي خاصة مع سياق الجائحة، والاستثمار في التطوير والبحث عن أساليب تدريس مستقبلية لهذه الفئة من الأطفال.
وقدم التقرير توصيات تصب في تعزيز حكامة القطاع، بما يساهم في الرفع من عدد المستفيدين وإرساء التوازن بين الوسطين الحضري والقروي، وتحديث الترسانة القانونية، وتأهيل البنيات والتجهيزات المدرسية، وعقد شراكات مع مختلف المتدخلين في القطاع، وتحسين وضعية وظروف اشتغال فئة المربيات والمربين، وتوفير التمويلات الضرورية، وإدماج الأطفال المهاجرين الأفارقة واللاجئين في منظومة التعليم الأولي.
وعلى المستوى التربوي والبيداغوجي، أكد التقرير على ضرورة إعادة النظر في المناهج والمقاربات التربوية، والتفكير في مفهوم التعليم المختلط المبني على الجمع بين التكوين الحضوري والحلول التكنولوجية التي تعمل على إشراك الآباء في تنمية أطفالهم، ودعا إلى بلورة سياسة تربوية دامجة.
وفي معرض تدخلاتهم باسم الفرق والمجموعة النيابية شدد السيدات والسادة النواب على أهمية التعليم الأولي بالنسبة للأجيال القادمة، مثمنين الجهد المبذول في إعداد التقرير، وداعين في نفس الوقت إلى ضرورة وضع إطار بيداغوجي مناسب لمرحلة التعليم الأولي يغطي طرق التدريس ومعايير الجودة، واعتماد رؤية تتمحور حول تكوين المربين مع مراعاة احترام مبدأي المناصفة والمساواة المجالية.
كما توقف السيدات والسادة النواب عند القصور الذي اعترى قطاع التعليم الأولي في مرحلة سابقة، مما أعاق تطوره وجعله تعليما تقليديا ضعيفا لا يفي بمعايير الجودة والانسجام، مع التأكيد على أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يشكل خطوة مهمة نحو وضع نظام تعليمي يحتل فيه التعليم الأولي مكانة أساسية.
من جهته، ثمن السيد سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الناطق الرسمي باسم الحكومة الملاحظات والخلاصات والتوصيات التي انتهى إليها تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية، وكذا الاهتمام الذي يوليه السيدات والسادة النواب للمنظومة التربوية . وأكد أن اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد أوصت في تقريرها بإنشاء منظومة متكاملة للنجاح التربوي تتضمن خمسة مكونات أهمها تطوير تعليم أولي ذي جودة مرتكز على سياسة قوية للطفولة المبكرة.
وشدد السيد الوزير على أن البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي الذي انطلق العمل به في 18 يوليوز 2018 يشكل قفزة نوعية واقلاع حقيقي في مسار تحقيق الارتقاء بوضعية التعليم الأولي. كما استعرض التطور الكمي والنوعي الذي يعرفه العرض التربوي بالتعليم الأولي وقدم معطيات حول مختلف التوصيات الواردة في تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية.
وتطرق السيد عثمان الفردوس، وزير للثقافة والشباب والرياضة، من جهته إلى أهمية مرحلة التعليم الأولي في بناء شخصية الطفل، واستعرض الحيثيات المرتبطة بتنظيم دور الحضانة ورياضات الأطفال، ومشروع تعميمها في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقدم توضيحات على ضوء توصيات التقرير.
مجلس النواب يصادق على ستة مشاريع قوانين ذات طابع اجتماعي واقتصادي وفلاحي