في خضم التغييرات الاستراتيجية التي يعيشها حزب الله عقب اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، برز اسم هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب، كخليفة محتمل على رأس التنظيم.
تأتي هذه التغييرات وسط توترات إقليمية متزايدة وضغوط دولية على لبنان وحزب الله. ورغم قلة المعلومات المتاحة عن صفي الدين، فإن المتداول عنه يُظهر رجلاً شغل مواقع مهمة في الحزب منذ تأسيسه عام 1982، حيث كان أحد الشخصيات المؤثرة في بنية الحزب الداخلية.
صعود هاشم صفي الدين: استمرار لنهج نصر الله؟
من المعروف أن صفي الدين تلقى تعليمه الديني في مدينة قم الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث رافق ابن خالته حسن نصر الله، مما يعكس أصوله العميقة في النظام الديني والسياسي لحزب الله. وعاد إلى لبنان ليتولى مناصب قيادية، منها رئاسة المجلس التنفيذي للحزب، وهو المنصب الذي يعادل عملياً دور “رئيس الوزراء” في الهيكلية الحزبية.
لكن السؤال هنا: هل يمثل صعود صفي الدين استمرارية لنهج نصر الله أم أنه سيعكس توجهات جديدة أكثر تشددًا؟ وفقًا لمصادر إسرائيلية، تُعتبر شخصية صفي الدين أكثر تطرفًا من نصر الله، وهو اتهام يدفعنا للتساؤل حول مستقبل العلاقات الإقليمية مع لبنان ودور حزب الله في أي مواجهات مستقبلية.
استمرارية أم تغييرات في القيادة؟
على مدى العقود الثلاثة الماضية، تولى صفي الدين مسؤوليات يومية في الحزب، من إدارة استثماراته إلى تنظيم شؤونه الداخلية، بينما كانت الملفات الاستراتيجية الكبرى بيد نصر الله. هذا الدور يجعله خياراً طبيعياً لقيادة الحزب في مرحلة ما بعد نصر الله، خصوصاً أنه معروف بقدرته على الحشد الشعبي والخطاب الديني القوي.
لكن السؤال المهم: كيف ستنعكس قيادة صفي الدين على التحولات الاستراتيجية لحزب الله؟ هل سنشهد تغيراً في سياسات الحزب تجاه إسرائيل، أم أن صفي الدين سيحافظ على النهج ذاته؟ الخطابات الأخيرة لصفي الدين تشير إلى تبني موقف صارم تجاه إسرائيل، حيث أكد في يوليو 2024 على الاستعداد للتضحية بكل شيء في مواجهة “العدو الإسرائيلي”. فهل تمثل هذه الخطابات تصعيدًا قادمًا في الصراع؟
الضغوط الدولية والإقليمية: هل تؤثر على مسار الحزب؟
في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على حزب الله، لا سيما مع تحركات إسرائيل العسكرية المكثفة ضد خطوط الإمداد بين سوريا ولبنان، يبقى السؤال: كيف سيواجه صفي الدين هذه التحديات؟ تقول إسرائيل إنها تحاول منع تهريب الأسلحة إلى الحزب عبر سوريا وإيران، وأنها قد تقوم بعمليات عسكرية على الحدود لمنع تسلل قوات حزب الله وإطلاق الصواريخ على المستوطنات.
وفي هذا السياق، هل سيكون لصفي الدين القدرة على الحفاظ على توازن الحزب وسط هذه الضغوط، أم أن الأحداث المتسارعة ستجبر الحزب على تقديم تنازلات؟ وكيف ستؤثر هذه التطورات على علاقاته بإيران، الداعم الرئيسي لحزب الله؟
الانتقال القيادي: ما الذي يحمله المستقبل؟
إن اختيار هاشم صفي الدين لم يكن قراراً مفاجئاً، فقد طُرح اسمه منذ أكثر من 15 عامًا كخليفة محتمل لنصر الله، خاصة بعد أن تولى مناصب رفيعة في الحزب. في الواقع، تُظهر التقارير أن إيران حددت مصير صفي الدين في قيادة حزب الله منذ عام 1994، ما يعكس أهمية الرجل في المشهد السياسي والعسكري للحزب.
لكن السؤال المركزي: هل يستطيع صفي الدين تحقيق توازن بين استمرار الصراع مع إسرائيل والحفاظ على مصالح الحزب في لبنان، أم أن التحديات الداخلية والخارجية قد تدفعه إلى تبني سياسات أكثر راديكالية؟ وهل يمكن أن يشكل ذلك نقطة تحول في مسار حزب الله، خصوصًا في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة؟
خاتمة: مسار جديد أم استمرارية؟
صعود هاشم صفي الدين في حزب الله يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الحزب ودوره في المنطقة. في ظل الضغوط المتزايدة من إسرائيل والتحديات الداخلية في لبنان، قد تكون هذه المرحلة حاسمة في تحديد مسار حزب الله القادم.
فهل سيتمكن صفي الدين من إدارة هذه التحديات بكفاءة، أم أننا سنشهد تصعيداً جديداً في النزاع الإسرائيلي اللبناني؟