محاربة الوصمة الاجتماعية: كيف يمكن للإعلام الحد من التمييز تجاه مرضى السيدا؟

0
97

التغطية الإعلامية كأداة حيوية في محاربة “داء السيدا”: تحليل معمق ودروس من التجربة الرواندية

في خضم الجهود العالمية والمحلية لمكافحة داء السيدا، يبرز دور الإعلام كوسيلة أساسية للتوعية والوقاية. مهنيون وإعلاميون مغاربة أكدوا في ندوة وطنية، نظمتها جمعية محاربة السيدا بالتعاون مع جمعيات أخرى، على أهمية معالجة الإعلام لهذا الموضوع بشكل دقيق وموضوعي للحد من انتشار المرض. هذا النقاش يطرح عدة تساؤلات حول كيفية استخدام الإعلام في خدمة القضايا الصحية بشكل فعّال، خاصة في ظل انتشار الأخبار الزائفة وتأثيرها السلبي على المجتمع.

الإعلام بين الوعي المجتمعي والمسؤولية الاجتماعية

يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر في المغرب، أشار إلى أن “الوقاية من السيدا” هي مسؤولية مشتركة بين الإعلام والمجتمع، مشددا على ضرورة الابتعاد عن الإثارة والتركيز على تقديم المعلومة الصحيحة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى يمكن للإعلام أن يؤثر بشكل إيجابي في تغيير السلوكيات الصحية دون إثارة الذعر؟. هنا يمكن النظر إلى تجربة رواندا في مكافحة الأمراض المعدية، حيث اعتمدت الدولة بشكل كبير على التغطية الإعلامية التوعوية المدعومة من الدولة والشراكات الدولية، مما ساهم في الحد من انتشار الأمراض بشكل فعال.

الأخبار الزائفة وتأثيرها على الصحة العامة

إحدى القضايا المحورية التي أثيرت في الندوة هي الأخبار الزائفة المتعلقة بالأمراض، حيث أشار عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلى أن “التضليل الإعلامي قد يؤدي إلى الرعب في المجتمع، وهو خطر كبير في حالات مثل السيدا”.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف يمكن للإعلام التصدي لهذا التضليل بفاعلية؟. تجارب دولية مثل تجربة رواندا في استخدام الإعلام لرفع الوعي حول فيروس إيبولا في عام 2014، يمكن أن تكون نموذجا يحتذى. حيث قامت الدولة بالتعاون مع المنظمات الدولية بتصحيح المعلومات الخاطئة وتوفير البيانات الدقيقة في الوقت المناسب.

الإعلام كمحفز لتغيير السلوك الصحي

مهدي القرقوري، رئيس جمعية محاربة السيدا، أكد على أن “التغطية الإعلامية لها تأثير كبير على قرارات الأفراد”. ففي حال كانت المعلومات التي تنشر غير دقيقة أو مبالغ فيها، قد يتسبب ذلك في عزوف الناس عن الفحص أو العلاج.

لكن كيف يمكن للإعلام أن يشجع على الفحص والعلاج دون نشر الذعر؟. هنا يمكن استلهام الدروس من رواندا، التي تمكنت من خفض معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري من خلال الحملات الإعلامية المكثفة التي ركزت على التوعية بالعلاج المبكر والتعايش مع المرض بدلا من تجنبه.

دور الإعلام في الحفاظ على الأمن المجتمعي

تطرق اخشيشن أيضا إلى أهمية الإعلام في الحفاظ على الأمن المجتمعي، معتبرا أن الشراكة المستمرة مع جمعية محاربة السيدا منذ عام 2007 هي نموذج للتعاون المثمر بين الإعلام والمجتمع المدني.

هذا يثير تساؤلات مهمة: هل يمكن للإعلام أن يكون درعا واقيا ضد الجهل والتمييز تجاه مرضى السيدا؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الهدف على نطاق أوسع؟. إن تجربة رواندا، التي ركزت على إزالة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض عبر وسائل الإعلام، تقدم مثالا ناجحا في هذا المجال.

التخصص الإعلامي في القضايا الصحية: ضرورة ملحة

مجاهد أكد في مداخلته على ضرورة التخصص في تناول القضايا الصحية، مشددا على أن بعض المجالات تتطلب دراسة ومعرفة معمقة لتقديم معلومات دقيقة.

فهل يمكن للإعلام المغربي أن يتبنى نهجا تخصصيا في التعامل مع القضايا الصحية؟. في رواندا، تم تدريب الإعلاميين على كيفية تغطية المواضيع الصحية بشكل مهني، مما ساعد في بناء ثقة الجمهور في المعلومات المقدمة.

خاتمة: الطريق إلى إعلام مسؤول

في خضم المعركة ضد داء السيدا، يظل الإعلام حجر الزاوية في جهود الوقاية والعلاج. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في تقديم المعلومات بشكل دقيق ومسؤول دون الوقوع في فخ الإثارة أو التضليل.

هل يمكن للإعلام المغربي أن يستلهم التجارب الدولية، مثل تجربة رواندا، لتحسين التغطية الصحية والمساهمة بشكل فعّال في الحد من انتشار الأمراض؟.

الإجابة تكمن في قدرة الإعلام على التكيف مع التطورات الحديثة في مجال التواصل والإعلام، مع الالتزام بالقيم المهنية والأخلاقيات الصحفية التي تضمن تقديم المعلومات الدقيقة وتحقيق التأثير الإيجابي في المجتمع.