الأحكام الصادرة في حق الصحفيين المغربيين سليمان الريسوني وعمر الراضي فجّر ردود أفعال غاضبة داخلياً ودولياً. وفيما أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (هيئة رسمية) أن القضيتين “توفرتا فيهما شروط المحاكمة العادلة”، تحدثت الخارجية الأمريكية عن “خيبة أمل” من مسارها..
أفاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (هيئة رسمية) في تقرير رسمي اليوم الاثنين، بأن الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي تمت محاكمتهما “وفق القانون” و”التطبيق العادل للقانون”، مشيرا إلى أنه أجرى عشر زيارات لهما وعمل على تتبع ظروف اعتقالهما ومحاكمتهما.
وسجل المجلس، في تقريره، حول خلاصات أولية بشأن ملاحظة محاكمة سليمان الريسوني وعمر الراضي على خلفية جنايات متعلقة بالعنف الجنسي، أن المحاكمتين تم فيهما “احترام شرط العلنية واستفاء مسطرتي الاعتقال المقتضيات القانونية طبقا للمسطرة الجنائية، تقديم دفاع المتهمين بطلب إجراء المحاكمتين حضوريا، وهو الطلب الذي تجاوبت معه المحكمة، احترام الآجل المعقولة في المحاكمتين”، إضافة إلى “إشعار المتهمين بالتهم الموجهة إلى كل منهما، وتمكن كل واحد منهما من الاتصال بمحام من اختياره، وتمكينهما من الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع. كما استجابت المحكمة لطلبات التأجيل المتعددة التي قدمها دفاع كل متهم على حدة من أجل تحضير المحاكمتين”.
وكان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المتوقفة عن الصدور، قد اعتقل في مايو العام الماضي على خلفيّة اتّهامات نشرها شابّ على موقع فيسبوك بالاعتداء عليه جنسيّاً، بعدما استمعت الشرطة للأخير. ولم تبدأ محاكمته إلا في فبراير الفائت.
أما الراضي (34 عاما) فاعتقل في يوليو 2020 ووجهت له تهمة “اعتداء جنسي” بعد شكوى من زميلة له في العمل، إضافة الى تهمة “تخابر” مع دولة أجنبية لم تحددها النيابة العامة.
وكانت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، أصدرت حكمها غيابيا على الصحفي المغربي سليمان الريسوني بالسجن خمسة أعوام بتهم الاعتداء الجنسي واحتجاز أحد الأشخاص، وهو ما نفاه الريسوني بشكل قاطع.
وغاب الريسوني عن الجلسات الأخيرة من محاكمته منذ منتصف حزيران/يونيو، مؤكداً في الوقت نفسه على لسان دفاعه “تشبثه بالحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك”، وسط مخاوف المتضامنين معه من تدهور صحته. لكن المحكمة قررت المواصلة في غيابه، ما جعل دفاعه يحتج بالانسحاب من المرافعات في الجلسات الأخيرة.
و يرى المجلس أن “هناك عناصر تطرح تساؤلات في سياق هاتين المحاكمتين، ليست لا خاصة بهاتين القضيتين ولا مرتبطة حصريا بهما، بل هي عناصر ناجمة عن نواقص وفجوات في القانون، لا سيما قانون المسطرة الجنائية في علاقته مع المعايير الدولية”، مشيرا إلى فقرة تهم حق المتهم في “أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام”.
كما “يدين المجلس بشدة حملة التشهير والتحرش والتحقير، المُسْتَعِرة وغير المسبوقة، التي كان ضحيتها المشتكية والمشتكي في هاتين القضيتين، فضلا عن القذف والاعتداء والتهديدات المتكررة التي مست بكرامتهما وعرضت سلامتهما وصحتهما ورفاههما للخطر”، لافتا “معاينته لانتشار قدر كبير من المعلومات الخاطئة وغير المدققة بشأن هاتين القضيتين”.
فيما أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب “بإخضاع جميع القرارات المتعلقة بالحرمان من الحرية لمراجعة قضائية مستقلة، وفقا للمعايير الدولية في هذا الشأن”، مؤكدا على “توصيته المتعلقة بمصادقة البرلمان، في أقرب الآجال، على إصلاح القانون الجنائي وتكريس مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وتوقع مآلات تطبيق القوانين “، إضافة إلى “ضرورة وضع آلية للتكفل الطبي والنفسي والقانوني لضحايا أشكال الاعتداء والعنف الجنسي”.